عمليات التجميل.. هوس أم ضرورة اجتماعية
أربيل/ كولر الداودي
استخدمت عمليات التجميل في بدايات إجرائها لترميم بعض العيوب الخلقية والتخلص من بعض الندوب غير المرغوب فيها، وقليلون جداً كانوا يهدفون من هذه العمليات الارتقاء بمقاييس الجمال ومحاولة الوصول إلى الكمال، أو تقليد بعض الشخصيات المعروفة بشكل يعتمد غالباً على المبالغة واللاواقعية. وفي كل الأحوال يمكن القول إن اللجوء إلى عمليات التجميل هو محاولة لموازنة المظهر وتجميل الملامح الطبيعية للحصول على شكل أكثر توازناً وتناغماً، وتحسين الميزات الموجودة.
بعد انتشار حمّى التنافس في الآونة الأخيرة على إجراء عمليات التجميل، لتصبح هوساً بـ (النيولوك) الذي يمحو بصمة ملامحنا، وما رافقها من تشوهات خلقية نتيجة الأخطاء الجراحية، كان لمجلة “الشبكة العراقية” هذا اللقاء مع عدد من الأطباء المختصين لمناقشة هذا الموضوع.
لمسات تجميلية
أول المتحدثين كان الدكتور سرمد نوري صادق، اختصاصي جراحة تجميلية مقيم في أربيل، الذي قال:
“في البداية يجب الإشارة إلى أن من يقومون بإجراء عمليات التجميل من الأطباء يجب أن يكونوا متخصصين في هذا المجال حصراً، ذوي خبرة عالية ومهارة كبيرة، فضلاً عن امتلاكهم خيالاً واسعاً يستطيعون من خلاله رسم صورة واضحة لنتائج التجميل قبل البدء بالعملية، إذ إن اختصاص الطب التجميلي ليس كأي اختصاص آخر يتعامل مع مريض فقط، نحن نتعامل مع إنسان يرغب في إضافة لمسات تجميلية، أو تصحيح وتغطية بعض العيوب، لذلك لابد أن يكون جرّاح التجميل ذكياً في تعامله بنجاح مع هذه الحالات.”
الأعمار الكبيرة
يضيف الدكتور صادق أن “الجراحات التجميلية في سن الشيخوخة يكون تركيزنا فيها عالياً، إذ في هذه الحالة إما أن تكون جراحة تجميلية صرفة، أو تجميلية تكميلية، أو ترميمية. فمثلاً المرأة التي تحمل مرات عدة، مع ولادات متكررة، تحدث تغييرات في هرموناتها، ويتغير شكل جسدها نتيجة تراكم الشحوم بطريقة غير متناسقة، لذا فإنها تحتاج لإعادة تناسق جسدها وتوزيع الدهون فيه. أما الأعمار الشابة فتكون عمليات التجميل تجميلية بحتة بأنواعها، من نحت وانحناءات جسدية وغيرها. وبالنسبة للسيدات كبيرات السن، اللاتي يعانين من الوزن الزائد وما يسببه من مشكلات في الفقرات والمفاصل، في هذه الحالة نضطر أن نجري عمليات تجميلية وترميمية في نفس الوقت لكي نعالج المشكلات المرضية الناتجة عن ذلك.”
وبالنسبة لعمليات التجميل للمراهقات، يرفض دكتور سرمد القيام بها، إذ يقول “نحن نستبعد هذه الحالات، ونبذل جهداً في إقناعهن بعدم اللجوء إلى التجميل لصغر أعمارهن، لكن أكثرهن لا يقتنعن ويصررن على الذهاب إلى أطباء آخرين لعمل الإجراء الجراحي التجميلي. وهنا نؤكد على ضرورة الإرشاد والتوجيه إلى الطريق الصحيح، لأن عملية التجميل لابد أن تنجز في عمر محدد عند ٢٢ سنة وما بعده.”
تشابه الأوجه
يشير الدكتور سرمد إلى “التشابه في الوجوه عند الناس نتيجة عمليات التجميل، وهذه مشكلة بحد ذاتها، ولاسيما ما يتعلق بعمليات تجميل الأنف، التي تكون نتيجتها متشابهة عند الجميع، وهذا خطأ، لأن كل وجه له قياساته، بنسب تختلف عن الوجه الآخر، وبالتالي لابد أن يختلف حجم وشكل الأنف عند كل عملية تجميلية من شخص إلى آخر”.
أهمية التخدير
بدوره، يرى الدكتور حيدر الحسن ـ طبيب تخديرـ من أربيل أن “أكثر عمليات التجميل هي عمليات تكميلية، لأن المريض يحضر للعملية بحثاً عن الكمالية، وليس لحالة طارئة أو مرَضية، لذا لابد أن يجري التهيؤ لعمليات التجميل بشكل جيد، ولا سيما أن أكثر الذين يرغبون في إجراء عمليات التجميل هم النساء، وأكثرهن يتناولن أدوية معينة ومكملات غذائية وموانع حمل، وهذه كلها تؤثر تأثيراً كبيراً في عمليات التجميل.”
يؤكد الحسن أن معظم حالات الوفاة اثناء عمليات التجميل تكون إما بسبب مكان العملية، الذي يكون خارج المستشفى في مركز التجميل، الذي يختلف عن المستشفيات، لعدم وجود صالات العمليات والأدوية والعلاجات الطبية المناسبة التي توفر الوقت الكافي وإمكانية التصرف السريع في الحالات الطارئة أثناء إجراء العملية، بينما كل هذه التجهيزات الضرورية تفتقدها مراكز التجميل.”
مصطلحات خاطئة
يسترسل دكتور التخدير في حديثه قائلاً: “هناك الكثير من المصطلحات الخاطئة التي تخص التخدير قبل العملية، منها ما يسمى إعطاء جرعة زائدة من التخدير، أو إعطاء دواء غير مناسب، وكل هذه المفاهيم غير صحيحة، إذ إن مجموعة أدوية التخدير محددة بنسب معينة، ولا تسبب الوفاة. أما حدوث حالات الوفاة أثناء عمليات التجميل فلها أسباب متعددة، منها العمر والأمراض المزمنة والوزن الزائد، وهناك سبب آخر وارد جداً حدوثه أثناء عمليات التجميل، وهو تكوّن الخثرات الدموية التي من الممكن أن تحدث في أبسط عملية تجميل، ولاسيما عمليات (الشفط والحقن)، فضلاً عن أن عمليات التجميل تحتاج إلى نوع خاص من التخدير، إذ من الممكن أن يطلب الطبيب أن يكون ضغط المريض أقل قليلاً من معدله الطبيعي، أي (نازل قليلاً)، لكي يقل النزيف خلال العملية، فتكون نتائج الشفط أفضل وخسارة الدم تكون أقل، لكن يحدث ألا يتمكن الطبيب من التحكم بمعدل ضغط الدم بصورة صحيحة، ومقدار الوقت الذي لابد أن يهبط فيه الضغط، لذا تكون حالات الوفاة واردة في عمليات التجميل.”