كارثة الحمدانية … غمامةُ حزنٍ غطّت سماء العراق

204

إياد عطية الخالدي/
خيمت غمامة من الحزن والغضب على العراق من أقصاه إلى أقصاه بعد حريق قاعة أفراح الحمدانية التابعة لمدينة الموصل، الذي تسبب بوفاة العشرات من المحتفلين حرقاً. فيما حمّل المواطنون أصحاب القاعة الجشعين، وغياب أجهزة الدولة التي يخترقها الفاسدون، المسؤولية عما وصف بجريمة الحمدانية المروعة.
وبحسب العائلات المفجوعة فإن الحادث الأليم حدث بعد إشعال الألعاب النارية بشكل كثيف لتصل إلى سقوف البناية المشيدة من مادة ألواح “الإيكوبوند” وهي مادّة للبناء مكوّنة من الألمنيوم والبلاستيك “سريعة الاشتعال” و”مخالفة لتعليمات السلامة” المنصوص عليها قانوناً، ما أسهم في زيادة شدّة الحريق، موضحين أنّ ما فاقم الأمر هو “الانبعاثات الغازية السامة المصاحبة لاحتراق هذه الألواح”، ما أدى إلى تمدد النيران خلال لحظات لتسد كل منافذ النجاة على جموع المحتفلين، فهرع الأهالي وسيارات الدفاع وهم يحاولون إنقاذ العائلات التي حاصرها لهيب النيران القاتلة.
بينما أكدت الباحثة (إيزابيل بنيامين)، التي فقدت ابنة خالتها في كارثة الحريق نقلاً عن إحدى قريباتها التي نجت من الكارثة أن سبب الحادث هو أن إحدى النساء جفلت من صوت مفرقعات رماها طفل، وبسبب خوفها انقلبت الطاولة التي كان عليها مئات الأقداح وقناني الخمر السريع الاشتعال، فالتهب المكان بسرعة هائلة، الأمر الذي فاجأ المدعوين المشغولين بالرقص والشرب، ما أدى إلى انفجار بقية القناني التي يبلغ عددها أكثر من أربعمائة قنينة هي هدايا لحفل الزفاف.
وأكدت أن سبب اشتعال المكان بهذه السرعة هو كميات الكحول الهائلة التي كانت في وسط قاعة الاحتفال قرب الباب، ولهذا لم يستطع المدعوون الهرب لأن الباب كان يمور بالنيران المشتعلة وقناني الكحول المنفجرة ترمي بشظايا الزجاج، فحوصر الجميع وهكذا كانت الفاجعة.
ويمكن أن تستمع الى نحيب العائلات المنكوبة في الكثير من أزقة القضاء، حيث أدى الحريق الى مقتل عائلات بكاملها فيما خسر (سامان متي)، الذي وقف عاجزاً عن الكلام أبناءه وزوجته في الحادث. ويقول رجال الدفاع المدني إن العائلات المنكوبة بالكاد تعرفت على أهلها، فيما لم يبق من البناية المشؤمة إلا هيكلها الحديدي.
وعبر العراقيون عن حزنهم من خلال تفاعلهم في مواقع التواصل وإعلانهم عن حملات التبرع بالدم والأدوية للمصابين، وشارك آلاف من المواطنين في مراسم تشييع جماعي لعدد كبير من ضحايا الحريق.
المرجعية تتضامن
من جانبه، أعرب المرجع الديني الأعلى في العراق سماحة السيد آية الله علي السيستاني عن أسفه لفاجعة عرس الحمدانية، التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص كحصيلة غير نهائية بين حرق واختناق.
وجاء في بيان صادر عن مكتب سماحة السيد السيستاني، حصلت “مجلة الشبكة ” على نسخة منه: “تعرب المرجعية الدينية العليا عن بالغ الأسى والأسف لحادث الحريق المروّع الذي وقع في قضاء الحمدانية وأسفر عن سقوط مئات الضحايا والمصابين”.
وأضاف البيان: “وإذ تقدم المرجعية تعازيها للعائلات المكلومة وتبدي تضامنها معها، تسأل الله العلي القدير أن يربط على قلوبهم بالصبر ويشمل الضحايا بواسع رحمته ويمنّ على المصابين بالشفاء العاجل”.
إعلان الحداد
فيما أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الحداد في جميع أنحاء البلاد لمدة 3 أيام على أرواح الضحايا، في حين شكّلت السلطات العراقية لجنة تحقيق للوقوف على ملابساته.
بدوره، أعلن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري عن وصول الإمدادات الطبية فوراً الى مشافي مدينة الحمدانية، كما كشف عن تعويضات لذوي الضحايا، مؤكداً “العزم على محاسبة المقصرين وكل من تسبب بالكارثة”.
إلى ذلك، أفاد فرع الهلال الأحمر في المحافظة أن حصيلة الضحايا غير نهائية بعد لكنها قد تتجاوز “مئات الجرحى وعشرات القتلى”. أما الهلال الأحمر العراقي فأعلن عبر حسابه الرسمي في فيسبوك أن الحادث خلّف 450 ضحية، من دون أن يحدد عدد القتلى والمصابين.
لجنة تحقيقية
وأكد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري أنه تم تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحريق ستقدم توصياتها خلال 72 ساعة، وأضاف أن الوضع في مستشفيات الموصل أصبح تحت السيطرة بعد وصول تعزيزات طبية من بغداد.
وبحسب الدفاع المدني العراقي فإنّ “معلومات أولية” تشير إلى استخدام ألواح “الإيكوبوند” وهي مادّة للبناء مكوّنة من الألمنيوم والبلاستيك و”سريعة الاشتعالساهمت بزيادة شدّة الحريق، موضحا أنّ ما فاقم الأمر هو “الانبعاثات الغازية السامة المصاحبة لاحتراق هذه الألواح”.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني جودت عبد الرحمن إن ما تسبب بهذا العدد الكبير من الضحايا هو أن “مخارج الطوارئ كانت مغلقة، والمتبقي باب واحد هو الباب الرئيس لدخول وخروج الضيوف”. وأضاف أن “معدات السلامة غير ملائمة وغير كافية للمبنى” ما فاقم أيضا من ارتفاع الأعداد.
ووفقاً لرواية ابنة عم العريس التي نجت بأعجوبة من الكارثة فإن النيران اشتعلت في البداية في سقف القاعة وبدأت تتساقط على شكل كتل نارية تحرق كل شيء وأنها لم تعرف كيف خرجت ومن أنقذها بعد أن زحفت الى أحد الأبواب فيما الكتل النارية تتساقط حولها.
كلمة القضاء
وقال مجلس القضاء الأعلى في العراق في بيان إن قاضي التحقيق المختص أصدر التوجيهات للأجهزة الأمنية بالقبض على المتسببين في حادث الحريق، وأكد اعتقال عدد من العاملين في قاعة المناسبات، ولاسيما المشرفين على نصب الألعاب النارية التي كانت السبب الرئيس في اندلاع الحريق.