(طحين الحصة) تشتريــــه (التجـــــارة) بأسعـــــار عالية ويبيعه المواطن بثمن بخس!

112

مصطفى الهاشمي
رسوم: عامر آل جازع/
تتسلم غالبية العوائل العراقية حصتها من مفردات البطاقة التموينية شهرياً، وبضمنها مادة الطحين. لكن رغبة تلك العوائل تتفاوت ما بين اقتنائه للخبز المنزلي أو بيعه إلى وكيل الحصة مباشرة مقابل مبلغ معلوم، أو بيعه مع الفائض من بقية المفردات كالزيت أو السكر أو الرز، إلى بعض الأشخاص الذين يطلق عليهم (الدوّارة) الذين يتجولون بين الأحياء في المدن العراقية.
يبيع المواطن الطحين في الغالب بسعر بخس أقل بكثير من قيمته الحقيقية في الأسواق، بينما تشتري وزارة التجارة الطحين من الفلاحين بأسعار أعلى من أسعاره عالمياً، إنها معادلة من الصعب تفكيكها، لأنها تمثل خسارة كبيرة للدولة والمواطن.
علف حيواني
تقول المواطنة (رباب عامر): “أتسلم من الوكيل حصتي التموينية من الطحين والبالغة خمسين كيلو غراماً بحسب أعداد أفراد أسرتي لكني لا أبيعه.”
بينما يقول (علي عباس)، وهو أحد (الدوّارة) الذي التقته “الشبكة” إن “هناك عدداً كبيراً من المواطنين يبيعون الفائض من موادهم الغذائية، أشتريها منهم مقابل مبالغ مالية، أما الطحين فهو من أكثر المواد الغذائية التي يرغب المواطنون ببيعها بأسعار تتفاوت بين الـ 15 والـ 25 ألف دينار، وحسب الظروف.”
ويوضح عباس أن “ما أجمعه من الطحين أذهب به إلى (علوة جميلة) عند تجار نعرفهم ونتعامل معهم يتولون جمعه وإعادة شحنه إلى الأسواق بأسعار مضاعفة، ومنهم من يعيده إلى المطاحن إذا كان الطحين نظيفاً غير تالف، أما الطحين التالف فيباع كعلف حيواني لمربي الماشية.”
معلوم أن وزارة التجارة تشتري الحنطة المسوّقة من الفلاحين والمزارعين بسعر 850 ألف دينار للطن الواحد، وهذا يعني أن كلفة كيس الطحين وزن خمسين كيلوغراماً تصل إلى أربعين ألف دينار، قبل طحنها ونقلها وتعبئتها وتوزيعها، وفي أقل الحسابات فإن تكلفتها قد تصل إلى نحو 60 ألف دينار في أقل تقدير، بينما يبيعها المواطن بسعر عشرين ألف دينار، وربما أقل، إلى وكيل الحصة الذي يقوم بدوره ببيعها إلى التاجر.
تحديث المطاحن
المدير العام للشركة العامة لتصنيع الحبوب (خالد اسماعيل النداوي) قال إن “هناك 250 مطحنة، وهي قادرة على إنتاج أية حصة تكلف بإنتاجها في الوقت الذي تحدده لهم وزارة التجارة.” مشيراً إلى أن “أداءها جيد، إذ يمكن القول إن 90 بالمئة من تلك المطاحن حدّثت خطوطها الإنتاجية وبدلت أجهزتها القديمة بهدف تحسين الإنتاج ضمن المواصفات المطلوبة.”
وأضاف أن “أسعار الطحين تؤثر على المواطن حين يشتري الخبز أو الصمون، كما أن الرقابة الصارمة أسهمت بثبات الأسعار الخاصة بالطحين خلال هذه الفترة، لأن سعر الطحين يختلف عن بقية المواد الغذائية.”
ويوضح النداوي أن “وزارة التجارة متابعة للموضوع، وهناك لجان خاصة يومية وفورية تقدم تقاريرها عن الأسعار، وفي حال ملاحظة وجود صعود فيها عن الحدود المعقولة، فإن الوزارة تتدخل بضخ كميات من الطحين إلى المطاحن.”
الرقابة والتلاعب
وعن وجود عمليات تلاعب في نوعية الطحين بين أصحاب المطاحن وبعض التجار أو الوكلاء أو حتى (الدوّارة)، قال المدير العام إن “وزارة التجارة مسيطرة على هذا الجانب، وذلك لأن اللجان المشتركة بين دائرتنا والوزارة مستمرة في عملها الرقابي والتدقيقي والتفتيشي، فضلاً عن التنسيق مع الجهات الأمنية والأمن الاقتصادي بشكل متكامل ومتناغم وإيجابي، كما أن متابعة بيع وشراء الطحين من قبل (الدوّارة) من اختصاص الجهات الأمنية بحيث تجري مساءلة هؤلاء عن الجهة التي زودتهم بالطحين، فإن كان من المواطنين فهو على الأرجح مسموح به، إما إذا كان من وكيل فيحاسب هذا الوكيل، والوضع هنا سيكون مختلفاً. كذلك هناك إجراءات بالتنسيق مع قيادات العمليات بشأن منع انتقال السيارات الناقلة للطحين من محافظة إلى أخرى، عدا المناطق المقرر أن يصل إليها الطحين فقط.”
الإنتاج والاستيراد
وبشأن إنتاج الطحين واستيراده بيّن النداوي أن “كل الطحين الموجود في الأسواق هو نتاج الحنطة العراقية التي يسوقها الفلاحون إلى سايلوات وزارة التجارة، التي بدورها توزعها على المطاحن، ما يعني أن غالبية الإنتاج محلي، إلا نسبة قليلة يجري استيرادها لتعزيز نوعية الطحين لكيلا يكون (سيالاً)، بحيث تخلط نسبة 20 بالمئة من الطحين المستورد مع 80 بالمئة من الطحين المحلي لضمان جودته ودعم استمراريته من الاستخدام بين الجمهور.”