يوثق جانباً من السيرة النبوية المتحف الإسلامي.. مَعلمٌ فريد يحاكي جوانب التاريخ

20

عامر جليل إبراهيم
تصوير/ حسين طالب

يعد المتحف الإسلامي، التابع لدائرة الاحتفالات الدينية في ديوان الوقف السني، من المتاحف النادرة والفريدة في العراق، إذ إنه يجسّد جانباً من سيرة الرسول الكريم محمد(ص)، وغزواته، عبر مجسمات تعرض بطريقة فنية يمكن من خلالها العيش في واقع افتراضي لحياة المسلمين في عصر خاتم الأنبياء والرسل.

يقع المتحف، الذي أسس عام 2016 على يد فنيين ومهندسين عراقيين، في جانب الكرخ من بغداد بجامع أم القرى..
مجلة “الشبكة العراقية” زارت المتحف وتجولت في أروقته ضمن جولاتها المكوكية للتعريف بالسياحة الدينية والأثرية، بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية لعام 2025 والتقت مديرة المتحف المهندسة شيماء خالد بدر المشهداني لتحدثنا عنه قائلة:
“يعد المتحف الإسلامي من المتاحف الفريدة في العراق، فهو يختص بسيرة الرسول (ص) منذ ولادته ونشأته وغزواته ومراحل بناء الكعبة، عبر مجموعة من المجسمات تحوي أكثر من 90 مجسماً، تختص فقط بسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام. ويضم المتحف خمسة أقسام، تتمثل في: شعبة الإدارة، المسؤولة عن التوثيق الإداري، والمكتبات الخاصة بالكتب الدينية التي تخص سيرة الرسول، وشعبة البانوراما الخاصة بعرض سيرة الرسول عن طريق الشاشات الإلكترونية، فضلاً عن الشعبة المعمارية، وهي من أهم الشعب الموجودة في القسم لإعداد التصاميم الخاصة بالمجسمات، بعد ذلك تحول من الشعبة المعمارية إلى شعبة الورشة الهندسية لصناعة المجسم وصيانته، وآخرها شعبة المرشدين، التي تدير المتحف مرفقة بمترجمين للذين لا يتقنون العربية.”
فكرة التأسيس
عن فكرة تأسيس المتحف ومراحل إنشائه تقول المشهداني: “الفكرة بدأت سنة 2015، حين جرى عقد اجتماع ضم لجنتين، علمية وهندسية، برئاسة رئيس الديوان، نوقشت خلاله فكرة إنشاء متحف يضم مجسمات عن سيرة الرسول الأكرم، مشابهاً للمتحف الموجود في المدينة المنورة بالسعودية. بعدها جرى إيفاد مجموعة من المهندسين واللجان العلمية الدينية إلى المملكة العربية السعودية للاطلاع على المتحف وإنضاج الفكرة، ومدى تطبيقها في العراق. وبالفعل طبقنا الفكرة على أرض الواقع وبدأنا بتأسيس المتحف في سنة 2016 بأيدٍ وكوادر فنية وهندسية عراقية خالصة.”
تكمل المشهداني: “المتحف الإسلامي مفتوح لجميع أطياف ومكونات الشعب العراقي، ونستقبل الجميع بدون تمييز وتفرقة، ومن جميع الديانات والمذاهب، والوفود الإسلامية وغير الإسلامية، من خارج العراق وداخله، وأبواب متحفنا مفتوحة في جميع أيام الأسبوع، ووقت الزيارات من 9 صباحاً إلى الثانية بعد الظهر، ويمكن استقبال الزيارات المسائية، وجميع التسهيلات متوفرة، ونتمنى ارتياد المتحف من الجميع ليطلعوا على سيرة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام.”
تفاصيل هندسية
في جولتنا داخل المتحف رافقتنا المهندسة سلا نبيل نهاد الجبوري، التي حدثتنا قائلة: “في البداية لابد من التوضيح أن أي مجسم نبدأ العمل فيه يسبقه جمع معلومات كافية عنه من مصادر خاصة وكتب دينية، ومن مواقع متخصصة بالتاريخ الإسلامي، إذ ندرس الفكرة من خلال اللجنة العلمية، ونجمع التفاصيل، وعندما ننتهي من التدقيق نبدأ بالمشروع، الذي يتكون من المخططات المعمارية (بالردوكات)، وبعد ذلك تدقق مرة ثانية من قبل المهندسين والفنيين، من أبعاد، وحسب المجسم ذي الحجم الكبير، الذي يكون باللغة الهندسية التي تسمى (سكيل)، والحجم الصغير أيضاً. وبعد إكمال المخططات الهندسية والتدقيق، يرفع المخطط إلى شعبة الورشة الهندسية، التي تحتوي على الأجهزة والمواد، ليتشكل المجسم حسب تفاصيله، فإذا كان حديثاً نستخدم الأجهزة (السي أن سي) وأجهزة (الثري دي)، وإذا كان ذا طابع قديم، مثل الحجرة النبوية والغزوات، فإنه يحتاج إبداعاً فنياً، ويجري العمل فيه داخل الورشة الهندسية من المواد الأولية المستعملة داخل الورشة، وهي مواد بسيطة ومتوفرة، مثل الطين والقماش والغراء والفوم والفلين، وبعد إكمال المجسمات تجري صناعة قاعدة من الخشب (الأندي أف) وتغلف بالزجاج حفاظاً عليها من التلف، ولدينا صيانة دورية لهذه المجسمات من خلال كادر متخصص.”
وعن تفاصيل المتحف ومحتوياته تقول الجبوري: “تبلغ مساحة المتحف حالياً 1000م 25 × 50، أما أحجام المجسمات فهي متفاوتة، مثلاً مجسم 3× 4 الذي يمثل طريق مكة والمدينة، ومجسم الحجرة النبوية الذي يكون صغير الحجم 1م × 1م، وأكبر مجسم هو الذي يمثل مدينة بغداد المدورة 7×6م.” مضيفة أن “عملنا لم يعد محصوراً بدار المدينة المختص بالسيرة النبوية، فقد شهد العمل توسعاً، خاصة في ما يخص العواصم والمدن، مثل بغداد والبصرة والكوفة.”
زيارات مجانية
تعود المشهداني لتختم حديثها بالقول: “هناك الكثير من الزيارات التي يشهدها المتحف، منها السفرات الطلابية من جميع المدارس والروضات والكليات والجامعات، فضلاً عن (الكروبات) السياحية وطلاب الدراسات العليا الخاصة بالشريعة الإسلامية، وأيضاً هناك زيارات من طلاب الفنون الجميلة المختصين بالتصميم، كما تقام في نهاية كل عطلة صيفية دورات قرآنية في الجوامع، وكل جامع له يوم حجز لطلاب الدورة، مع المسابقات التحفيزية لهم، ولدينا تعاملات وتبادل معلومات بين الوقفين الشيعي والسني، خاصة العتبتين العباسية والحسينية، من خلال تبادل الزيارات بين متحفنا ومتحف الكفيل التابع إلى العتبة العباسية. وختاما أود أن أذكّر بأن زيارة المتحف مجانية، مع القيام بكل أصول الضيافة لجميع الزائرين.”