هل طلب الساهر نصف مليون دولار مقابل حضوره إلى البصرة؟

155

إياد عطية الخالدي /

حتى بعد افتتاح دورة الخليج العربي بحفل مبهر، شارك فيه نجوم الغناء العراقي: حسام الرسام، ورحمة رياض، ومحمود تركي، وعدد كبير من نجوم الفن، ظل الجدل مشتعلاً بشأن عدم حضور الفنان كاظم الساهر إلى البصرة، ولاسيما بعد أن كشف الشيخ أحمد العريبي أن الساهر طلب مبلغ نصف مليون دولار مقابل الحضور إلى البصرة لإحياء حفل افتتاح خليجي 25.
بينما التزمت اللجنة المنظمة الصمت إزاء عدم حضور الساهر لإحياء الحفل، ويمكن ملاحظة أن هناك فريقين يروجان معلومات متناقضة عن أسباب إصرار نجم الغناء العراقي والعربي على عدم الحضور إلى البصرة، إذ يؤكد فريق أن الساهر طلب مبلغ نصف مليون دولار، بعد المساعي التي بذلها محافظ البصرة، غير أن الساهر برر عدم حضوره بإعلان اللجنة المنظمة أن الفنان حسام الرسام هو من سوف يحيي حفل الافتتاح، بينما ربط فريق آخر عدم حضور الساهر بأسباب خاصة (لا يود الإفصاح عنها)، وكان السبب في عدم حضوره هو مناسبة وواجبات عائلية مهمة من بينها وفاة زوجته، معتبرين أن الحديث عن طلب مبلغ نصف مليون دولار، ماهو إلا محاولة لإسقاط شعبية الساهر الجارفة.
نصف مليون دولار
لكن الشيخ أحمد العريبي أكد أنه ذهب، برفقة محافظ البصرة، إلى دبي للقاء الساهر وإقناعه بالحضور، ولم يتمكن المحافظ من ذلك، لكنه التقى الشاعر كريم العراقي الذي وعده خيراً. وبحسب الشيخ العريبي، الذي كان يتحدث إلى فضائية محلية، فإن المحافظ تحدث مع مدير مكتب الساهر، وطلب الأخير مبلغ نصف مليون دولار مقابل الحضور إلى البصرة، وقدم المحافظ في البداية ربع مليون، لكن مدير المكتب رفض، ما جعل المحافظ يوافق على المبلغ، وبعد أن تحدث مع الفنان كاظم الساهر طلب الأخير وقتاً للتفكير، ثم عاد ليخبر المحافظ أن قناة العراقية أعلنت أن الفنان حسام الرسام هو من سوف يحيي الحفل، ولهذا فإنه يعتذر.
وقد أعرب اللاعب الدولي السابق (جاسم محمد غلام) عن ألمه إذا صحت المعلومات بأن كاظم الساهر يساوم بلده وأهله على مبلغ كبير مقابل الحضور، مؤكداً أن معنى ذلك أن الساهر ماعاد يمثل أي عراقي، لكن كثيرين شككوا في صدقية أن الساهر لم يحضر بسبب المال، بدليل أن الرواية تقول إن المحافظ وافق على دفع نصف مليون دولار التي طلبها مدير مكتب الساهر، ومع ذلك فإن الساهر لم يحضر، لأن الأسباب ليست مادية.
دعوة قديمة
وكان وزير الشباب والرياضة السابق، رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، قد وجّه دعوة إلى الساهر قبل أكثر من عام ونصف العام لحضور فعاليات افتتاح خليجي 25. لكن الاتحاد لم يفصح عما إذا كان قد جدد دعوته إلى الساهر أم لا، كما لم يكشف الاتحاد موقف الساهر من الدعوة وما إذا كان قد قبلها أو رفضها.
وقد هاجم رواد مواقع التواصل الفنان الساهر بشدة، وعبّروا عن غضبهم من عدم مشاركة قيصر الغناء العربي في البطولة، ولاسيما أن الساهر سبق أن شارك في حفل افتتاح خليجي 17، الذي أقيم في قطر في العام 2004، وأحيا أيضاً حفل افتتاح دورة الألعاب العربية، التي أقيمت في الدوحة العام 2011.
وتساءلت (نور الجبوري) لماذا يغني كاظم الساهر في كل الدول إلا في بلاده؟ وأضافت أن المنطق يقول إن كاظماً كان يجب أن يعتذر عن جميع التزاماته (لخاطر) أبناء شعبه الذين يحبونه ويفتخرون به، وخاطبت الساهر “ليش دائماً تخذل شعبك يا أبو وسام، ليش ما جيت للبصرة شبينه إحنه؟”
كنا نمني النفس بحضورك
بدوره، قال الصحفي العراقي (حسين البهادلي) في منشور له على صفحته في فيسبوك: ”مع كامل الاحترام والتقدير للفنان الكبير وسفير الأغنيتين العراقية والعربية كاظم الساهر، لكن لماذا لم يكن لك موقف في هذا الوقت مع العراق الذي نحتاج إليك فيه، ليكون وجودك رسالة قوية للجميع بأن العراق قادر على احتضان أشقائه؟“
وأضاف: ”كنا نأمل بأن تكون حاضراً في وطنك وبلدك ووسط محبيك وعشاقك، لتكون هذه أفضل رسالة يمكن أن يصدرها العراق من خلالك ومن خلال تنظيم بطولة الخليج.” وأرفق البهادلي مع منشوره نسخة من الدعوة الرسمية التي وجهها درجال إلى الساهر قبل أكثر من عام ونصف العام من الآن.
وكان الناطق الرسمي باسم اللجنة المنظمة لكأس الخليج العربي أحمد الموسوي ، وفي رد على سؤال عن إمكانية حضور الساهر من عدمها، أوضح أن هناك اتصالات مع الساهر، من دون توضيح عما إذا كانت هذه الاتصالات من قبل المحافظ أم من الاتحاد العراقي الذي تشير الأخبار أنه اتفق مع الفنانين حسام الرسام ومحمود تركي، بينما كان المحافظ يسعى لإقناع الساهر والفنانة رحمة رياض الموجودة في أربيل لإحياء الحفل. وعلى الرغم من الضجة الإعلامية الكبيرة بشأن عدم مشاركة الساهر في افتتاح خليجي 25، لم يصدر أي تعليق أو إيضاح منه أو حتى من إدارة مكتبه لتبيان الأسباب التي حالت دون حضوره.
اهتمام إعلامي
وتحظى دورة كأس الخليج العربي التي انطلقت في البصرة باهتمام رسمي وشعبي غير اعتيادي، وينظر كثيرون إلى الحدث بوصفه أكثر من مجرد بطولة رياضية، وبأنه مجال حيوي يعيد بلادهم إلى واجهة الأحداث الإقليمية والعالمية الرياضية بعد نحو 43 عاماً على احتضان بغداد النسخة الخامسة من البطولة عام 1976.
لكن، من جانب أخر، فإن هناك عراقيين يعتقدون أن البطولة لا تستحق كل هذا الاهتمام، فهي بطولة غير معترف بها، وفقدت الاهتمام من معظم دول المنطقة، بعد أن أصبحت فرقها تنافس على المراكز المتقدمة في آسيا، وتشارك في بطولات كأس العالم، بدليل أن عدداً من المنتخبات المشاركة في البطولة لم ترسل منتخباتها الوطنية إلى البصرة، وأن البطولة لن تحقق الأهداف التي يتوقعها البعض منها، ويؤكدون أن الفائدة الحقيقية التي جناها العراق من البطولة هي إنشاء ملاعب كبيرة في البصرة وعدد من المحافظات، ستجعل العراق مؤهلاً لاستضافة بطولات إقليمية مهمة.
وكتب مدنون منتقدين رفض الساهر الغناء في العراق وبالبصرة تحديداً: “ما مصير انتمائك إلى الوطن.. إذ أنك تتكلم، وأنت تغني (سلام عليك بلاد الرافدين) في الإمارات وقطر والمغرب ولبنان و… لكن في البصرة … أنت لا تعترف ببلاد الرافدين؟”
ورد (عبد الله هوار)، وهو منتسب في مستشفى شيخان بمحافظة دهوك، على الساهر ببيت شعر لقصيدة تعود إلى أحد الشعراء يقول:
“من لم يزرنا والديار مخيفةٌ لا مرحباً بهِ والديار أمانُ
‏‎من لم يطرق بابنا والروح ترتجفُ
لا مرحباً به والنبضُ منتظمُ
ومَن لمْ يقِف معنَا والضّيق يخنقُنا
فلا مرحباً به”
مقارنة
وقارن ناشطون وإعلاميون بين موقف الفنانة العالمية (أنجلينا جولي)، التي لم تشرب من دجلة ولا تعرف الفرات، لكنها زارت الموصل عام ٢٠١٨ على الرغم من خطورة الأوضاع الأمنية آنذاك بهدف إيصال رسالتها الإنسانية لجذب أنظار المجتمع الدولي لدعم العراقيين في محنتهم، وبين موقف الفنان كاظم الساهر على الرغم من كونه فناناً عراقي الجنسية والأب والأم والجد، ولكنه يرفض القدوم إلى العراق تحت مبررات لا يمكن قبولها بعد دعوته للمشاركة في حفل افتتاح حدث رياضي مهم في بلاده والمنطقة، وما يعكسه حضوره من إضافة مهمة إلى هذه البطولة.
وفي الواقع، فإن مشاركة النجوم والمشاهير في كل المجالات بلدانهم في أحداث مهمة لا يمكن حصرها بقائمة، سواء النجوم والفنانين العرب، أو النجوم والمشاهير الأجانب، فقد حرصوا جميعاً على دعم بلدانهم والتسابق للإسهام في نجاحها، سواء بتنظيم البطولات الرياضية أو الفنية.
ولهذا انبرى رواد مواقع التواصل يسألون الساهر: “هل أنت أكثر شهرة من ميسي، الذي هتف في غرفة الملابس (لنلعب من اجل الأمهات والجدات المتسمرات أمام الشاشات).”
أم أكثر شهرة من رونالدو الذي ينشر قبل كل مباراة (سأقاتل من أجل البرتغال).
وأين أنت من (ساديو مانيه) وشاشة موبايله (المفطورة)، وهو يبرر ذلك (مازال في شعبي من هو بلا دواء ولا تعليم).
وهل سمعت أو قرأت عن أم كلثوم وهي تغني للجنود في الجبهة خلال حرب أكتوبر؟
مع ذلك، فإن في مقابل هذا الهجوم على الساهر، دافع عدد كبير من العراقيين عن موقفه، مؤكّدين أنّ له أسبابه الخاصّة التي يفضّل الاحتفاظ بها لنفسه. في كل الاحوال فأن الفنان كاظم الساهر سيظل رامزاً من رموز العراق ، ولن يحق لاي شخص مهما علت مكانته أن يثلم من وطنيته .