شرطة المرور.. غرامات مالية لمخالفات وهمية

1٬315

أحمد سميسم _ تصوير/ صباح الربيعي/

ليس بوسع أي قائد مركبة أن يفسر الغرامات المالية المسجلة ضده كعقوبات لم يرتكبها، إلا بكونها عملية سرقة علنية للمواطنين. العديد من أصحاب المركبات ممن تعرضوا لتلك المخالفات غير القانونية أعربوا عن دهشتهم من أن تلجأ دائرة يقع تطبيق القانون في صميم عملها، الى خرقِه بشكل سافر لايمكن تبريره، مهما اختلقت الأعذار…
لسنا هنا في معرض الدفاع عمن يخالف أنظمة وقوانين المرور، وهم كثر، لكننا سنعرض حكايات عمن تعرضوا لهذه الغرامات من دون وجه حق ومن وراء ظهورهم، لأنهم لم يبلَّغوا بالغرامة حين وقوعها ولم يتسلموا وصولات بهذه الغرامات.

رجال المرور يعزون مايحدث الى التعليمات التي تصدرها المديرية بضرورة زيادة الغرامات المالية بشتى السبل، لغرض رفع الإيرادات المالية، وجلُّ هذه المخالفات وهميّ في الواقع ولا وجود لها، خاصة أنها لم تفرض مقابل وصل المخالفة، فضلاً عن معاناة أصحاب سيارات الأجرة من عدم تخصيص أماكن لوقوف مركباتهم أثناء قيامهم بنقل الركاب او نزولهم أمام المرائب الخاصة بالمحافظات في علاوي الحله والباب الشرقي وساحة عدن، وغيرها من الأماكن، حيث لا توجد أية علامات مرورية تسمح بالتوقف.

أول القصص

المواطن (مجيد كاظم)، الذي باع سيارته قبل فترة قصيرة، فوجئ بوجود غرامات على سيارته تبلغ ثلاثمئة ألف دينار وعليه تسديدها لدائرة المرور وإلا لن تتم عملية بيع السيارة.

يقول “للشبكة”: “لم يكن لدي أي علم بارتكابي لمثل هذه المخالفات، إذ لم أتسلم أي وصل بها ولم أصادف أي شرطي مرور، فضلاً عن أنني ملتزم بقوانين السير ولا أتذكر انني خالفتها يوماً.”

المخالفات التي دفعها المواطن مجيد صاغراً تتعلق كلها بالوقوف في أماكن غير مسموح بالوقف فيها، لكن الطريف في الأمر، كما يقول، هي غرامة وقوف غير صحيح في طريق محمد القاسم السريع. ويتساءل مجيد هل من المعقول أن يوقف مواطن سيارته على الطريق السريع، إلا إذا كانت سيارته قد تعطلت، وفي هذه الحالة، وهي ليست صحيحة بالطبع، لاتعد السيارة مخالفة بالتأكيد.

مواطن آخر (لم يذكر اسمه) وجد الغرامات نفسها على سيارته وهو لايعلم بها، يقول لـ”الشبكة”: في كل دول العالم، بما فيها المجاورة لنا، عندما يتم تغريم سائق السيارة لمخالفته قانون المرور يعطى وصلاً بذلك أو يوضع وصل الغرامة على زجاج السيارة، أما أنا فقد وجدت كل هذه الغرامات مسجلة على سيارتي من دون علمي، والطامة الأكبر أنها مضاعفة لأنني لم أسددها بعد فترة، فكيف لي أن أعلم بوجودها كي أسددها؟

غرامات مفاجئة

(أبو محمد)، البالغ من العمر 65 عاماً، السائق الملتزم على حد قوله بقواعد السياقة والسلامة وحزام الأمان (لم يفارق كتفه) لم يكن يتوقع أن يجد أن هنالك غرامات مالية مسجلة على سيارته في الموقع الإلكتروني لمديرية المرور العامة عندما قام بتصفح ذلك الموقع عن طريق الصدفة ليجد الكارثة!

يقول: عندما أدخلت رقم سيارتي في الكود الخاص بالموقع للدلالة على الغرامات وجدت مخالفات مسجّلة بحقي ما أنزل الله بها من سلطان، كما يقال، في أماكن مختلفة من بغداد من دون علمي ولم أبلغ بها من قبل رجال المرور في تلك المناطق، بل حتى لم يسبق لي أن ذهبت الى تلك المناطق ولم يتم إيقافي في الشارع بسبب مخالفة ما مطلقاً لأني ملتزم بقواعد السير.. إذن لماذا هذه الغرامات المفاجئة ومن دون إنذار مسبق!؟ ولماذا لم يكلف رجل المرور نفسه ويبلغ سائق المركبة بمخالفته حتى يتدارك الموقف ويقوم بتسديدها على الأقل كي لا تتضاعف؟

وأضاف: كلنا نعلم أنه عندما تحصل مخالفة مرورية في الدول الأوروبية المتقدمة المتحضرة، وحتى العربية، فإن أول شيء يقوم به رجل المرور هو إبلاغ صاحب المركبة المخالفة بغرامته أو أية عقوبة أخرى ويقوم بوضع وصل الغرامة تحت “ماسحات زجاج السيارة” بطريقة مهذبة من دون تجريح أو أي فعل فظ، هذا ما نشاهدة حتى في الأفلام والبرامج التثقيفية والترفيهية، لكن مع كل الأسف لم نر تلك المشاهد في بلادنا ونحن نجوب الشوارع ليلاً ونهاراً بحثاً عن لقمة العيش الصعبة، وأخيراً ما نكسبه بشق الأنفس ندفعه كغرامات لدائرة المرور العامة، هل يعقل هذا!؟
مخالفات غريبة !

يقول وائل الكاظمي: عندما أردت بيع سيارتي الخصوصي لأحد أقاربي، كان علية تسديد الغرامات المترتبة قبل البيع، وعندما راجعت دائرة المرور العامة قالوا إن لدي مخالفات وغرامة مالية قدرها مئتان وخمسون ألف دينار مسجلة بتاريخ 4/5/2005 في محافظة بابل، فاستغربت لأن سيارتي موديل (2014)، بمعنى أن المخالفة حصلت قبل صنع السيارة بتسع سنوات!!!، عندها تساءلت عن هذا الموضوع فكانت الإجابة غير مقنعة وضعيفة بحجة أن المخالفة حصلت عندما كان رقم السيارة (منفيست) وعند منح الرقم (الألماني) ظلت الغرامة مسجلة في ذلك التاريخ لم تدفع من الذين تعاقبوا على شراء السيارة، إذن ما ذنبي انا ؟ و برغم أنفي قمت بدفع مبلغ الغرامة التي لا أعرف شيئاً عنها ولم أرتكبها يوماً.

تفعيل دور الهاتف النقال

كمال حيدر، سائق سيارة أجرة، يقول: عندما قررت استبدال سيارتي بأخرى أحدث منها، وأثناء إنجاز معاملة البيع ذهبت الى مكتب الإنترنت لغرض الاطلاع على الغرامات المفروضة على السيارة، فوجئت بأن المبلغ تجاوز الثلاثمئة ألف دينار، وعند الاستعلام وجدت أنه تم فرض الغرامات بدون علمي وفي مناطق متفرقة من بغداد.

أضاف: إن القانون المتبع في فرض الغرامات بدون تبليغ اصحاب المركبات غير ناجح وهو يثقل كاهل المواطن(سائق المركبة) لذا نطالب بإيجاد حلول تتيح للسائق معرفة مبالغ الغرامات وذلك من خلال الهاتف النقال مثلاً الذي تحتفظ به مديرية المرور في معاملاتها او التبليغ المباشر لصاحب العجلة.

أما عقيل مأمون (موظف) فيقول: عندما كنت أسير بسيارتي قاصداً مقر عملي أوقفني شرطي المرور وطلب مني أوراق السيارة. ولما أبديت استغرابي من طلب الشرطي لأنني لم أخالف أنظمة السير أصرّ رجل المرور على موقفه، وبدأ الكلام بصوت مرتفع متعللاّ بأنه يعمل وفق المصلحة العامة، ولا أعلم ما هي المصلحة العامة في ذلك، وقطع لي وصل غرامة بـ 30 ألف دينار، لا أعلم لماذا، لذا رفضت الدفع وبالتالي تضاعف المبلغ علي.

سائقو الكيّات

سائق الكيّا (علي فاضل) يقول: نحن لنا قصص طويلة مع رجال المرور وهي جميعها محزنة، فبمجرد مروري بشارع الجمهورية والتوقف من أجل صعود الركاب الى الباص أرى رجل المرور ينظر الى السيارة ويسجل في دفتره الصغير وبدون أي كلام معي، وعندها نعلم أنه سجل رقم السيارة ومن ثم يسجله في دفتر الغرامات حيث يتضاعف المبلغ، وهكذا الحال، ليصبح مبلغ الغرامات 480 ألف دينار ما أثقل كاهلي لأن المبلغ كبير.

وتحدث سائقون لسيارات الكوستر عن مبالغ ضخمة تفرض عليهم بسبب الوقوف في أماكن غير مخصصة للوقوف، وهم يتساءلون: في أي أماكن نقف في هذه الفوضى..وكيف نواصل عملنا في نقل الركاب وليست هناك أماكن محددة خاصة بذلك؟

*كنا نعتزم عرض هذه الشكاوى على مديرية المرور قبل نشرها لكننا فشلنا بعد اتصالات عديدة ورسائل بعثنا بها الى دائرة إعلام المديرية.