50 مليوناً نفوس العراقيين عام 2030

805

بشير الأعرجي/

أرقام ونسب غريبة تتحكم في أعداد العراقيين خلال الأعوام المقبلة، وتعتمد على ظروف وطوارئ جديدة، إضافة الى ممارسات اجتماعية لم تغادر العراق منذ أجيال، وستجتمع هذه الظروف لتجعل من نفوس العراقيين 50 مليوناً خلال الـ 12 سنة المقبلة.

عاماً كان عدد نفوس العراقيين نصف ما هو موجود الآن، وخلال ربع قرن مقبل سيتضاعف العدد. هكذا تحدثت الإحصاءات الرسمية التي اشارت أيضاً الى أن نفوس العراقيين التي تبلغ اليوم أكثر من 37 مليوناً، تزداد بمعدل مليون شخص سنوياً، أي بنحو 3 آلاف يومياً.
قبل 25 عاماً كان عدد نفوس العراقيين نصف ما هو موجود الآن، وخلال ربع قرن مقبل سيتضاعف العدد. هكذا تحدثت الإحصاءات الرسمية التي اشارت أيضاً الى أن نفوس العراقيين التي تبلغ اليوم أكثر من 37 مليوناً، تزداد بمعدل مليون شخص سنوياً، أي بنحو 3 آلاف يومياً. وقد سلطت الإحصاءات الضوء على ظاهرة قد تكون طبيعية في الظروف الاعتيادية، لكنها ستكون العكس اذا لم نستعد لها بالصورة الصحيحة، ويكفي التفكير بأن ما متوفر لنا اليوم من خدمات صحية وتربوية واجتماعية وغيرها، ستكون متاحة بعد أعوام، بمعدل النصف لكل شخص.

50 مليون عراقي

«قبل حلول عام 2030 سيبلغ تعداد العراق 50 مليون نسمة». هكذا بدأ المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي حديثه مع «الشبكة العراقية» حينما سألناه عن سبب تضاعف أعداد العراقيين منذ سنوات، وكم سيبلغ عددهم خلال العقد المقبل.

الهنداوي أشار الى أن «نسبة زيادة السكان في البلاد انخفضت من 3.3% الى 2.8% سنوياً خلال الفترة القليلة الماضية بمعدل زيادة تصل الى نحو مليون عراقي سنوياً».

وأضاف «هذه الزيادة طبيعية وليست انفجاراً كما يصفها بعضهم، بالرغم من أن عدد سكان العراق يتضاعف كل 25 سنة، وهي نسب ليست صادمة مع استمرار الممارسات الاجتماعية بالإكثار من الأطفال وترك سبل عيشهم للظروف».

ولم يخفِ المتحدث باسم وزارة التخطيط قلقه حيال الزيادة الكبيرة في السكان، لكنه لفت الى «وجود مجلس أعلى للسكان يترأسه رئيس الوزراء بمشاركة عدد من الوزارات وإقليم كردستان، مهمته وضع رؤية وتصورات وسياسات سكانية مستقبلية تترجم من قبل اللجنة الى ستراتيجية». وأضاف «صدرت عن اللجنة أول وثيقة لهذه السياسة، وركزت على إحداث توازن لزيادة السكان والموارد المالية للبلد، وشددت على وضع سياسة إسكانية وصناعية وزراعية في ضوء رؤية عامة للعراق يتم معها رسم المسارات التنموية».

قطاع الصحة.. الربع

المتحدث باسم وزارة الصحة د.أحمد الرديني تحدث لـ»الشبكة العراقية» عن المشاكل التي تواجه قطاع الصحة في البلاد مع كثرة السكان فيه، وقال «مع وجود إحصائية دقيقة عن معدل الخصوبة الكلي للمرأة في العراق عدا كردستان وتبلغ 4.1 ولادة، فإن ما موجود حالياً من موارد بشرية طبية لا يمثل إلا 25% من حاجة سكان العراق». وأضاف «سنوات الحروب والتراكمات السابقة، أدت الى عدم مواكبة القطاع الصحي لتزايد أعداد السكان، إضافة الى عدم توفر الموارد البشرية الكافية لمواجهة الضغط على قطاع الصحة». مبيناً أن «معدل 8.5 طبيب لكل 10000 نسمة، إضافة الى ما معدله 1.3 سرير لكل 1000 نسمة في مستشفيات العراق التي تبلغ الحكومية منها 253، و119 مستشفىً أهلياً».

عطش عمراني

من يتجول في بغداد وباقي المدن الأخرى، يجد حالة مأسوف عليها، أسهمت الظروف غير الطبيعية والحروب السابقة بإخراج البلد في صورة التخلف البنياني ونقص المرافق الخدمية.
عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي قال لـ»الشبكة العراقية»: «قبل عقود كان العمران والخدمات الصحية والتربوية ومختلف قطاع الخدمات تتناسب مع نفوس البلاد، لكن مع ازدياد أعدادهم لم ترتفع المشاريع التي تلبي احتياجات هؤلاء المواطنين، وبقي الحال على ما هو عليه». وأشار الزاملي الى «حاجة بغداد الى 70 مستشفىً جديداً، إضافة الى 4 الآف مدرسة جديدة لتواكب الارتفاع المستمر للسكان، وكذلك الحال مع بقية المحافظات، التي تعاني من ضعف الخدمات».

زحام..

وبالحديث عن قطّاع الخدمات وعجزها عن مواجهة الارتفاع المستمر لسكان العراق، يبدو أن هناك ضحية أخرى لهذا الأمر ويدفع فاتورته المواطن في كل يوم، ويتعلق بعدم قدرة الطرقات على استيعاب الأعداد الهائلة للسيارات التي يملكها المواطنون الذين يواجهون زحامات تضيع معها الساعات هدراً من دون حل.

عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي تحدث لـ»الشبكة العراقية» قائلاً بأن طرقات العاصمة مصممة لاستيعاب 100 ألف مركبة فقط، لكن ما موجود على الأض يفوق هذا الرقم أضعافاً.

وأضاف: «أعداد السيارات التي تجوب بغداد تفوق المليونين، وسط زحامات خانقة لأغلب الشوارع الرئيسة والفرعية، وهذا الرقم لا يقارن بالقدرة الفعلية التصميمية للطرقات التي خصصت لـ100 ألف فقط، ومع الارتفاع المستمر للسكان ستختنق المدن بالمركبات، إنها كارثة بحق».

الحدّ من الإنجاب

عندما تكون هناك مشكلة يجب أن نبحث عن حل، هكذا يتحدث المنطق لوقف الارتفاع الكبير في حالات الولادة وزيادة سكان العراق الى نحو 50 مليوناً خلال العقد المقبل.

المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي عاد ليقول إن «فكرة الحد من الانجاب مطروحة على طاولة النقاش، لكن أن تتحول الى سياسة او تشريع، فهذا ليس سهلاً في رحاب مجتمع شرقي لا يعترف بالحدّ من النسل او تقليصه الى أقل النسب». مستطردا «ومع هذا لا بد أولاً من وجود حملات تثقيف للمجتمع بضرورة تقليل الانجاب للأسرة الواحدة والالتفات الى مخاطر زيادة السكان، والتركيز على نجاح الأسر ذات المستوى الاجتماعي المقبول التي تكتفي بطفلين او ثلاثة لتواجه الظروف الاقتصادية التي تعتبر أحد تحديات زيادة السكان في العراق».
الجانب الآخر

في المقابل، أشار عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي الى أنه «في حال عدم السيطرة على عدد الولادات وتضاعف عدد السكان، لا بد من وجود حلول لخدمة هؤلاء المواطنين». واستدرك بالقول «لكن لغاية اليوم لا توجد حلول تطبيقية لذلك، إنما مجرد مقترحات لم ينفَّذ منها إلا ما نسبته 1%».