موظفات يختلسن الرواتب ويتلاعبن بالسجلات العقارية

684

بشير الأعرجي/

لفترة طويلة، كانت زينة الموظفة في أمانة بغداد “ايقونة” الاختلاس لدى موظفات الدولة العراقية، وصوّرها الإعلام على أنها الوحيدة من النساء اللواتي اختلسن مبالغ فاقت الـ 14 مليار دينار من مرتبات الأمانة.

لكن مع البحث في ملفات القضاء، وسؤال المسؤولين عن الجهات الرقابية عن عدد الموظفات المختلسات أو المتورطات بتزوير السجلات العقارية وباقي المحررات الرسمية الأخرى، تبين أن أعدادهن كبيرة،
والأموال المختلسة تجاوزت 200 مليار دينار، فهل هذا من فراغ؟

ألف دينار..

إحدى موظفات وزارة الشباب والرياضة، وتحديداً المسؤولة عن صرف رواتب أحد أقسامها، ضبطها مكتب المفتش العام بقضية اختلاس رواتب منذ العام 2009 ولغاية أسابيع مضت، وبلغت قيمتها نحو 700 مليون دينار، ولما اخضعت للتحقيق، قالت أن المبلغ يمثل “زيادات” في الرواتب لا تتجاوز ألف أو ألفي دينار فقط!.

وفي مقابلة مع “الشبكة”، قال المفتش العام لوزارة الشباب والرياضة حسن العكيلي إن فريقاً من المكتب قام بتدقيق قائمة رواتب موظفي أحد أقسام الوزارة لشهر محدد، فتبين وجود فروقات مالية بحدود 15 مليون دينار، وهي ناجمة عن تلاعب بالبيانات والأرقام.

وأشار الى أن الفريق ومن أجل ألا يثير الشك، قام بعمليات تدقيق لعدد من الملفات، ومن بينها قوائم الرواتب، فانحصرت الأدلة على موظفة الحسابات التي اتضح أنها تقوم بعمليات تلاعب واختلاس بالأموال منذ العام 2009.
وأوضح أن هذه الموظفة تقدم قوائم رواتب الى التدقيق، فيقومون بعملهم، وتستحصل الموافقات بالصرف، لكنها تقوم لاحقا بتقديم قوائم أخرى تلاعبت ببياناتها، وتتضمن زيادات في مبالغ المجموع الكلي للرواتب، وبذلك تختلس الأموال بشكل مستمر.

المواجهة بالجرم

وأضاف العكيلي: عند مواجهة الموظفة بما حصلنا عليه من نتائج التدقيق انكرت ذلك، وقالت أن الزيادات لا تتعدى الألف أو الألفي دينار فقط وهذا أمر طبيعي في قوائم الرواتب، لكن مع طرح الأدلة على تلاعبها بمجاميع الرواتب، انهارت واعترفت بعمليات الاختلاس، واحيلت الى القضاء.
وتابع بالقول: باشرنا بتدقيق قوائم الرواتب للسنوات الماضية، فوجدنا أنها بدأت بالاختلاس بمبالغ بسيطة منذ عام 2009، لترتفع المبالغ بشكل كبير حتى وصل مجموع ما اختلسته الى نحو 700 مليون دينار. وأكد أن طمعها بأموال الدولة أدى بها الى التهلكة.

اللعب بالسجلات العقارية

قبل سنوات، قامت مجموعة من موظفات مديرية التسجيل العقاري التابعة لوزارة العدل في كركوك، بعمليات تلاعب بالسجلات العقارية، من خلال تحويل ملكية بعض العقارات التابعة للدولة أو لمواطنين الى أشخاص آخرين، وطبعاً هذا التلاعب مقابل مبالغ خيالية.

مصدر في وزارة العدل تحدث لـ”الشبكة” عن صدور حكم قبل أيام بحق الموظفات الثلاث، وصدر غيابياً، لأن الموظفات المؤتمنات على أملاك الدولة والمواطنين “هربن” الى جهة غير معلومة برفقة الملايين، وربما مليارات الدنانير.

وأشار المصدر الى أن الموظفات الثلاث، حوّلن ملكية عقارات بأسماء أشخاص، وتلاعبن بالسجلات العقارية من خلال اتلاف أوراق مهمة واستبدالها بأخرى، باستغلال مناصبهن في إتمام عمليات البيع والشراء وقبض مبالغ ضخمة، وقد تكون هذه الأموال ساعدتهن في الهرب من 12 سنة سجن، لكن الى متى يبقين هاربات؟.

ليست الأولى

وحادثة تلاعب الموظفات الثلاث ليست الأولى، اذ سبقتهن موظفة قامت بتزوير أوراق رسمية وتلاعب بالسجلات نجم عنها ضياع 169 مليار دينار، نتيجة تحويل جنس الأراضي من زراعي الى صناعي أو سكني، إضافة الى التلاعب بمساحات هذه الأراضي بتحويل الخمسة دوانم الى 50 وربما 500 دونم بإضافة الأصفار الى الرقم الأصلي، وكل هذا من أجل الحصول على قروض من المصارف الحكومية التي تحول الأموال الى جيب هذه الموظفة المتعاونة مع مجموعة أشخاص نهبوا أموال المصارف المخصصة الى المشاريع الصناعية والقروض.

إختلاس رواتب الأرامل والمطلقات..

موظفة أخرى، طالت يدها رواتب الرعاية الاجتماعية وأغراها تجمع الأموال أمامها وأرقام صرفها الكبيرة، فقامت باختلاس نحو 450 مليون دينار.. وهربت مع الغنيمة من دون أن تفكر بمصير “زينة” المؤتمنة على رواتب أمانة بغداد والمحكومة بالسجن المؤبد.

هذه الموظفة، وبحسب ما ذكره بيان لهيئة النزاهة قامت بتزوير البصمات في كشوفات الرواتب الخاصة برواتب الأرامل والمطلقات، ووصل مبلغ الاختلاس الى نحو 500 مليون دينار، وحكمت عليها المحكمة بالسجن 15 عاماً، لكن هذا الحكم لم ينفذ، لأنها هربت بنصف مليار دينار، وتركت سيئات الحظ من الأرامل والمطلقات من دون راتب، وزادت طينة حياتهن بلّة.

دوافع الإختلاس

تكرار حالات الاختلاس والتلاعب بالسجلات الرسمية من قبل الموظفات ليس حالة عرضية، بل هناك دافع نحو قيامهن بذلك الفعل.

المفتش العام لوزارة الشباب والرياضة عاد من جديد ليؤكد أن: من خلال عملي الرقابي منذ سنوات طويلة، وجدت أن الموظفة التي ترتكب المخالفات والاختلاسات، يقف أمامها عائق يتعلق بالخوف، لكن حينما ينكسر هذا الحاجز ويغيب عامل التردد، فأنها تسير في طريق الخطأ حتى النهاية من دون أن تضع حداً لعمليات الاختلاس.

واضاف: غالبا ما يتعامل الإعلام مع حالات الفساد على أن مرتكبيها من الرجال فقط، غير أنه في الحقيقة تتواجد حالات كثيرة لموظفات قمن بمخالفات واختلاسات لا تقل خطورة عن ممارسات الرجال، وهذا أمر مؤسف بأن تجد الجنس اللطيف ملوثاً بالمال الحرام.

واكد: أن ضعف الرقابة وآلياتها، وعدم الالتزام بالضبط الداخلي هي من أسباب قيام الموظفات بالاختلاس والتزوير، ولكن هناك سبب يغيب عن الكثيرين، وهو تسبب “رجل” في التلاعب بعواطف تلك الموظفة ودفعها لمشاطرة الشيطان خططه، والاختلاس من أجل الغير.