غرامات بأرقام خيالية

377

طه حسين /

عشرات المواطنين يتحدثون عن غرامات مرورية بمبالغ خيالية يصل بعضها الى ملايين الدنانير، جرى فرضها في أماكن يقول عنها المغرَّمون إنهم لم يسبق لهم أن وصلوها.
مواقع التواصل ضجّت بقصص عن غرامات غريبة تعرض لها سائقو مركبات، ولم يكتشفوا تلك الغرامات إلا بعد حين. لا شك في أن القوانين والأنظمة التي شرعتها الدولة، ووضعت من قبل الجهات المختصة، كانت تهدف الى تنظيم الحياة العامة للمواطن وبيان ما له وما عليه من حقوق وواجبات، واعتمدت مبدأ الثواب والعقاب في التعامل مع الحالات السلبية والإيجابية الصادرة عنه.
وبينما يتهم سائقو المركبات مديرية المرور بسوء التنظيم واتباع وسائل غير قانونية لجني أموال لمصلحة المديرية، فإن المسؤولين في مديرية المرور العامة ينفون تلك الاتهامات ويؤكدون أن الغرامات تفرض وفقاً لقانون المديرية، وما يتضمنه من غرامات مرورية وضعت بحق المخالفين، الذي يعد من أفضل التشريعات القانونية التي أريد من خلالها تنظيم حركة السير والمرور وضمان الاستخدام الأمثل للطريق من قبل مستخدميه بعيداً عن المخالفات التي تسبب الحوادث المؤلمة لا سمح الله.
هاجس نفسي
المواطن أحمد عبد السلام الحسناوي، سائق مركبة عمومي، قال لمجلة “الشبكة العراقية”: إن الغرامات المرورية، وارتفاع مقدارها، باتت تشكل هاجساً نفسياً لدى المواطن الذي لم يجد سبيلاً سوى القنوات والوسائل الإعلامية ليتمكن من خلالها إيصال صوته ومعاناته إلى الجهات المعنية.
المواطن عدنان عبد علي اللامي أكد أنه فوجئ عند مراجعته أحد المواقع التابعة لمديرية المرور العامة، لغرض تجديد سنوية سيارته، بالغرامات الهائلة المفروضة عليه لمخالفات في أماكن لم يصلها إطلاقاً، واضطر الى دفعها لكي يكمل معاملته، مشيراً الى وجود العديد من الحالات المشابهة لحالته، مطالباً الجهات المختصة بإيجاد حل لهذه المشكلة.
الحد من المخالفة
العميد حيدر كريم، مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة، ذكر لـ”مجلة الشبكة” أنه لم تفرض الغرامات المرورية من أجل إحداث ضرر مادي للمواطن أو سائقي المركبات بشكل عام، بقدر ما كان الهدف منها الحد من المخالفات المرورية التي باتت تودي بحياة آلاف المواطنين سنوياً نتيجة إهمال، أو استهتار، بعض مستخدمي الطريق من سائقي المركبات وتعمدهم مخالفة الأنظمة والقوانين المرورية التي وضعت أساساً لخدمتهم وللحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم.
ولفت كريم إلى أن الغرامات المرورية التي عملت بها المديرية قبل نحو سنتين قد أقرت من قبل مجلس الوزراء وأن المديرية هي جهة منفذة لتلك القرارات والقوانين التي توضع من قبل الجهات العليا المتمثلة برئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، مبيناً أن المشرعين حرصوا على حماية المواطنين من أي تلاعب عبر جملة من التعليمات التي نص عليها قانون الغرامات المرورية أهمها أن يتم تحرير وصل الغرامة من قبل ضباط مختصين مدربين ومعدين لهذا الغرض لضمان سلامة القرارات المتخذة من قبلهم.
شفافية الغرامات
من جهته، أشار العقيد الحقوقي محمد الدوري، مدير الشؤون القانونية في المديرية، إلى أن المادة 28 من قانون المرور نصت على أن تكون عملية تحرير الغرامة من قبل رجل المرور من خلال رصده للمخالفة، وتصدر العقوبة على وفق النموذج المرافق لهذا القانون، ويدفع مبلغ الغرامة إلى ضابط الحسابات مباشرة خلال مدة 30 يوماً من تاريخ التبليغ بالمخالفة وتحرير وصل بالتسلم، على أن تنشر الغرامات على الموقع الرسمي للمديرية خلال 72 ساعة فقط.
أضاف الدوري أن القانون نص أيضاً على أنه في حال لم تدفع الغرامة المفروضة خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ فرضها يضاعف مبلغها لمرة واحدة، ويجري تأشير ذلك على قيد المركبة في الحاسبة المركزية للمديرية، أما في حال تسديد الغرامة مباشرة او خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة من تاريخ فرض الغرامة فتخفض إلى نسبة 50% فقط من مبلغ الغرامة الكلية.
وبيّن أن قرار الحكم بالغرامة يجب أن يسلم إلى سائق المركبة، ويعد مُبلغاً في حال رفضه تسلم الوصل، أما في حال عدم وجود السائق فيلصق قرار الحكم على زجاج المركبة ويعد ذلك تبليغاً بالقرار، كما أعطى القانون الصلاحية لضباط المرور بحجز المركبة مدة لا تزيد على خمسة أيام عند ارتكاب سائقها إحدى المخالفات المرورية المنصوص عليها في المادة 25 أولاً من هذا القانون.
حق الاعتراض
وشدد مدير الشؤون القانونية في مديرية المرور العامة على حق المواطن، أو سائق
المركبة، الذي تعرض لفرض غرامة مرورية بحقه الاعتراض على تحرير تلك المخالفة، إذ نصّت المادة 30 من قانون المرور على حق المواطن في الاعتراض، في حين تقوم المديرية بتشكيل لجنة مختصة تسمى (لجنة البت في الاعتراض) برئاسة مدير وحدة الشؤون القانونية في مديرية المرور المختصة وعضوية ضابط من أمن الأفراد وضابط من شعبة التدقيق.
وبيّن أنه يحق الاعتراض للسائق المخالف على قرار الحكم بالمخالفة المفروضة بحقه لدى لجنة البت في الاعتراض خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً من تاريخ قرار الحكم، إذ أعطى القانون الحق للّجنة في تعديل أو إلغاء أو المصادقة على قرار الحكم المعترض عليه ويكون القرار نهائياً، متمنياً في نهاية حديثه السلامة لجميع مستخدمي الطريق وقيادة آمنة بعيدة عن الحوادث والمخالفات.