ليالي رمضان وموائد الصائمين العامرة

400

ضحى مجيد سعيد/

تتميز مائدة شهر رمضان المبارك الفضيل بخصوصيتها، من حيث تنوعها وما تشتمله من وجبات طعام تحرص العائلات على تجهيزها في هذا الشهر، فضلا عن الحلويات المتنوعة.
تقول أم كريم، البالغة من العمر ستين عاماً: إن “المطبخ العراقي متميز بأكلاته الشهيرة، ونحن نبدأ بالتسوق والتبضع لتجهيز موائد الإفطار، التي عادة ما يتميز فيها طبق الحساء (الشوربة)، فضلاً عن التمر واللبن والعصائر، إضافة الى أكلات أخرى (كالدولمة والمسكوف والبرياني).”
لمة الأسرة
وفي ما يتعلق بالذكريات حول شهر رمضان، توجهنا بالسؤال الى السيدة بروين صديق، موظف في وزارة الهجرة، التي قالت إن “أجمل ما في أيام رمضان هو اجتماع الأسرة على مائدة واحدة، حيث يحرص الجميع على الحضور قبل مدفع الإفطار.”
تضيف بروين “كنا نراقب الأكبر منا سناً من أهلنا كيف كانوا يمارسون طقوس رمضان بدءاً من الإفطار، مروراً بالعبادات والصلوات، وصولاً الى السحور، وانتهاء بصلاة الفجر الجماعية داخل البيت. لقد كانت أجواء رائعة أحاول الآن أن أكررها داخل أسرتي الجديدة للحفاظ على طقوس هذا الشهر الفضيل المبارك.”
كذلك تقول أسمر غازي (أم هفال)، المعلمة التي تبلغ من العمر أربعين عاماً: “كنت في بغداد وقتذاك، وأتذكر كيف كان الصغار يجوبون الأزقة قبل حلول العيد ويهتفون (ماجينا يا ماجينا حلي الجيس وانطينا)، وكان أهل البيوت يعطونهم بعض النقود، كما أتذكر أيضاً المسحراتي وطبله، وقد كان صوت الطبل يخيفني في البدء، لكن سرعان ما اعتدنا عليه، وكان والدي يأخذنا الى خارج البيت لنراه وهو يضرب على الطبل لينبه الأهالي إلى موعد السحور، ذكريات جميلة جداً نتمنى أن تحافظ كل الأجيال على طقوسها في شهر رمضان .”
حاولنا التعرف أكثر على طقوس رمضان، من خلال اللقاء بـ (أبي نوزاد)، صاحب مخبز في منطقة شورش، يقول أبو نوزاد “تتزاحم الأسر على الخبز الحار قبل الإفطار بوقت قصير، وهذا الأمر يسبب زحاماً كبيراً علينا.”
وعن الطقوس الرمضانية في أربيل، يذكر أبو نوزاد أن “الزيارات المتبادلة بين الأسر كانت من أهم الطقوس، فضلاً عن الصلوات الجماعية في المساجد”، واستدرك قائلاً “كانت بعض الأسر تذهب الى المطاعم وقت الإفطار، ولاسيما تلك المطاعم الجوالة المتخصصة بشيّ اللحوم (التكّة والكباب) في منطقة القلعة ومناطق تيراوة والإسكان، كانت هناك أيضاً أمسيات رمضانية تحضرها العائلات في المطاعم، لكن اليوم، في ظل جائحة كورونا، ضعف الإقبال على المطاعم.”
ليالي رمضان
فيما يقول فرست سعيد صاحب مطعم (ذا ديت) في أربيل: إن “إقبال الأهالي على المطاعم خلال أوائل ليالي رمضان أكبر من العام الفائت بكثير، ربما الأمر يتعلق بانحسار وباء كورونا في العراق.” وإنه يأمل في أن تستمر الأسر في ارتياد المطاعم وأن تعود الطقوس كما كانت في سابق عهدها.
من جانبه، يشرح أبو جنار، البالغ من العمر ٥٤ عاماً، جانباً من طقوس الشهر الفضيل ويقول: “كنا في السابق خلال أيام رمضان نتبادل الزيارات أثناء الإفطار مع الأهل والأقارب بشكل يومي، إذ تجدنا، في كل يوم من أيام رمضان، عند إحدى الأسر من الأقارب، واليوم، وبعد انحسار وباء كورونا، أعتقد أن هذه الطقوس ستعود أيضاً، أنا وأسرتي بدأنا من الآن نستقبل دعوات الإفطار من الأهل والأصدقاء، ونوجه بدورنا الدعوات لهم أيضاً.”
وفي سؤال عن أسعار البضائع وأحوال السوق، يقول أبو جنار: “اعتدنا في كل الأيام التي تسبق شهر رمضان أن يقوم التجار برفع أسعار السلع، ولاسيما تلك المتعلقة بأكلات رمضان، نتمنى أن تكون هناك مراقبة على أسعار السوق، لكن البعض من التجار يتذرع اليوم بانخفاض سعر صرف الدينار أمام الدولار، والبعض الآخر يتحدث عن أن الحرب الروسية الأوكرانية هي السبب.”
وعن ذكرياته في شهر رمضان، يقول أبو جنار: “ترتبط لعبة المحيبس بشهر رمضان، ربما هي اليوم ليست رائجة في محافظات الإقليم، لكنها حاضرة في المحافظات المجاورة، كالموصل وكركوك، وكنا عندما نتزاور مع الأصدقاء نتذكر كيف كان الشباب من كل منطقة يتبارون مع شباب المنطقة الأخرى، وتكون الهدايا توزيع الحلويات على الحضور في آخر المباريات.”
وأعرب أبو جنار عن تمنياته في أن يمن الله بالخير والاستقرار على الإقليم وباقي ربوع البلاد.