مظهر لائق يناسب المعلمين.. التربية تثير الجدل في توجيه عن الزي الموحد

132

بغداد/ علي غني/
أثيرت في وزارة التربية نقاشات جديدة بين الهيئات التعليمية والإدارات المدرسية بعد توجيه غامض من الوزارة عن زي المعلمين والمدرسين للعام الدراسي الجديد (2023-2024)، إذ نص التوجيه على “أن يكون المدرس قدوة لطلابه في السلوك، ولاسيما في المظهر ونظافة البدن والملابس، كذلك بالمحافظة على الدوام والمواعيد وعلى قواعد النظام وبالكفاية في أداء الأعمال والتسامح واللطف ورعاية الآخرين.”
التوجيه ختم : “نرجو إلزام الهيئات التعليمية والتدريسية بالزي الرسمي خلال الدوام في المدارس.” وهنا تكمن المشكلة، إذ لم يتضمن التوجيه أي تحديد للون أو نوع الزي، سواء أكان للرجال أم النساء.
المدرس قدوة!
تقر الست (أسيل كمال)، من (مدرسة ابن الأرقم الابتدائية) بأن غالبية الإدارات والمعلمات لم يفهمن محتوى الكتاب، فبعضهم -كما تقول الست أسيل- فهم أن “الالتزام بالزي يعني الملابس المحتشمة، وهذا التوجيه ليس بجديد، لكن لم يطبقه أحد، والدليل ان معظم موظفات التربية لم يلتزمن بالزي المقرر، وأعتقد أن التربية لو اهتمت بتوفير الماء الصالح للشرب للتلاميذ وتصليح الشبابيك والحمّامات في بداية العام الدراسي لكان ذلك أحسن من توجيهات غامضة تحتمل أكثر من تفسير.”
على النقيض من الست أسيل، اعتبرت الدكتورة (جنان اسماعيل طه)، المشرفة التربوية في تربية الكرخ الثانية: أن “التوجيه لم يأت اعتباطاً، بل إنه تنفيذ للمادة (39) من نظام المدارس الثانوية رقم (2) لسنة 1977 المعدل، الذي يؤكد على أن المدرس هو قدوة لطلابه في السلوك وفي العناية بالمظهر ونظافة البدن والملابس.”
توجيه جيد
وترى الدكتورة جنان أن “هذا التوجيه جيد، ويجب متابعته من قبل الإشراف التربوي والاختصاصي، إذ إن التزام المعلم والمدرس بالزي الرسمي يعكس احترام الهيئات التدريسية والتعليمية للقوانين والأنظمة، كما أنه يسهم في جعل البيئة التعليمية منظمة ومحترمة، فهو يشجع على البساطة والاحتشام وتجنب لبس الأزياء التي لا يتقبلها المجتمع.”
وتضيف: “يعد المعلم -أو المدرس- نموذجاً وقدوة للتلاميذ والطلبة، وبالتالي سيكون ذلك حافزاً للطلبة للالتزام بالزي الموحد الذي حددته وزارة التربية للعام الدراسي الحالي. إنها ظاهرة حضارية يجب الالتزام بها، فضلاً عن أن لذلك فوائد جمّة، فهو ينمي حب النظام، لأن الطالب يعكس من خلاله استعداده النفسي للانضباط السلوكي داخل المدرسة وفي المجتمع بشكل عام. كما أنه ينمي روح المساواة بين الطلبة كافة، ما يزيد من روح المودة والألفة بين جميع الطلبة على الرغم من اختلاف بيئاتهم وطبقاتهم. وعليه فإن التزام الهيئات التدريسية والتعليمية بالزي الرسمي بات أمراً ضرورياً يجب تطبيقه وتعميمه في المدارس الحكومية والأهلية على حد سواء، لما له من آثار طيبة في البيئة المدرسية، تنعكس بصورة إيجابية على الطلبة الذين هم بناة المستقبل والجيل الذي نعتمد عليه.”
صفاء الذهن
فيما تضيف الأستاذ المساعد الدكتورة (منى حيدر عبد الجبار)، رئيسة قسم في جامعة بغداد/ كلية التربية للبنات، نكهة خاصة ومشجعة عندما تقول: “لقد أثبتت الدراسات النفسية بأن تنسيق الألوان الأساسية له تأثير على صفاء الذهن والعقل والحكمة والذكاء وتقدير الذات، ولاسيما في المؤسسات التعليمية الخلاقة بالإبداع والابتكار والتجدد، فكما قال بيكاسو (إن الألوان مثلها مثل الملامح، تتبع المشاعر)، أي أن للون تأثيراً قوياً على المزاج، وحتى على الأفعال والسلوك والاتجاه.”
من جانبه، يرى الأستاذ (قتيبة قاسم) أن “المؤسسة التعليمية في وزارة التربية هي الجهة الثانية بعد الأسرة أو العائلة، التي تمثل بدورها العشيرة أو القبيلة، إذ إنها يجب أن تقوم بدورها في إعداد وتربية وترويض وتلقين الأجيال ومن ثم تعليمهم، كما يتوجب عليها أن تطابق في تعليماتها المؤسسة الأسرية، لذا بات واجباً عليها الحفاظ على طلابها من الانحلال ونزع القيم العشائرية والأسرية.” بدورها، قالت الست (ميادة محمود) من جامعة بغداد: “نعم ممكن جداً أن تلتزم الهيئات التعليمية بالزي المحتشم، إذ إن ذلك سيضيف إلى التعليم بصمة أخرى تعكس جمالية ونظام المسيرة التعليمية، سواء لدى الأساتذة أو الطلبة جميعاً، وكأنهم حمامات سلام باستطاعتنا تمييزهم عن الأشخاص الآخرين من ناحية الملبس.”
ملابس محتشمة
إلى ذلك، عدّ الأستاذ (وسام عبد الخضر الربيعي)، اختصاصي تربوي، مسؤول التفتيش التربوي في تربية الكرخ الثانية أن “تطبيق الزي الرسمي والموحد للهيئات التربوية خطوة ممتازة في الطريق الصحيح، وأتمنى أن يعمل به بنحو جدي، وليس بكتاب يتداول بين الأوساط التربوية، إذ إن الزي الرسمي الموحد لا يمكن تحقيقه من خلال فرض لون معين واحد، لأن الالتزام باللون قد يرافقه عدم الالتزام بالحشمة، وللظروف التي يمر بها بلدنا من أجواء ومناخ استثنائي. كذلك لا يمكن فرض لبس البدلات الرسمية على المدرسين، بل إن الأفضل التركيز على الزي المحتشم الأنيق غير المبهرج، اللائق بمكانة المدرس ودوره التربوي، لكن دون تحديد موديل معين، مع مراعاة عدم لبس البنطلونات الضيقة والممزقة وذات الألوان الخارجة عن الذوق العام.”