نســــاء في حيــــــاة الإمـــــام الكاظــــم (ع)

216

هند الصفار /

لعبت النساء أدواراً مهمة في الرسالة المحمدية السامية، فقد أعطاهن الإسلام مساحة واسعة من الاهتمام، وصولاً في بعض الأحيان إلى القدسية والتفضيل على كثير من الرجال. وقد جسد هذا الأمر رسول الله (ص) وأهل بيته تجسيداً كبيراً حين أناطوا بنسائهم مهام جسام.
ولم يكن الإمام الكاظم (ع) مختلفاً عن أسلافه، فقد لعبت النساء أدواراً مهمة ومختلفة خلال فترة إمامته.
أول امرأة في حياته كانت والدته، التي اختارها جدّه الباقر (ع) لأبيه الصادق، وكانت محدثة عن رسول الله (ص)، إذ كان الإمام جعفر الصادق (ع) يحيل إليها أمور تعليم الفقه للنساء والتحدث إليهن. وهي سيدة جليلة اسمها حميدة المغربية (البربرية) ابنة صاعد البربري، ولقّبها الإمام الباقر (ع) بالمحمودة، حين قال لها: “أنت حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة.” كما جاء في الكافي ج1 ص 476 ، وقد ولدت أيضاً إسحاق ومحمد وفاطمة.
لقد قامت السيدة حميدة بمهام عديدة، منها أن الامام الصادق (ع) كان يرسلها مع أم فروة، لقضاء حقوق أهل المدينة. كما كانت تروي الأحاديث عن أهل البيت (ع) ، وهي إحدى الراويات عن الصادق حديث المستخف بالصلاة، إذ تقول: عندما حضر الإمام الصادق (ع) الموت، فتح عينيه ثم قال: “اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة.” قالت فما تركنا أحداً إلا جمعناه، فنظر اليهم ثم قال: “إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة.” وهي من اشترت الجارية (تكتم) ليتزوجها الإمام الكاظم (ع) بعد ذلك.
فاطمة المعصومة
كذلك كانت للإمام الكاظم بنات لعبن أدواراً لا يستهان بها، فقد كن راويات للأحاديث، ومعلمات للفقه، أشهرهن السيدة فاطمة المعصومة (ع) التي تعرف بالمحدّثة والعابدة والمقدامة وكريمة أهل البيت (ع) وهي شقيقة الإمام الرضا (ع) ووالدتها السيدة تكتم أو (نجمة). وقد بقيت تحت رعاية أخيها الرضا (ع) بعد اعتقال والدها الإمام الكاظم (ع) سنين عديدة حتى استشهد مسموماً في سجن السندي، لعنة الله على السندي وعلى أسياده.
وتعتبر السيدة المعصومة من راويات الحديث، فقد روى الحافظ شمس الدين الجزري الشافعي في (إسناده) عن فاطمة بنت علي بن موسى الرضا (ع) عن فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات الإمام موسى بن جعفر (ع) إذ قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق (ع)، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي عن فاطمة بنت علي بن الحسين، عن فاطمة وسكينة ابنتي الإمام الحسين بن علي (ع)، عن أم كلثوم ابنة فاطمة ابنة النبي (ص) ، قالت :”أنسيتم قول رسول الله (ص) يوم غدير خم: “من كنت مولاه فعلي مولاه”، وقوله (ص): “أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام,” وقد ورد حديث الفاطميات هذا في كتاب (شرح إحقاق الحق) ـ للسيد المرعشي ج21 ص27.
أما ابنته أم أحمد، فقد كانت مهمتها كبرى من حيث القيمة المعنوية والأهمية الإسلامية، فقد أودعها الإمام الكاظم (ع)، عند سفره إلى العراق، ودائع الإمامة ومواريث الأنبياء وقال لها :”من طلب هذه الودائع والمواريث فهو الإمام بعدي، واعلمي حينئذ أنني فارقت الدنيا.”
يقول العلّامة المجلسي في (جلاء العيون): “عندما طلب الإمام الرضا (ع) هذه الودائع منها، اشتد بكاؤها وعويلها، فقالوا لها مابك؟ قالت: أقسم بالله أنه قد قضى نحبه سيدي ومولاي ومؤنس قلبي موسى بن جعفر، إذ أنه اعلمني بما يحدث.”
من هنا يتضح الاهتمام اللامتناهي في تربية النساء وإعدادهن لمهمات تخدم الرسالة وتكون محط ثقة المعصومين، وهو أمر لا يعيه الكثيرون الذين يظنون أن الإسلام قد ضيَّق على المرأة وحجَّمها وجعلها تابعة للرجل.
السيدة حكيمة
كما نذكر أيضاً السيدة حكيمة، التي أوكل إليها أخوها الرضا (ع) مهمة توليد أم الجواد (ع) ورعايتها وولدها محمد الجواد (ع)، وكانت محدثة وراوية أيضاً.
أما السيدة أم الحسين (ع) فقد روى لها الشيخ الكليني في (الكافي) والشيخ الصدوق في (الفقيه) رواية وجوب الغسل يوم الجمعة. وهي أيضاً سيدة جليلة روت عن آل بيت رسول الله (ص) وكانت ذات فضل وصلاح وتقى.
وآخرهن السيدة زينب، بنت الإمام الكاظم (ع) التي ورد اسمها في الكثير من المصادر ضمن بنات الإمام الكاظم (ع)، وقد ذكر العلّامة يحيى بن الحسن بن جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الصغير بن الإمام السجاد (ع) في كتابه (أخبار الزينبات) أن زينب بنت موسى الكاظم (ع) هاجرت إلى مصر .
وقد أثر الإمام الكاظم (ع) بامرأة بعثها هارون الرشيد إليه في سجنه لتغويه، فرآها السجان قد اهتدت وتابت وقامت تصلي خلف الإمام.