هل التقدم في العمر .. يخيف المرأة؟

851

آية منصور /

متى تشعر المرأة بعمرها؟ سؤال طرحته رئيسة التحرير العزيزة نرمين المفتي، أردت أن أضم الأفكار المتطايرة من رأسي وهي تتحدث عن هذا السؤال، أثار سؤالها في نفسي الكثير من اللقطات المتحركة مثل شريط فيديو، ورحت اسأل نفسي في الوقت ذاته: متى كانت آخر مرة شعرت بعمري؟

 أنا التي ما زلت أحاول النمو تدريجياً وببطء ملحوظ، لأتمكن من الشعور به، لحظة تلو أخرى، والنجاة بقدرٍ كافٍ من الرضا عنه.

في هذا الموضوع، حاولت مقابلة عدد من النساء بمختلف أجيالهن، وسؤالهن السؤال هذا، وهنا تحديداً: كيف تشعر المرأة العراقية بعمرها؟ ومتى؟ لنرَ!

 أمومتي هي بداية حياتي

(إيمان البادي)، التي تبلغ الثالثة والأربعين من العمر، ترى أن عمرها الحقيقي قد ابتدأ بعد سنوات من المشقّات والانتظار، ختمت بقصة غير متوقعة مطلقاً، أحدثت لها السعادة المنتظرة.

-ابلغني الأطباء بحقيقة عدم إمكانية إنجابي، هذا الأمر أحدث صدمة لروحي، حتى أصبت باليأس، لقد تجنبت كل شيء حتى زوجي، وكرهت نفسي، ولسنوات طوال حاولت، ولم أحصل على شيء حتى لو كان حملاً وهمياً، عشت في كابوس لاثتني عشرة سنة .

بعد مئات المحاولات ومراجعات الأطباء، كانت إيمان وزوجها قد سافرا الى بلد ما لقضاء العطلة وحدث ما لم يكن متوقعاً!

-أصبت بالإعياء الشديد وفقدت وعيي، أخذني زوجي الى أحد المستشفيات لمراعاة حالتي وقد كان يظن أنني لم أتحمل جو البلاد الجديدة، أخبرته الممرضة بأنني مجهدة بسبب الحمل الجديد، الأمر الذي لم يعتد زوجي سماعه، والذي دفعه إلى عدم تصديقها حتى رؤية التحاليل بنفسه، فانخرط باكياً، أما أنا، فحكايتي عند استقبال الخبر كانت حكاية!!

استطاعت إيمان أن تنجب ابنتها “ليليان” والتي تبلغ اليوم سبعة أشهر من السعادة، كما تصفها والدتها.

-اسمي إيمان، ولإيماني بالله أعطاني هذه الهبة، التي سأضعها في قلب روحي ما حييت، ماهو العمر؟ إنه لحظة السعادة الأبدية، هكذا تقول إيمان وتبتسم.

علبة حلوى تفرحني

فيما تختصر (أسماء البكر) الحكاية، مؤكدة إحساسها بالعمر كل لحظة تمر خلالها:

-لمجرد أن أرى وجهي في المرآة أشعر بعمري، أتحسسه من خلال التجاعيد التي رسمت طريقها فيه دونما رادع وتقبلي إياها برحابة صدر، العمر هو أن أحب تلك التجاعيد لأنها ساهمت بنضج روحي.

أسماء أرملة ولها أربعة أولاد، أكبرهم في المرحلة الثانية من الجامعة، استطاعت، بعد مقتل زوجها، أن تلم روحها شظيّة تلو شظيّة وتعيد ترميم أجزائها المكسورة من أجل تربية أولادها، لوحدها:

-في البدء شعرت بنهاية الحياة، أن أربي لوحدي أربعة أولاد، وخامستهم أنا، كانت مهمة مستحيلة، واختباراً ليست لي القدرة عليه، لكن وبمرور الوقت، أصبحت الأزمات جزءاً من حياتي التي عليّ تجاوزها، وهذا ما حدث، أوصلت صغاري الى مدارسهم حيث أكملوا تعليمهم، وأكملت عملي في وزارة الصحة.

أين العمر؟

لـ(نهى) رأي مغاير، فهي ورغم ضحكتها الساحرة التي تملأ الأرجاء، إلا أنها شردت طويلاً في ذهنها حينما سألتها، متى تشعرين بعمرك؟ ليأتي الجواب قاسياً نوعاً ما:

-هل تشعرين أن الحروب أمهلتنا الوقت الكافي لنشعر بأعمارنا؟ ندخل حرباً ونخرج من ثانية، ونجري سريعاً وكأننا في حالة سباق مع الحروب والجوع والحصار، أيّ عمر هذا؟ لم أشعر يوماً بعمري ولا أظن أن المتبقي منه سيجعلني أشعر به.

لعلّ نظرة نهى المتشائمة نوعاً ما، كما نسميها، واقعية بطريقتها هي، اذ تعمل نهى معلمة ولديها ابنتان وحفيدة! ومازالت تنكر العمر الذي تشعر به كلما حاولت معرفة السبب.

-لعل أجمل لحظاتي، تلك التي شعرت فيها بوجودي، هي عند ولادتي لفتاتيّ، لكن حتى ذلك الشعور الرائع فقد تدريجياً وأنا ألملم الآلاف الثلاثة، وهي مجموع راتبي، من أجل إعالتهن وتوفير أفضل الطعام لهن، حتى هذا العمر الذي قضي بالمشقّات، كيف نشعر به؟

الوقت يمر والعمر ينتظر

فيما تشعر (لبوة الهاشمي)، وهي طالبة جامعية، بأن العمر الذي يمر منا بلحظات غير معدودة، يستحق الفرح في كل وقت.

-أنا لا أنتظر تلك اللحظة التي سأشعر فيها بعمري، كل لحظة أنا على قيد الحياة، وعائلتي وأصدقائي بقربي وبصحة جيدة، هو العمر بذاته، أحاول اقتناص هذه اللحظات وأن أعيشها بسعادة وفرح كبيرين لئلا يمر الوقت، لمَ لا نشعر بأعمارنا كل لحظة وكأنها هبة من السماء؟ لمَ ننتظر حدوث أمر مفاجئ لنشعر بأعمارنا؟ أعمارنا المسكينة تنتظر شيئاً سعيداً ونحن ننتظر أيضاً فقط لنكافئ العمر، العمر بحاجة للمكافآت في جميع الأوقات.