هكذا تُصحّح دفاتر البكالوريا !

7٬380

علي غني/

رصدت مجلة “الشبكة العراقية” عمليات تصحيح دفاتر الامتحانات الوزارية داخل (الكونترول) منذ تسلم الدفاتر الامتحانية ولغاية اعلان النتائج. اعترف أن الزميلة رئيسة تحريرالمجلة نرمين المفتي، التي كنا نطلق عليها سابقا (الزميلة المشاكسة)، قد سبقتي لدخول (الكونترول) في عام 1985،عندما كانت صحفية تعمل في مجلة الف باء، والآن بعد مرور 33 عاما تدخل “الشبكة” لهذا المكان الذي يمثل مستودع أسرار الامتحانات الوزارية.

تعالوا نتعرف كيف تخرج نتائج الامتحانات الى العلن؟ وهل هناك صحة لما يتداوله بعضهم عن تبديل أغلفة الدفاتر الامتحانية او الغبن في التصحيح ومعلومات لايعرفها كثيرون.
ماذا يعني مركز الفحص؟

قد لايعرف معظم الطلبة ماذا يعني مركز الفحص والذي يطلق عليه اسم(الكونترول)، والحقيقة ان هذا المركز تجري فيه عمليات تسلم الدفاتر الامتحانية من المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات ويتم بعد ذلك فحصها وتدقيقها وتسجيل الدرجات بآلية تكاد تكون محكمة حتى اعلان النتائج الوزارية للطلبة في عموم العراق، وهذه البناية التي هي عبارة عن مدرسة منتخبة من قبل وزارة التربية تضم كل اللجان الامتحانية والتدقيقية وملاكها يعمل من السادسة والنصف صباحاً الى الخامسة عصراً طيلة فترة الامتحانات الوزارية وحتى آخر اعتراض.

سلامة التصحيح

مدير مركز فحص الكرخ عبد الرحيم لعيبي سلطان، الذي تعاون معنا كثيرا، ذكر أن تسلّم الدفاتر الامتحانية من قبل المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات يتم مثلما نتسلم اي صك من اي بنك، فنحن نتسلم بتوقيع كل الجهات المختصة وبتدقيقات وحسابات لاتقبل الخطأ، لأن اي خطأ هو تلاعب بمصير طالب، لذلك نحن نعد الدفاتر وندققها ونسلمها للّجان مثل صكوك الرواتب، بعدها نحول هذه الدفاتر الامتحانية الى رزم تحتوي كل رزمة(50) دفتراً امتحانياً، لتسلّم بعد ذلك الى لجان خاصة، كل حسب اختصاصه، وبآلية لاتسمح للمصحح بمعرفة أن هذه الدفاتر تابعة الى من؟ حفاظاً على سلامة التصحيح او انحياز المصحح، ولجان التصحيح التي تتكون من 7 أعضاء يقوم كل عضو فيها بفحص سؤال وتدقيق آخر ثم تقوم هذه اللجنة بجمع وتدقيق الدفاتر وتسليمها الى ادارة مركز الفحص.

تدقيق داخل تدقيق!

السيد كفاح، مسؤول تسلّم الدفاتر من اللجان التي تصحح الدفاتر الامتحانية، قال :ان العملية لاتنتهي عند ذلك، فإن لجاناً اخرى غير اللجان التي دققت الدفاتر الامتحانية تتولى التدقيق مرة اخرى وهذه المرة تشمل اجابات الطالب داخل الدفتر، يعني هل حصل الطالب على استحقاقه من الدرجات المؤشرة داخل الدفتر، لينتقل بعد ذلك تسجيل الدرجات التي حصل عليها الطالب حسب(الليبل) الملصق على الدفتر الامتحاني، حيث ان مسجل الدرجات لايمكنه معرفة اسم الطالب أو مدرسته أو المديرية العامة للتربية التي ينتسب لها الطالب، وكل هذا يجري وفق نظام الكتروني متقن، ثم يتولى بعد ذلك الموظف المختص على الحاسوب تسجيل الدرجات حسب(الليبل) الخاص بكل طالب وهذا يعني ان موظف الحاسوب لن يعرف اسم الطالب.

أجواء التصحيح

بعد تجوالنا على لجان تصحيح الدفاتر الامتحانية لمعرفة الأجواء التي يعيشونها ضمن الأماكن المخصصة لها ودقة التصحيح وهل صحيح ان درجة الـ(45فما فوق لحد 49) تتحول الى درجة النجاح(50)، تصدى للإجابة احد المصححين: نعم ان ذلك موجود ضمن قانون الامتحانات، اما بشأن الأجواء المتوفرة للتصحيح فإنها مقبولة، وكل مصحح يحكم ضميره عند تصحيح الدفاتر الامتحانية للطلبة، لأنهم بالنتيجة ابناؤنا، ونتمنى ان نكون موفقين في التصحيح حتى تكون النتائج عادلة.

وأكد عبد الرحيم لعيبي انه مع كل هذه الإجراءات فإن هناك اعضاء آخرين من لجان اخرى تقوم بمراقبة وتدقيق تسجيل الدرجات في الحاسوب لضمان عدم وجود اية اخطاء ترافق عملية نسب النجاح او الدرجات، وكل هذه الأمور وفق برامج لاتسمح بمعرفة اسماء الطلبة او مدارسهم او مديرياتهم العامة للتربية بل أزيدك معلومة ان البعض يدعي ان أغلفة الدفاتر تبدل او يتم التلاعب بها، فاقول له بحجة دامغة ان الدفاتر ليست مكبوسة وانما(مخيطة) بخيوط قوية اي تلاعب فيها سيؤدي الى تمزيق الدفتر بالكامل.

إخبار الوزير واللجنة الامتحانية الدائمة

بعد اكمال كل عمليات الفحص والتدقيق ومراجعتها اكثر من مرة نخبر السيد وزير التربية واللجنة الامتحانية الدائمة في وزارة التربية ليطلعوا عليها ليتم فيما بعد اعلان النتائج بواسطة الصحافة والقنوات الفضائية للطلبة حق الاعتراض بعد اعلان النتائج الامتحانية، حيث نتيح للطلبة حق الاعتراض ولمدة اسبوعين ، فيقوم مركز الفحص بتسلم الاعتراضات من المديريات العامة للتربية وليس بشكل فردي، فنحن نهمل الاعتراضات الفردية التي يحاول البعض ان يتجاوز السياقات القانونية، حال وصول جميع الاعتراضات الى مركز الفحص(الكونترول) تشكل لجان تدقيقية غالبا مايكون عدد أعضائها(5) أعضاء من كل اختصاص، ولا صحة لإهمال اي اعتراض، فالدفاتر الامتحانية مخزونة بنظام معين يتيح للّجان المختصة الوصول له بسهولة، وبعد اكمال التدقيق تسلم نتائج الاعتراض للمديريات العامة للتربية لتقوم بايصالها للمدارس.

ونفى مدير فحص الدفاتر وجود اي تاثير على ادارة المركز من اية جهة من اجل الحصول على النتائج الا في موعدها المقرر، وضمانا لحق جميع الطلبه دون تمييز، ولاخفيك السر، أنها أمانة كبيرة في أعناقنا، وعلينا الالتزام بها.

وأوضح ان سعر تصحيح الدفتر هو 650 ديناراً للدفتر الواحد، وهو مبلغ لابأس به حسب قول مدير مركز الفحص، وهناك نية لأن يكون المبلغ اكثر، لكن هناك قناعة جميلة يملكها المدرس العراقي الذي يقوم بالتصحيح حتى لو كانت درجة الحرارة تفوق المعدل الطبيعي، فهو يشعر ان التصحيح هو واجب اخلاقي ووطني قبل ان يكون مادياً.

تجولت في داخل المركز ملتقطا الصور لجميع اللجان وكل حسب موقعه داخل المركز، فاسترعى انتباهي احد الأماكن المعزولة بالزجاج، عرفت فيما بعد أن هذا مكان الحواسيب التي تسجل فيها الدرجات بشكلها النهائي، وهو معزول بالزجاج حتى لاتسمع اللجان الأخرى صوت الموظف الذي يرد الدرجات للشخص الجالس على الحاسوب لتسجيل الدرجات النهائية حتى وإن كانت دون أسماء، لأن الدرجات تسجل حسب(الليبل) الخاص بكل دفتر.