من طبق (الجولاش) المجري الى (اللبلبي) العراقي أشهر الأطباق الشتوية في العالم

216

ترجمة: آلاء فائق/
الذاكرة، الحنين، التقاليد والانتماء: بعض العواطف التي تثار عندما نأكل، أو نفكر أحياناً بطعام مريح. عندما نتوق لهذه الأطباق في الليالي الطويلة المظلمة الباردة، فهذا ليس مجرد شعور بالسعادة؛ فالطعام اللذيذ الدافئ يغرس فينا شعوراً بالارتباط والانتماء.
تعد هذه الأطباق سمة من سمات ثقافات الطهو في جميع أنحاء العالم، بدءاً من طبق (الجولاش) المجري المحبوب الى طبق (اللبلبي) العراقي، وطبق (البوبوتي) الجنوب إفريقي وحتى (نودلز الرامن) الياباني. تظل العادات والتقاليد تشكّل جزءاً من الحياة، وتحرص غالبية شعوب العالم على إبقاء جذوتها متقدة كي لا تضيعها أساليب التقدم العلمي والتقني الذي يشهده العالم في كل لحظة، وجزء من هذه العادات هو الحفاظ على إعداد وجبات أجدادنا اللذيذة.
وجبات عراقية
تحرص العائلات العراقية كافة على استحضار الأطباق التي تشكّل جزءا من التقاليد العريقة، وكذلك في المحافظة على إعدادها كي تبقى متقدة في ذاكرة وذائقة الأجيال مع تقدم الزمن. ويحفل الشتاء بالعديد منها: دبس وراشي (ترويقة صباحية)، أو فاكهة الشتاء كما يحلو للبعض تسميتها، الباجة (تحظى بشعبية خاصة)، (الفسنجون)، من الأطباق الشهيرة جداً لدى العائلات الكربلائية، تشريب اللحم والدجاج، شوربة العدس والماش، تشريب البامية، وهو من الوجبات التي ما زالت تعدها العراقيات في المنازل وتطبخ باللحم والضلوع وعصير الطماطم، (الدولمة) بمذاقها اللذيذ، التي ينفرد العراقيون بإعدادها عن باقي الدول، (شلغم) بالدبس، (المدكوكة)، الذرة والبلوط المشوي على الصوبة الذي يجمع أفراد لعائلة ليلاً.
اللبلبي
من الأكلات الشعبية المفضلة التي يقبل عليها العراقيون شتاءً، للذتها ودفئها وفي نفس الوقت كونها من الوجبات غير المكلفة مادياً، يشعر من يتناولها بالنشاط والحيوية لمكوّناتها الغنية بالحديد، عادة ما يؤكل اللبلبي ساخناً، إذ يُنقع الحمص بالماء ليلة كاملة، ثم يترك على نار هادئة حتى يصبح طرياً. وتغص ذاكرة العراقيين بأحلى الذكريات عن هذه الوجبة الشعبية المميزة، ولاسيما ذكريات الطفولة وقت خرجوهم من مدارسهم ليجدوا بائع اللبلبي بانتظارهم هو وعربته المحتضنة قدر اللبلبي الساخن، المزينة بقناني الليمون وعلب الفلفل، ومن النادر أن تجد أحدهم يحيد عن شراء (طاسة) اللبلبي.
الفوندو السويسري
مشاركة وعاء الجبن المغلي هو جوهر العمل الجماعي، وهو ما قد يفسر سر تفضيل تناول (الفوندو) في عيد الحب. في سويسرا، يجري الاحتفاظ بـ (الكاكلون – وعاء الفوندو) دافئاً على الطاولة باستخدام شمعة أو مصباح كحولي. تقليدياً، يفرك الكاكلون بالثوم مع خلط المزيج بالجبن والنبيذ وماء الكرز، تغمس بعد ذلك قطع صغيرة من الخبز (وأحياناً اللحوم أو الخضار) بالمزيج الشبيه بالحمم البركانية باستخدام شوكة طويلة السيقان.
(بوخالو باخس) البرتغالي
يعتبر سمك القد المملح أحد المكونات المعتمدة في جميع أنحاء البرتغال، إذ يظهر بمئات الأطباق التقليدية، لكن يمكن القول إن أكثرها قيمة هو طبق (البوخالو)، إذ تخلط شرائح سمك القد المعاد ترطيبها مع البصل المقلي بلطف والثوم والبقدونس الطازج والبيض المخفوق، يعد هذا طبقاً أساسياً شائعاً في مطاعم (التاسكا) البرتغالية، وتستخدم كمية صغيرة من الأسماك، كما أنه طبق الأطفال المفضل الذي اعتادت العديد من الأسر البرتغالية على طهوه بانتظام.
(البيروجي) البولندي
طبق وطني عبارة عن فطائر محشوة، مسلوقة ومقلية، يمكن أن تكون حلوة أو مالحة، يصنع من عجينة القمح، وغالباً ما يكون حشوها بالبطاطس فقط، على الرغم من أن الخيارات الشائعة الأخرى تشمل البطاطس والجبن واللحوم والخضراوات، ولأن تجميعها معقد بعض الشيء، فإن إعداد إطباقه يقتصر على العطلات، ومنها عشية عيد الميلاد، إذ تستمتع معظم العائلات البولندية بالبيروجي ومخلل الملفوف مع الفطر.
(الجولاش) المجري
طبق لحم بقري يذوب في الفم بنكهة فلفل البابريكا الحلو والثوم وبذور الكراوية، معروف بكونه طبق او حساء الراعي في القرن التاسع. لكن اضافة الفلفل الحلو المحمص والمطحون بعد ستة قرون لهذا الطبق هو الذي مهد الطريق لشعبيته، فإضافة التوابل تضفي نكهة دخانية مميزة عليه.
(الكونغي) الصيني
يحتوي طبق الإفطار الصيني الكلاسيكي، او (الكونغي)، او عصيدة الأرز، على ميزتين أساسيتين من الأطعمة المريحة، فهو عنصر أساسي في نظام الأطفال الغذائي، كما أنه يعطى للمرضى أثناء فترة النقاهة. إنتاجه رخيص للغاية، على الرغم من أنه يتطلب بعض الصبر لأنه يتطلب غلي الأرز بالماء حتى تبدأ الحبوب تنهرس لتكوين حساء سميك. إذا كان هذا يبدو لطيفاً بعض الشيء بالنسبة للمبتدئين، فيمكن أيضاً تبديل الكونجي باستخدام المرق بدلاً من الماء، أو وضعه فوق الثوم أو الزنجبيل أو شرائح البصل الأخضر. غالباً ما يجري تقديمه مع أعواد العجين المقلية المستخدمة للتغميس.
(الخيجري) الهندي
(عناق في وعاء)، هي الطريقة التي تصف بها الطاهية البريطانية الهندية مونيكا طبق (الخيجري)، وهو طبق بسيط من وعاء واحد يؤكل في الهند منذ الطفولة المبكرة. رخيص الثمن وسهل الصنع، يستمتع به الأشخاص من جميع الطبقات أو المعتقدات أو الثروات، إذ يمزج الأرز بالعدس والتوابل معاً، والطبق قديم يمتد لقرون مضت، يوفر هذا الطبق للهنود راحة خاصة، ولاسيما خلال أيام الرياح الموسمية الباردة والأكثر رطوبة.
(البوبوتي) الجنوب إفريقي
نشأ (البوبوتي)، المعروف باسم (شاي بابور)، بين مجتمعات (كيب مالاي) في جنوب إفريقيا، ونما ليصبح نوعاً من الهوس الوطني. هناك العديد من الطرق لطهوه، لكنه بالأساس عبارة عن قاعدة من اللحم المفروم المتبل بالكاري وأوراق الغار، وغالباً ما تضاف إليه الفواكه المجففة، وتعلوه كريمة البيض والحليب، ثم يخبز في الفرن حتى يصبح مقرمشاً. والنتيجة النهائية هي طبق منزلي لذيذ كفطيرة الراعي.
(الرامين) الياباني
انتشر حساء الرامين بشكل واسع ليس في جميع أنحاء اليابان فحسب، بل في جميع أنحاء العالم. جرى استيراد هذا المرق السميك وغير اللزج أصلا من الصين، شدة هلامية هذا الحساء تجعل الشفاه ملتصقة. تنتشر مطاعم (رامينيا) في كل مكان، بدءاً من المطاعم العادية التي تقدم أطباقاً رخيصة الثمن لكنها لذيذة إلى تلك التي حصلت على نجمة ميشلان. المعكرونة طويلة ومرنة، وتحتوي على الدجاج المحمر والبيض المسلوق والأعشاب البحرية المجففة.