عقرة.. مدينة السياحة والتنوع بامتياز
خالد إبراهيم – أربيل/
تعتبر مدينة عقرة أو (ئاكري)، كما تسمى في اللغة الكردية، واحدة من المناطق التي تتميز بمناخها المعتدل وأجوائها الرائعة ومناظرها الخلابة، وما منَّ الله عليها من سحر وجمال رباني، وأجواء رائعة ووفرة المياه والشلالات، وما يقدم هناك من قبل القائمين عليها من خدمات جليلة وكريمة.
للحديث أكثر عن مدينة عقرة التقينا السيد (عمر عقراوي)، المتخصص في مجال الآثار الذي حدثنا قائلاً:
“تعتبر عقرة من المدن القديمة على مستوى العراق، فقد عاش فيها الإنسان منذ العصور السحيقة، وحسب المكتشفات الآثارية القديمة التي قامت بها مديرية الآثار والتراث التابع للحكومة الاتحادية عام 1970، جرى مسح عدة مواقع آثارية ضمن قضاء عقرة، حيث جرى ضبط 500 موقع أثري من قبور وتلول وقلعة ومعابد دينية وبيوت تراثية.”
التعايش والتنوع
ويتميز مجتمع عقرة بالتنوع الديني، فهو مثال للتعايش الأخوي والسلمي بين مختلف الأديان والطوائف. عن هذا الجانب أضاف عقراوي قائلاً:
“المميز أن لعقرة مميزات أثرية في التعايش الديني الموجود فيها قديماً وحتى يومنا هذا، فهي مستمرة بدون أية خلافات، والدليل على ذلك معابدها المختلفة للأديان السماوية، بل حتى ما قبل السماوية، وهي باقية لم يمسسها أذى لحد الآن، وهذا دليل على ثقافة المنطقة والتعايش السلمي الأخوي الموجود فيها. وأيضاً هناك مسوحات أجريت من قبل الأجانب في القرن العشرين، ومستمرة لحد الآن، إذ نجد أن أقدم لقى أثرية موجودة في منطقة عقرة، تعود إلى مرحلة الإنسان الحجري القديم الأعلى، نحو35 إلى 30 قرناً قبل الميلاد. كما أن التنقيبات الآثارية تبين أن تاريخ المدينة أقدم من ذلك.
السياحة في عقرة لها دور فعال، وذلك نظراً لطبيعتها الجغرافية المميزة، وقد هيأت حكومة الإقليم لعقرة الدعم السياحي، وأكثرية السياح الذين يأتون الى عقرة وضواحيها هم من إخواننا العرب من وسط وجنوب العراق، وبالأخص في فصل الصيف، وفي مواسم الأعياد والمناسبات، ولاسيما في أعياد نوروز، وذلك ليتفسحوا ويتمتعوا بالسياحة الترفيهية، كذلك تضم عقرة أديرة تعود للإخوة المسيحيين، وفيها تقام طقوس دينية خاصة، ويزورونها في مواسم الأعياد الدينية المسيحية، وأيضا هنالك معابد الطريقة القادرية النقشبندية، والزوار يأتون من خارج العراق، ولاسيما من أفغانستان وباكستان والهند على اعتبار أن لهم جذوراً صوفية وطريقة مشتركة بينهم، لذا فإنهم يزورون المراقد القادرية.
توجد مسوحات كثيرة أجريت على المدينة، وبالأخص بعد عام 2010 من قبل بعثات أثرية، وهي مستمرة لحد الآن، منها بعثات إيطالية وفرنسية وبولونية وألمانية، تعمل في عقرة، إذ ينقب بعضهم في تلّين أثريين، وحصلنا على آثار قيمة تمثل تراث بلاد ما بين النهرين والعراق القديم.”
وللحديث أكثر عن عقرة التقينا السيد (بدر سنجاري)، وهو ناشط ثقافي، الذي تحدث قائلاً:
“تعتبر السياحة رافداً آخر يضاف إلى الروافد الأخرى، إذ إنها تلعب دوراً مهماً باستقطاب الطاقات البشرية، وهي تختلف عن الواردات المالية الأخرى، فهي تضم الطاقة البشرية والطاقة المالية، من الضيوف والسياح والتعرف على ثقافة البلد، إذ يكونون مراسلين لبلدانهم، فالسائح هو مراسل حي، يتعرف على ثقافة وتاريخ البلد، بالتالي سيؤدي هذا إلى التلاقح الثقافي بين الشعوب، وهذا كله له دور كبير وهو وارد بشري ومالي مهم.”
تسهيلات سياحية
يسعى القائمون على القطاع السياحي إلى تقديم كل ما يمكن تقديمه لتعزيز وتطوير القطاع السياحي، وتذليل أيه عقبات. عن هذا الموضوع أضاف سنجاري قائلاً:
“إن حكومة إقليم كردستان تلعب دائماً دوراً مهماً في تذليل العقبات وتقديم التسهيلات في الجوانب السياحية كافة، فالزوار يأتون من داخل وخارج العراق، وهذا يعتبر تسهيلاً للاستثمار في العمل السياحي والانفتاح أمام هذا القطاع المهم، فهو انفتاح عالمي، لكي نعرف كيف نستطيع استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح إلى البلاد، ما سيكون له مردود إيجابي لكل جوانب البلد الاقتصادية والسياحية وغيرها، كذلك يجري تقديم كافة التسهيلات أمام (الكروبات) والشركات السياحية، أضف إلى ذلك الكرم والطيبة اللذين يتميز بهما العراقيون أجمع من البصرة الى زاخو في استقبال الزوار، وهذا له أثر ودور إيجابي كبير في استقطاب السياح والزوار.
ومدينة عقرة تتمتع بطبيعة طوبوغرافية تختلف عن باقي المناطق والمدن الأخرى، إذ تمتاز بأشجار التين والجوز اللذين لهما مذاق وطعم لذيذ يختلف عن غيرهما، وذلك لأن الأشجار هناك تختلف في طرق السقي والرش، وأيضاً الطبيعة (الكنتورية) للمدينة، فهي تستقطب السياح كونها تضم أجواء سياحية مميزة جداً، والطبيعة فيها متنوعه من جبال وشلالات. كما أن عقرة هي مدينة تاريخية قديمة جداً، فيها تنوع وتعايش أخوي يميزانها عن غيرها، إذ إنها تضم تنوعاً ثقافياً، وتحتوي على العديد من (التكيات) الدينية، كذلك العديد من الرموز والشخصيات المهمة التي لها تأثير في المشهد العراقي.”