شحّ المياه والأمراض السرطانية يفتكان بناحية المشرَّح

168

عبدالحسين بريسم /

تعد ناحية المشرح والمناطق التابعة لها من أكثر المناطق في محافظة ميسان عرضة إلى الجفاف، وهذا واضح على مر السنوات السابقة، إذ أدى ذلك إلى هجرة العديد من سكنة الأهوار والقرى القريبة منها لأن هؤلاء يعتمدون في حياتهم على تربية المواشي والجاموس وصيد الأسماك في الأهوار.
لكن اليوم تتعرض الأهوار الى الجفاف، وهذا بدوره جعل أبناء تلك المناطق يعانون، فقد اضطر بعضهم إلى بيع مواشيهم والهجرة إلى مناطق أخرى للسكن فيها والبحث عن فرص عمل غير صيد الأسماك وتربية المواشي.
معاناة متعددة الأوجه
يحدثنا الناشط البيئي مصطفى علي خان فيقول:
“إن شحة المياه أثرت على الزراعة بشكل مباشر، إذ أن العديد من الأراضي الزراعية (تقدر بآلاف الدونمات) تُركت دون زراعة، وهذه الأراضي كانت تنتج العديد من المحاصيل الزراعية المختلفة والمتنوعة، حتى وصل الأمر في إحدى السنوات أن تلك المحاصيل حققت اكتفاءً ذاتياً في الناحية.”
أضاف خان: “لكن اليوم، وللأسف الشديد، حل الجفاف في الناحية وتحولت تلك المساحات الخضر إلى أرض جرداء خالية من النبات، وبعضها طغت عليها الملوحة وأصبحت غير صالحة للزراعة.”
ولفت خان الى “أن المناطق التي جفت الأهوار القريبة منها وتعرضت أراضيها للتصبخ هي (منطقتا صدر الكريمة والكفيص) المحاذيتان لهور (السناف) الذي تعرض للجفاف منذ سنوات، وكذلك مناطق (الخويط وزويدة والشويطي وشط الأعمى)، هذه المناطق تقع جنوب ناحية المشرح على مقربة من الأهوار، وتحديداً نهاية هور السناف، أما منطقتا (مويلحة والعوينية) فتقعان على مقربة من (بركة السودة)، التي تكوِّن جزءاً من هور الحويزة، وقد تعرضت الى الجفاف أيضاً. وما ذكر من مناطق أعلاه كانت دائماً تعاني من شحة المياه، ما دفع الأهالي الى الهجرة أكثر من مرة بسبب الجفاف، وكابد أهلها معاناة شديدة خلال الفترة الماضية، واليوم كذلك يتكرر الأمر.”
مياه ملوثة
يتابع خان: “بالإضافة إلى ذلك فإن المياه التي تصل إلى الناحية هي مياه ملوثة وغير صالحة للشرب ولا للاستخدام، إن هذا، مع ما ذكر أعلاهُ، يوجب على الحكومتين المحلية والمركزية تدارك الأمر وإنقاذ تلك المناطق، إذ أن شحة المياه أدت إلى جفاف الأهوار، وانعدام الزراعة، وبيع السكان للمواشي والجاموس في تلك المناطق، وهجرة أهالي تلك القرى، إضافة الى الأمراض التي يسببها الماء الملوث.”
الشركات النفطية
من جهته، ذكر رئيس منظمة (أبناء الأهوار) عباس هليل إن “مشكلة ناحية المشرح بخصوص الشركات النفطية العاملة ضمن الحدود الإدارية للناحية تتلخص بعدم توفير فرص عمل حقيقية للشباب، والتجاوز على حصة الناحية من خلال الاختبارات من جهة، وتسليم العمل للمتعهدين من جهة أخرى.”
وأشار هليل الى “التجاوز على حصة ناحية المشرح من المنافع الاجتماعية بجعلها مناصفة مع مركز المحافظة، وللعلم فإن الناحية هي المتضرر الوحيد من ذلك.”
انتشار الأمراض السرطانية
ونبه رئيس منظمة أبناء الأهوار الى “انتشار الأمراض السرطانية بصورة كبيرة منذ قدوم الشركات النفطية، ولا توجد أية حلول لحد الآن،
فضلاً عن التلوث البيئي الذي تفاقم بصورة مرعبة في أجواء الناحية
وما له من تأثير على المساحات الزراعية وتلف الطرق والبنى التحتية للناحية.”
ودعا الى “تدريب وتأهيل الشباب الخريجين وأصحاب المهن من قبل الشركات النفطية التي تتجاهل ذلك، برغم وجود هذا الشرط في العقد المبرم معها.”
يذكر أن ناحية المشرح هي إحدى أكبر النواحي التابعة لقضاء الكحلاء في محافظة ميسان، وقد سميت هذه البلدة بالمشرح لأن النهر الذي تقع على ضفافه هذه المدينة هو شرح من نهر دجلة، أو (الحلفاية) سابقاً لكثرة نباتات الحلفاء فيها آنذاك. وعند الاحتلال البريطاني للعراق تحولت الحلفاية إلى ناحية بالاسم نفسه عام 1920، وفي عام 1924 أصدرت الإدارة الملكية أمراً بتسميتها (المشرح) بدل الحلفاية.