عجز الموازنة.. الأسباب والمعالجات

14

ضرغام محمد علي

يعرّف عجز الموازنة بأنه “”الفجوة بين الموارد المقدرة والموارد المفترضة.” ويكون حاضراً عند كتابة الموازنة، سواء أكانت لمشاريع أم لمؤسسات أم لدول. ويكون تقدير العجز افتراضياً، قابلاً للزيادة أو النقصان، تبعاً لتحقق الموارد المتوقعة. وتماهياً مع القيمة الحقيقية للنفقات بعد تطبيق الموازنات.

الاقتصاديات الريعية
تعتبر الاقتصاديات الريعية، ومنها العراق، العجز، قيمة متغيرة وفق المتحقق من الموارد التي قيمتها تعتمد على حركة الاقتصاد المحلي والعنصر الاقتصادي الريعي وأداء الأسواق العالمية. لذا فإن موارد العراق ترتبط بعناصر أساسية تشكل بحدود ٨٥ إلى ٩٠ بالمئة من الموارد، هي الثروة الهيدروكاربونية الأحفورية (النفط والغاز)، التي تشكل صادراتها المورد الأساسي، وحتى الموارد الأخرى كالجبايات والكمارك والضرائب، وهي إعادة تدوير لأموال ريع مبيعات النفط، ما يشكل العمود الفقري للموازنة، وحجم وقيمة مبيعاته المتحققة هما اللذان يحددان قيمة العوائد ويبنى عليهما العجز، إذ كلما ارتفعت الموارد عما هو مقدر تقل قيمة العجز المقدر ويتحول العجز إلى حسابي فقط.
أما إذا انخفضت الموارد عن التقديرات، فإن العجز يتحول إلى عجز مركب، عجز حسابي وعجز مضاف ناتج عن ضعف الموارد، وهو ما يجعل أدوات سد العجز عاجزة عن تلبية الحاجة للموارد، فيجري حينها اللجوء إلى تخفيض النفقات الاستثمارية وجزء من النفقات التشغيلية التي يعد أكثرها نفقات حاكمة واجبة التنفيذ وهامش المناورة فيها ضعيف.
حلول سابقة
تبنت الحكومات السابقة، بسبب انخفاض تقديرات الموازنة، تماهياً مع انخفاض أسعار النفط العالمية، فرض ضرائب قيمة مضافة إلى خدمات الإنترنت والاتصالات وبعض الفعاليات الاقتصادية الترفيهية لسد العجز، ثم تطورت في مراحل لاحقة إلى ادخار اجباري للرواتب عبر استقطاع نسبة منها تعاد عند تحسن الموارد، كما حصل إبان الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، التي رافقها انخفاض حاد في أسعار النفط العالمية وارتفاع الكلف التشغيلية.
الاقتراض الداخلي والخارجي
كما لجأت الحكومات السابقة الى الاقتراض داخلياً من المصارف عبر حوالات الخزينة بسندات قصيرة الأمد، والاقتراض الخارجي، إلا أن آثار الاقتراض الخارجي الكبيرة على الاقتصاد حملت المُشرع العراقي على إيقافه والاكتفاء بالدين الداخلي.
الحاجة إلى بدائل
تشكل التجارب السابقة خبرة للحكومات اللاحقة للبحث عن بدائل تنموية تعزز الإيراد النفطي، وفي مقدمتها إنعاش الصناعة والزراعة وتفعيل الاستفادة من القطاعين السياحي والاستثماري لتعزيز موارد الموازنة، وهو ما حث الحكومة على تعزيز البنى التحتية وتفعيل التجارة العابرة، والحاجة لاتزال ماسة لزيادة جاذبية الاستثمار الصناعي والزراعي والخدمي والسياحي لتحقيق موارد إضافية تحفز الاقتصاد دون الاعتماد على إيرادات الموازنة.