معوقات تقف في طريق تطور صناعة السيارات العراقية

275

طه حسين – تصوير: علي الغرباوي /

يعد إغراق السوق المحلية بالبضائع المستوردة من الخارج، التي لا تتطابق مواصفاتها مع أبسط معايير أو مقاييس السيطرة النوعية المعتمدة دولياً أو محلياً، مشكلة متجذرة وعقبة كبيرة أمام تطور الصناعة في البلاد. ومما زاد في الطين بلّة هو منح الأذونات وتراخيص الاستيراد لمن هب ودب لاستيراد جميع المواد وإدخالها إلى البلاد دون حسيب أو رقيب، وما يسببه استيراد هذه المواد من ضرر بالصناعة الوطنية التي باتت لا تمتلك مقومات المنافسة مع البضائع المستوردة بسبب رخص أسعارها، على الرغم من التفاوت الكبير فيما بينهما من ناحية الجودة. هذه الأسباب وغيرها تفرض على القائمين والمشرفين على ملف إعادة تطوير الصناعة المحلية إعادة النظر في الخطط الموضوعة لمعالجة هذا الملف الحيوي الكبير.
منتجات قديمة ومتضررة
المواطن (سالم عبد الكريم الحريشاوي) أكد أن “معظم المواد المستوردة من الخارج هي مواد متضررة وقديمة مضت على صناعتها سنوات عدة، فضلاً عن أنها لا تتطابق في مواصفاتها مع الصناعة المحلية، إذ أنها صنعت وفقاً لمتطلبات وقياسات الأسواق الأوروبية أو الأميركية، التي تختلف في أجوائها وظروفها عن مثيلتها في العراق.” مشيراً إلى أن “السيارات والمركبات المستوردة من الأسواق الأجنبية تكون في الغالب زهيدة الثمن قياساً بالسيارات المنتجة في البلاد، أو تلك المستوردة من قبل وزارة التجارة، لأن الأولى سيارات متضررة فاقدة لشروط السلامة والأمان نتيجة الخلل أو الحادث الذي تعرض له هيكل أو بدن المركبة.”
الرغبة في شراء المستعمل
المواطن (قصي جواد كاظم) قال في حديث إلى “مجلة الشبكة” إن “غالبية المواطنين يرغبون في شراء السيارات والمركبات المستعملة المستوردة من الخارج، لأنها في الغالب تتمتع بمواصفات عالية جداً، إضافة إلى رخص ثمنها قياساً بالسيارات المنتجة محلياً، التي لا تكون في الغالب بنفس المواصفات، وتعرض بأسعار عالية بسبب كونها جديدة وغير مستعملة.”
غياب التنافس
معاون المدير العام للشركة العامة لصناعة السيارات المهندس (حسين أحمد محمود) ذكر أن “الشركة تعاني من قلة إقبال المواطنين وشركات القطاعين العام والخاص لشراء منتجاتها من الشاحنات الكبيرة بجميع أنواعها، على الرغم من الجودة العالية التي تمتاز بها منتجات الشركة لهذا النوع من الشاحنات.” مؤكداً أن “الشركة تحرص على شراء منتجاتها من اللوريات والشاحنات من كبريات الشركات العالمية المتخصصة بصناعة هذا النوع من المركبات، التي تشرف إشرافاً مباشراً على آلية تصنيع وتجميع المركبة خلال سيرها على خط الإنتاج إلى حين انتهاء جميع مراحل العمل بصورة كاملة، مع التشغيل والضمان.” مشيراً إلى أن “دخول الشاحنات من منافذ عديدة غير رسمية تسبب بهذا العزوف عن منتجاتنا، ولاسيما المنافذ الشمالية غير الخاضعة إلى رقابة الحكومة المركزية.”
دعم حكومي
وطالب محمود الوزارات والدوائر والشركات التابعة لها بضرورة التعاون مع الشركة ودعمها من خلال شراء منتجاتها من مختلف انواع الشاحنات اللوري وراس تريلة والحوضية وغيرها، التي أعدت إعداداً خاصاً لخدمة متطلبات عدد كبير من الدوائر الرسمية، كشركات وزارات النقل والتجارة والبلديات والإسكان وأمانة بغداد وغيرها من مؤسسات الدولة الأخرى. مطالباً في الوقت نفسه الجهات ذات العلاقة، كرئاسة الوزراء والمنافذ الحدودية والجمارك العامة، بضرورة تشديد الرقابة على البضائع الداخلة وفرض الرسوم الجمركية المطلوبة لتتمكن الشركة من منافسة البضائع المستوردة وبيع منتجاتها، مشدداً على أن هذا الإجراء يأتي في إطار دعم وتشجيع الصناعة الوطنية.
خطط واعدة
ولفت محمود إلى أن “الشركة تعمل وفق الخطة التي أعدتها لتطوير واقع العمل فيها، إذ تسعى من خلالها للوصول بمنتجاتها إلى المواصفات المطلوبة عالمياً، ولاسيما أن الشركة لها خبرة في مجال تصنيع وتجميع السيارات تمتد لأكثر من أربعة عقود.” مشيراً إلى أن “بعض منتجات الشركة من السيارات الصالون تلاقي إقبالاً واضحاً وطلباً متزايداً، ولاسيما السيارات من نوع (سايبا)، التي هي امتياز من شركة (كيا) الكورية الجنوبية، إضافة إلى مبيعات السيارات الأخرى كسيارات (البيجو بارس) وسيارات (البايك) الصينية الصنع وغيرها من الأنواع التي تقوم الشركة بإنتاجها.
تنويع المصادر
ويوضح محمود أن “الشركة تعمل حالياً على إضافة خطوط إنتاج لتجميع وصناعة سيارات جديدة من شركات عالمية معروفة، إذ أن لدينا عقوداً مع شركتي (رينو) و(بيجو) الفرنسيتين لصناعة السيارات والشاحنات، وشركة (فولفو) السويدية، وشركة (مان) الألمانية، وكذلك شركة (هينو) اليابانية، وشركتي (هيونداي) و(كيا) الكوريتين، إضافة إلى التعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والصين لتجميع أكبر عدد من السيارات المصنعة في إيران والصين، وذلك لرخص أسعارها وكثرة الطلب عليها من قبل زبائن الشركة الراغبين بشراء واقتناء السيارات الخصوصي.”
منافذ غير رسمية
وكشف معاون المدير أن “الشركة، تشجيعا منها للمواطنين على شراء منتجاتها، عملت على عرض منتجاتها من السيارات الصالون والشاحنات كافة للبيع بطريقة التقسيط المريح من خلال الاتفاق مع عدد من المصارف الحكومية، كالرشيد والصناعي والتجاري والرافدين والزراعي ومصرف النهرين، التي تقوم بدفع مبالغ السيارات للشركة واستيفاء تلك المبالغ من المواطنين بطريقة التقسيط المريح، إذ يقوم الراغب بالشراء بدفع مقدمة بسيطة والباقي يدفع على شكل اقساط شهرية.”
خطوط إنتاجية جديدة
مدير مصنع السيارات والعجلات التخصصية في الشركة (ناهض رشيد خليل)، أكد في حديثه إلى “مجلة الشبكة” أن “الشركة تمتلك مصانع ومعامل عديدة لتصنيع وتجميع السيارات، منها معمل إنتاج سيارات الصالون والمعدات التخصصية، الذي يتكون من أربعة خطوط إنتاجية: الخط الأول هو خط (إيران خودرو)، المسؤول عن تجميع سيارات (بيجو) بانواعها: السمند، البارس، وجي إل اكس، وهو عبارة عن ثلاثين محطة تجميعية يبدأ العمل فيها بعد تسلم بدن السيارة مصبوغاً وجاهزاً، تجري بعدها عملية تركيب بقية أجزاء السيارة المتكونة من ألف ومئتي جزء، من بينها المحرك وصندوق السرع.” لافتاً إلى أن “الإنتاج اليومي لهذا الخط يصل إلى معدل سبع عشرة مركبة يومياً.”
مواصفات قياسية
وأشار إلى أن “الإنتاج خاضع لشروط فحص جهاز التقييس والسيطرة النوعية، إذ أن كل مركبة لديها بطاقة فحص تبدأ من المحطة الصفرية المسؤولة عن غسل وتهيئة البدن، لتنتهي بالمحطة النهائية التي تسمى (فحص استوائية الإطارات wheel alignment) ، وبعدها محطة فحص قدرة المحرك وصندوق السرع والموقف ( البريك)، اليدوي والعادي، لتنتهي عملية الفحص بدخول السيارة إلى المضمار بمواصفات قياسية عالمية تشمل مطبات وصعود ونزول، بإشراف خبراء متخصصين.”
وأضاف خليل أن “الخط الثاني هو الخط المسؤول عن تجميع سيارات (سايبا وطيبة وصبا)، وبمعدل إنتاج يومي يصل إلى عشرين سيارة، كما أن الشركة حرصت على إضافة مواصفات جديدة لسيارات السايبا والبيجو.”