كان انقراضها وشيكاً عودة الدببة إلى مواطنها الأصلية في جبال العراق

668

ضحى مجيد سعيد /

الدب يعاود الظهور في جبال العراق الشامخة شمال البلاد من جديد، لكن هذا الظهور الجديد لم يكن طبيعياً، بل كان عبر مساعدة الانسان.
وقبل الخوض في طريقة عودة الدببة إلى الظهور من جديد، لا بد من الإشارة إلى كيفية انقراض هذه الدببة من شمال العراق ومناطق أخرى فيه، إذ شهدت الفترات السابقة نشاطاً دؤوباً للصيادين، ما أدى إلى أسر كثير من الحيوانات البرية، ومنها الدببة، بهدف التجارة تارة وبهدف الاقتناء تارة أخرى. للأسف هذا هو حال عدد كبير من الحيوانات البرية في أغلب البلدان العربية. ولا شك في أن الحروب أثرت تأثيراً كبيراً أيضاً في هجرة عدد كبير من الحيوانات البرية أو اختفائها أيضاً. وبالعودة إلى آليات ظهور الدببة في جبال شمال العراق فقد أطلقت منظمة التعاون الكوردي الأميركي للمرة الثانية ستة دببة في جبل كَارا بإقليم كوردستان، على غرار ما قامت به قبل عامين، إذ أطلقت حينها ثلاثة دببة الأمر الذي ساهم بازدياد أعداها في الجبال، وقد جُلب خمسة من هذه الدببة من محافظتي البصرة والناصرية جنوب العراق، قسم منها تبرع بها أصحابها، كما أن واحداً منها من أربيل.
رئيس منظمة التعاون الكوردي الأميركي (بلند بريفكاني) قال في بيانات وتصريحات صحفية: نرمي إلى زيادة أعداد هذه الحيوانات التي انقرضت على مدى السنوات الأخيرة بسبب الحروب. كما لفت بريفكاني إلى أن لديهم خططاً جديدة للقيام بأعمال مماثلة في مناطق أخرى بإقليم كوردستان، وشملت قبل ستة أعوام إطلاق ستة دببة في جبل هلكورد أيضاً.
وقال بريفكاني أن الهدف من جلب هذه الدببة وإطلاقها في البرية هو لأجل القضاء على ظاهرة تربية الدببة في المنازل، فضلاً عن الحفاظ عليها من الانقراض. وأوضح أن ثلاثة من الدببة التي أطلقت ذكور، موضحاً أن هذه الخطوة جاءت للحفاظ على تنوع الحيوانات البرية في جبال إقليم كردستان، على حد وصفه.
في سياق متصل، يتعلق بحياة هذه الدببة في البرية، يقول الطبيب البيطري والناشط في مجال حقوق الحيوان (سليمان سعيد): إن تربية الدببة أو النمور أو الأسود في المنازل أصبحت نزعة جديدة لدى العراقيين، ويشير سعيد إلى أن هذه الدببة معرضة لخطر الانقراض في العراق بسبب الصيد غير المشروع والحروب وعدم وجود تدابير لحماية الحياة البرية، إذ تشتري العائلات الغنية الدببة البنِّية التي ترغب في إبقائها بالمنزل، مضيفاً أنه في بعض الأحيان يسرق الصيادون صغارها من أمهاتهم.
ورغم الاختلاف بين بريفكاني وسعيد في كيفية إطلاق الدببة في الجبال، إلا أنهما يتفقان على أن العراق بحاجة إلى قانون يمنع إبقاء الحيوانات البرية في المنازل.
ومن أجل تسليط الضوء أكثر على آثار هذه الخطوة وإيجابياتها التقينا الطبيب البيطري (فارس العنزي)، وفي سؤالنا عن مدى نجاح هذه الخطوة يقول العنزي: إن عملية الإطلاق هذه تنطوي على مخاطر عدة، بعضها يتعلق بقدرة هذه الدببة على الحصول الطعام، ولاسيما أنها اعتادت في الأسر على وفرة الطعام ولم تعتد على صيد طرائدها أو الوصول إلى الطعام في البرية.
وفي سؤال عن احتمالات أن تتحول هذه الحيوانات البرية إلى تهديد لحياة الناس، أوضح العنزي أن هذا الأمر يعتمد على قدرة هذه الدببة في الوصول إلى مصادر طعامها، وفي حالة عدم قدرتها على هذا الأمر كونها لم تعتد على بذل جهد للوصول إلى الطعام إبّان أسرها في الاقفاص، فربما تتحول إلى تهديد كونها ربما تتجه إلى الطرقات المأهولة بالناس فتخيفهم وتتسبب بمشكلات.
تجدر الإشارة إلى أن عملية إطلاق ستة دببة في البرية تزامنت مع هجوم هذه المجموعة من الدببة على صحفيين ومتفرجين ورجال إنقاذ وسيارات تابعة للمواطنين وهروب الجميع خوفاً من الدببة التي أطلق سراحها في تلك المنطقة.
ولغرض الوقوف على آراء الناس في هذه الخطوة التقينا السيدة أم حسنين (ربة منزل، 35 عاماً) وسألناها عن رأيها بوجود الدببة في البرية، تقول أم حسنين: إن الخطوة قد تكون إيجابية للبيئة لكن يجب أن ترافقها عملية رعاية وإشراف مستمرين من قبل الجهات المختصة على حركة هذه الدببة خشية أن تصل إلى مناطق مأهولة بالسكان. تضيف أم حسنين: إن الشعور بوجود حيوانات برية ربما تكون متوحشة أيضاً في مناطق قريبة وربما تصل إلى الطرقات الواصلة بين المناطق بحثاً عن الطعام، وحده كفيل بخلق الخوف في داخلنا، لذا نطالب الجهات المختصة أو المسؤولة عن هذه الخطوة بأن يكون هناك إشراف على حركة هذه الدببة وتنقلاتها حفاظاً على أرواح الناس.
طرحنا السؤال ذاته على السيد أبي أرسلان (كاسب، 45 عاماً)، فأوضح قائلاً: إن الكثير من العائلات تخرج للتنزه في المناسبات وتتجه إلى الجبال، لكن الآن وبعد إطلاق عدد من الدببة ستكون هناك خشية من التنزه في المناطق البرية والمفتوحة على الجبال، وعلى الجهات المختصة أن تقوم بوضع هذه الدببة في محميات معزولة تماماً لنضمن عدم خروجها من هذه المحميات كي يبقى الجميع في مأمن منها، ويقول أبو أرسلان إن الخطوة بحد ذاتها جميلة وتبدو إيجابية للبيئة .
تجدر الإشارة إلى أن توقيت إطلاق هذه الدببة تزامن مع عيد الحب، ولعل هذا يحيلنا إلى تأمل علاقة الدببة بعيد الحب، فكثير من الناس ربما لا يعرفون روابط هذه العلاقة، فما علاقة الدب الذي يوصف بالافتراس والتوحش بالحب، ولاسيما أنه لا يتصف بالوفاء أو الألفة، المعلومات تشير الى أن السبب الوحيد الذى يفسر علاقة الدباديب بعيد الحب هو امتلاكه الحاسة السادسة وحاسة الشم القوية لديه وهما أمران تمتلكهما المرأة بجدارة وتستعين بهما كثيراً بعد الزواج لتكشف خطوات حبيبها!
ومع خطوة إطلاق سراح هذه الدببة في البرية، التي وصفت بأنها إيجابية حفاظاً عليها من الانقراض، يأمل المواطنون ألّا تكون الحاسة السادسة لهذه الدببة قوية باتجاه المناطق المأهولة بالسكان وأن تبقى موجودة في المناطق البرية بعيداً عن المواطنين.