في ميسان.. متطوعون ينقذون ضحايا الابتزاز الإلكتروني

311

نصير الشيخ /

تتزايد حالات الاستغلال السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، التي تحولت الى مسرح يستثمره “المبتزون” للوصول الى ضحاياهم وإسقاطهم في شباك الابتزاز، كما تتضاعف مخاطر ظاهرة الابتزاز في المدن المحافظة بما يترتب على ضحاياها من تبعات أخلاقية وعائلية وعشائرية.
النتائج الوخيمة لهذه الظاهرة -على الأفراد والمجتمع- دفعت مجموعة من الناشطين للتصدي لها بجهود فردية، أسهمت بإنقاذ العديد من ضحايا الابتزاز الإلكتروني.
علي البعاج، شاب مضى يحارب هذه الظاهرة من خلال صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عام 2015، ورغم المصاعب التي واجهت فكرته، ومنها عدم تعاون الأهالي ومخاوفهم، لكنه نجح أخيراً وكسب احترام الناس وثقتهم، بعد سلسلة من الأعمال الناجحة التي تصدى فيها للمبتزين.
لا أمان على مواقع التواصل
يقول البعاج: “ليس هناك موقع آمن على مواقع التواصل الاجتماعي لارتباطها بالناس، والناس هم من يتحكمون بها، إضافة الى انعدام التوجيهات، وربما التحذيرات، لقطاع الشباب من التعامل بإيجابية مع هذه المواقع، لأن هذا الأمر يحتاج الى إشراك شرائح واسعة، وذلك بدورات تطويرية، والتعريف بـ (الأمن الرقمي).”
ويشير البعاج الى أن أكثر الذين يتعرضون للابتزاز هن الطالبات في مختلف مراحل الدراسة، اللاتي يقعن في إرباك ولا يعرفن كيفية التعامل مع هذا الوضع ما يضعهن تحت رحمة المبتز.
يوضح البعاج: من هنا كان دورنا –كناشطين- وبدون دعمٍ من أية جهة، العمل باستقلالية تامة، فقد عملنا على رصد حالات الابتزاز وتتبع مصادرها ومن ثم مخاطبة (المبتز)..!! عن طريق الوصول الى بياناته، والتحاور معه بضرورة مسح بيانات (الآخر/ الضحية) المدونة في (السليفون).
ولفت البعاج الى أن “هناك من المبتزين من يعترف بخطئهِ فيرتد عن تكرار المحاولة مستقبلاً.. ذلك لأن الجميع هم أبناء عائلات، والخطأ يرجع سلباً على سمعة العائلة العراقية. نتمنى على كل الفتيات –تحديداً- معاينة المواقع بدقة، كذلك هي دعوة للأهالي والآباء لمتابعة المواقع ورصدها في أجهزة هواتف أبنائهم وبناتهم عن طريق الاطلاع على مراسلاتهم، لأني –وبصراحة- أقول إن خلف منصات التواصل الاجتماعي الكثير من (الوحوش)، يكفي أن تقع الضحية كي يفترسها. فقد تعدى الأمر ليس للابتزاز الأخلاقي فقط، بل كذلك الابتزاز المادي (المالي)، عن طريق الدخول إلى صفحة الشخص وبياناته بحسابات وهمية، ما يجلب له الأذى في كيفية التعامل مع عملية الابتزاز ومن ثم خسارة أمواله.”
سألنا الناشط علي البعاج عن عدد الحالات الأخيرة لديه فأجاب: “عندي الآن 14 حالة على قناة التلغرام، وهناك أشخاص يديرون حسابات، وهم خارج العراق، وبصراحة تمكنوا من الحصول على صور فتيات من ميسان، وبجهد مثمر تمكنتُ من إقفال هذه القنوات. كما أن هناك ثلاث حالات على قناة إنستغرام، من ضمنها حالة سحر وشعوذة. ويشكل نشر المحادثات بين الشاب والشابة، مرفقة بالصور، أكثر المظاهر شيوعاً، وهناك حالات (قرصنة) عن طريق الدخول الى بيانات الشخص، ومن ثم ابتزازه الكترونيا. وفي هذا البيج الذي أطلقنا عليه اسم (c1) استطعنا غلق الكثير من هذه القنوات، وعملي الشخصي هو للمصلحة العامة، ومحاولة إيجابية لحماية الأسرة العراقية.”

الأمن الرقمي
المهندس حسن، أحد أعضاء الفريق، مهمته الجانب التقني في إنشاء البيج، استفاض في الحديث عن هذه المهمة قائلاً: “كان الهدف من بيج (الأمن الرقمي) في ميسان هو حماية أنفسنا من الهجمات الإلكترونية، ولكفاية إلمامي بهذا الموضوع المتعلق بحقوق الإنسان، ودخولي دورات عدة في هذا المجال، داخل العراق وخارجه، جاءت فكرة (مساعدة العامة)، أي الناس الذين يتعرضون الى ابتزاز إلكتروني، وجرى إنشاء فريق (c1)، وبدأنا مهمتنا بغلق عدد من القنوات بعد المناشدات التي كانت تأتي إلينا، وأكثرها على قناة التلغرام. وبهدف زيادة وعي الشاب تجاه مخاطر هذه المواقع أقمنا ورشاً في عدد من الكليات هنا في العمارة.”
وأكد أن عدم التعامل بدقة مع مواقع التواصل الاجتماعي كان سبباً رئيساً للوقوع في عملية الابتزاز الإلكتروني، مثلا (س) من الناس يضغط على رابط لا يعرف محتواه، وسرعان ما ينتشر فايروس معد داخل هذا الرابط يتمكن من تهكير معلوماته. يضيف: “أسعى -وبكل جهد- الى تفعيل بيج (الأمن الرقمي) في ميسان، ومن ثم الحصول على دعم من شبكات عالمية أو منظمات لتتسنى لنا كتابة برنامج لضبط الأمن الإلكتروني في المحافظة.”
نوايا حسنة
من جانبها، تؤكد عضوة الفريق صبا منشد “أن الابتزاز الإلكتروني تحول الى ظاهرة لابد من معالجتها لردم الهوة بين مستخدمي المواقع بنوايا حسنة وبين (الآخر) المترصد لضحاياه، مبينة أن سوء استخدام التكنلوجيا الحديثة ضرب مفاصل عدة من البنية المجتمعية، لذا شاركت الزميل على البعاج العمل في فريق (c1) للتصدي لمحاولات الابتزاز ولاسيما التي تتعرض لها الفتيات، واستطعت الوصول إلى أكثر من حالة.”
وبينت أنها عملت مع الفريق على غلق القنوات التي من خلالها يحاول المبتز نشر بيانات الآخر، ولاسيما الفتيات، التي تعرض عوائلهن الى إحراج كبير، بل وصل الأمر الى استغلال التصوير في الحفلات العامة ومن ثم نشر صور الفتيات على المواقع، وبهذا يكون بيج (الأمن الرقمي) أداة فعالة للتصدي لهذه الظاهرة.