مسيحيـــــو بلاد ما بيـــــــن النهريـــــــــن.. الدفاع عن الجذور
د. سعد سلوم
يعيش معظم المسيحيين في بغداد وسهل محافظة نينوى وإقليم كردستان العراق. ويتوزع مسيحيو العراق إلى مجموعات عرقية وكنسية عدة، أهمها الكلدان الكاثوليك (حوالي ثلثي المسيحيين)، وأتباع الكنيسة الآشورية في الشرق، فضلاً عن السريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الأرثوذكس، والإنجليكان، والإنجيليين، وغيرهم من أتباع الطوائف البروتستانتية. لكن الوزن الديموغرافي يتفاوت بين طائفة وأخرى.
تشير بعض التقديرات إلى أن الكلدان يشكلون ما يقدر بنحو 80 في المئة من مسيحيي العراق تمثلهم كنيسة كاثوليكية تابعة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، لكنها تحتفظ بطقوسها وتقاليدها الشرقية. يقع مقر الكنيسة في بغداد، ويرأسها الكاردينال لويس روفائيل ساكو، وهناك 110 كنائس كلدانية في جميع أنحاء العراق. من جانبهم، يشكل السريان حوالي 10 في المئة من المسيحيين العراقيين، مع أغلبية كاثوليكية (مقر كنيستها لبنان)، وأقلية أرثوذكسية يعقوبية (مقر كنيستها في سوريا). تضم مدن قره قوش (الحمدانية أو بغديدا) وبعشيقة وبرطلة، في سهل نينوى، أكبر تجمعات السريان في البلاد. ويضم العراق 82 كنيسة سريانية كاثوليكية وأرثوذكسية.
أما الآشوريون، الذين يتبعون الكنيسة الآشورية الشرقية، فيشكلون حوالي 5 في المئة من المسيحيين، وفرّ بعضهم إلى العراق من هكّاري والأناضول بعد المذابح التي وقعت عليهم في أواخر عهد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. يضم العراق 21 كنيسة آشورية، 17 منها في بغداد. وبعد فرارهم من ذات المذابح في الفترة بين عامي 1915 و1923، استقر بعض الأرمن في العراق، إلى جانب جماعات أرمنية أقدم، وهم يشكلون حوالي 3 في المئة من المسيحيين العراقيين ويمتلكون 19 كنيسة أرمنية أرثوذكسية وكاثوليكية. علاوة على ذلك، يشكل المسيحيون العرب حوالي 2 % من مسيحيي العراق، ينتمي بعضهم لكنائس السريان والروم، إلى جانب ثلاث كنائس للروم الأرثوذكس، وأربع كنائس قبطية أرثوذكسية في بغداد،
و57 كنيسة للروم الكاثوليك في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى عددٍ صغير من البروتستانت.
يعد المسيحيون ذكر اسم ديانتهم في الدستور العراقي للعام 2005 المادة (2-2) اعترافاً رسمياً بهم على مستوى الدستور، وبشكل عام يذكر قانون الطوائف الدينية في العراق لعام 1981 أربع عشرة طائفة مسيحية معترف بها رسمياً، هي التالي : طائفة الكلدان الكاثوليك، طائفة المشرق الآشورية، الطائفة الآشورية الجاثيليقية، طائفة السريان الأرثوذكس، طائفة السريان الكاثوليك، طائفة الأرمن الأرثوذكس، طائفة الأرمن الكاثوليك، طائفة الروم الأرثوذكس، طائفة الروم الكاثوليك، طائفة اللاتين، الطائفة البروتستانتية والإنجيلية الوطنية، الطائفة الإنجيلية البروتستانتية الآشورية، طائفة الأدفنتست السبتيين، الطائفة القبطية الأرثوذكسية.
للمسيحيين تمثيل في ديوان أوقاف الديانات الثلاث، التابع لمجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية، الذي يحمل تسمية أوقاف المسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين، وإعطاء أولوية لتسمية المسيحيين في اسم الديوان، دلالة على كونهم الجماعة الدينية الأكبر بعد الأغلبية المسلمة، كما أن هناك مديراً عاماً لشؤون المسيحيين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان العراق، ونص قانون رقم 4 لحماية المكونات في إقليم كردستان العراق لسنة 2015 على الاعتراف بالمسيحية في مادته الأولى فقرة 2 كإحدى المجموعات الدينية في إقليم كردستان.
كانت للمسيحيين مشاركة في العملية السياسية منذ مراحلها الأولى (تأسيس مجلس الحكم، كتابة الدستور، التمثيل في البرلمان الانتقالي)، ولهم كوتا في البرلمان الاتحادي. وللمقارنة بين تمثيل المسيحييين بين بغداد وأربيل، نذكر بأن برلمان كردستان يضم 111 مقعداً، تتوزع هذه المقاعد كالتالي: مئة مقعد للأكراد، وخمسة مقاعد للتركمان، وخمسة مقاعد للكلدان والسريان والآشوريين، ومقعداً واحداً للأرمن. أما البرلمان الاتحادي فيتكون من 328 مقعداً، تتوزع كالتالي: 320 مقعداً للمسلمين، وخمسة مقاعد للمسيحيين، ومقعداً واحداً لكل من الإيزيديين والمندائيين والشبك.
مع استمرار نزيف الهجرة، توزع مسيحيو العراق حول العالم، حيث أعيد توطينهم في بلدان مثل أستراليا وكندا والسويد، فضلاً عن البلدان المجاورة. لكن مع ذلك حملت الزيارة الأولى لبابا الفاتيكان في آذار 2021 الآمال للمسيحيين في البلاد، ولاسيما بعد الظروف العصيبة التي واجهتها الأقليات في البلاد بعد غزو تنظيم داعش. وفي جولته في العراق، زار الحبر الأعظم كنائس في بغداد والموصل وسهل نينوى، فضلاً عن زيارة مدينة النجف الأشرف ومدينة أور الأثرية وإقامة قدّاس فيها، واختتم ذلك بزيارة إقليم كردستان وإقامة قداس في ملعب فرانسوا حريري حضره الآلاف من المؤمنين. وكانت هناك توقعات إيجابية متفائلة من أن يكون للزيارة تأثير على مستقبل المسيحيين وعلاقتهم مع بقية مكونات المجتمع العراقي.