معرض العراق الدولي للكتاب “”من قلبي حروف لبيروت””
زياد العاني
اختتمت مؤخراً الدورة الخامسة لمعرض العراق الدولي للكتاب، التي كانت تحت شعار “من قلبي حروف لبيروت”. وتضمن المعرض مشاركة واسعة لدور النشر بأكثر من 350 دار نشر عربية وأجنبية، فضلاً عن دور النشر العراقية. ويذكر أن الافتتاح كان بحضور دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ونخبة من المثقفين العراقيين.
ضم المعرض طيلة أيامه العشرة، منذ الصباح حتى المساء، فعاليات متنوعة واستضافة شخصيات ثقافية وفكرية عديدة، من بينها شخصيات عربية وأجنبية مؤثرة في الساحة الثقافية والفنية. حملت هذه النسخة من المعرض، اسم ” لبنان”، بعدما حملت النسخة السابقة اسم “فلسطين”، تعبيراً عن التضامن مع الشعب اللبناني الشقيق الذي يواجه عدواناً آثماً.
شجرة الأرز
شهدت أيام المعرض، الذي زينت مدخله شجرة الأرز اللبنانية، تخصيص جلسات حوارية وثقافية موسعة عن لبنان، شارك فيها مثقفون ومختصون لبنانيون، كما كانت أروقة المعرض مليئة بصور الرموز الثقافية اللبنانية، وكان التراث اللبناني حاضراً في كل مكان، حتى على مستوى الموسيقى التي انتشر صداها في عموم المعرض وخارجه، كانت حصرياً لفنانين لبنانين مثل فيروز وغيرها. وتضمن برنامج المعرض أيضاً جلسات فكرية وثقافية عديدة، أسهم فيها مثقفون وكتّاب من العراق، وجلسات شعرية، وحفلات توقيع كتب جديدة، وحفلات فنية متنوعة، بالإضافة إلى ندوات تناولت الحراك السياسي في العراق، وأبرز المستجدات في الوضع السياسي. بالإضافة إلى مشاركة واسعة من مؤسسات ثقافية وفنية عراقية في هذه التظاهرة من خلال برامج متنوعة، وأجنحة خاصة لها تعرض فيها نتاجاتها الثقافية، منها شبكة الإعلام العراقي، والمجمع العلمي العراقي، واتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، ودار الشؤون الثقافية، وغيرها من المؤسسات. ومن بين الأسماء التي أحيت أصبوحات وأمسيات المعرض، الشاعر اللبناني شوقي بزيع في لقاء مباشر مع الجمهور، ولقاء مع كاتب “رعب أذكار الموت” حسن الجندي، والإعلامي يوسف حسين (جو شو)، والمخرج المصري خالد يوسف، والفنان اللبناني أحمد قعبور، والكويتي أحمد علي عبد الله، وشخصيات عراقية كثيرة، منها استضافة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي، وسروة عبد الواحد، وغيرهم.
استنهاض الثقافة
تحدثت د. غادة العاملي، مدير عام مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وهي الجهة المنظمة لهذا المعرض قائلة: “بعدما حملت النسخة السابقة اسم فلسطين، وقبلها حملت أسماء أدباء لهم شأن كبير في مسيرة العراق الثقافية والأدبية، مظفر النواب، وغائب طعمة فرمان، وهادي العلوي، أطلقنا على هذه الدورة اسم – من قلبي حروف لبيروت – تضامناً مع شعب لبنان الذي يتعرض إلى عدوان صهيوني غاشم، وأن المؤسسة تسعى لاستنهاض الثقافة وأدوات المعرفة.” مشيرة إلى أن “معارض الكتب التي تنظمها (المدى) تهدف إلى خلق تفاعل مباشر بين الجمهور وصانعي القيم الإبداعية والثقافية.” مشيرة إلى أن “هذه الدورة شارك فيها أكثر من 350 دار نشر لأكثر من ثلاثين دولة، عرض من خلالها أكثر من مليون عنوان كتاب، جلّها حديثة، وربما بعضها طبعت في السنوات القلية الماضية.” وأضافت أن “المعرض لن يشتمل على بيع الكتب فقط، وإنما كان غنياً بالندوات على مدار الأيام العشرة، وناقش موضوعات مختلفة بتواجد ضيوف المعرض، إضافة إلى مختصين في الشأن السياسي العراقي وكافة الحقول الأخرى.”
ضيوف المعرض
إلى ذلك، قال ممثل وزارة الثقافة القطرية المشاركة في المعرض إبراهيم المهندي: “نحن الجهة الرسمية الممثلة لدولة قطر في المعرض، وكانت لنا مشاركة سابقة مع أشقائنا في العراق في معرض الكتاب السابق.” وأضاف “شاركنا بمجموعة من الكتب التي تمت طباعتها في قطر، وهي تحمل اسم الوزارة، في دورة المعرض لهذا العام، والجمهور العراقي متابع جيد لإصداراتنا التي تدعم بأسعار رمزية دعماً وتشجيعا للمعرض وجمهوره، ونحن سعداء جداً بهذه المشاركة، التي أعطتنا الفرصة للتعرف عن قرب على الجمهور العراقي المثقف.”
أما الكويتي د. حسين كرم مدير (دار نشر كلينيكوم الكويتية) فقال، “فوجئت بما شاهدته من حضور نوعي لجمهور واعٍ محب للقراءة، أنا بصراحة هذه مشاركتي الأولى في العراق، بل الزيارة الأولى، وقد أبهرني كل شيء، التنظيم، ودور النشر المهمة، والجمهور الرائع، كل شيء غاية في الجمال، أتمنى للعراق دوام التقدم والازدهار.”
فيما قالت الناقدة د. موج يوسف، باعتبارها إحدى زائرات المعرض: “معارض الكتاب التي تقام في بغداد، تحديداً، في هذه الظروف الحالية، تعد تحدياً كبيراً، وحالة من التعافي والاستقرار، لأن الثقافة تتطلب الاستقرار لتنمو وتنضج وتكبر، وبهذه الدورة والدورات السابقة، هناك احتفاء بالعرب والضيوف الوافدين، والمثقفين العراقيين، ناهيك عن الاحتفاء بالكتاب نفسه، ولاسيما بوجود العائلات، أو المهتمين بالشأن الثقافي، أو طلاب الجامعات، هي ظاهرة مبشرة بالخير لمستقبل زاهر إن شاء الله.”
ختاماً.. يرى الكثيرون في معرض العراق الدولي للكتاب مساحة ثقافية جامعة، ووسيلة فاعلة للخروج من الصراعات ومواجهة الظروف السياسية المضطربة وخلق مجتمع المعرفة والانفتاح، ولاسيما على الأطفال والنساء الذين يواكبون المعرض بأعداد غفيرة في دورته الحالية.