
الأدباء في حضرة رمضان.. قصصٌ وحِكم وطرائف!
رجاء حسين
للشهر الفضيل عند الأدباء مناخه الخاص في كتبهم وأشعارهم، والشواهد كثيرة ومتنوعة، بما جادت به قريحتهم ومخيلتهم، من مدح وذكر وطرائف تخللتها نتاجاتهم، إذ لا يخلو عصر من العصور إلا وكانت لرمضان بصمة فيه.
أمير الشعراء أحمد شوقي، يصف في مقدمة ديوانه (أسواق الذهب) الصيام في شهر رمضان فيقول: “الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكِبَر، ويعلم الصبر، ويسن خلال البر، حتى إذا جاع من ألف الشبع، وحرم المترف أسباب المنع، عرف الحرمان كيف يقع، وكيف ألمه إذا لذع.”
نوادر العرب
ويتحدث طه حسين عن الشهر الفضيل في مواضع عدة من كتبه، ففي (الأيام)، كتابه الشهير، تناول حلول الشهر الفضيل بقريته في الصعيد، واصفاً المظاهر والسلوك والعادات للعائلات هناك، كما أفرد فصلاً عن فلسفة الصيام في كتابه (مرآة الإسلام)، وكتب فصلاً أيضاً باسم (إجازة) في كتابه (الألوان).
كما يعد كتاب (العقد الفريد) للشاعر ابن عبد ربه الأندلسي من الكتب المهمة، إذ إنه يضم الطرائف والنوادر والأخبار وأقوال العرب في الشهر الفضيل، يذكر فيه قصة سؤال الناس لـ (الأعمش) عن صوم رمضان، فقد جاء في صفحات هذا الكتاب: “أتت ليلة الشك من رمضان، فكثر الناس على (الأعمش) يسألونه عن الصوم، فضجر، ثم بعث إلى بيته في رمانة فشقها ووضعها بين يديه، فكان إذ نظر إلى رجل قد أقبل يريد أن يسأله تناول حبة فأكلها، فكفى الرجل السؤال ونفسه الرد.”
اما الكاتب والأديب أحمد بهجت، فقد تطرق في كتاب (مذكرات صائم) إلى مغامراته في رمضان بأسلوبه الساخر، عن حكايات الجوع والعطش والإفطار والسحور. كما وصف نجيب محفوظ في روايته (المرايا) ليالي رمضان، والأطفال الصغار وتجمعهم في الشوارع على ضوء الفوانيس الرمضانية، وهم يترنمون بأناشيد رمضان فيقول: “إنهم يلوّحون بالفوانيس الصغيرة يسألون المارّة وأصحاب البيوت والدكاكين، وهم يرددون أغنية (رحت يا شعبان.. جيت يا رمضان).”
الشعراء ورمضان
اما الشعراء، فقديماً منهم وحديثاً من هنّأ بقدوم الشهر الكريم، منهم (المتنبي)، حين قدم التهنئة والمديح لسيف الدولة الحمداني، منشداً:
“الصومُ والفطرُ والأعيادُ والعُصرُ،
منيرةٌ بك حتى الشمسُ والقمرُ..”
أما الشاعر معروف الرصافي، فكتب عن الصيام وغاياته وآدابه قصيدة طويلة، يقول في مقطع منها:
“وأغبى العالمين فتى أكول،
لفطنته ببطنته انهزام..
ولو أني استطعت صيام دهري،
لصمت فكان ديدني الصيام..
ولكن لا أصوم صيام قوم،
تكاثر في فطورهم الطعام..”
(كنافة) الجزار
الحلويات والأكلات المفضلة لها حصتها وطرافتها أيضاً لدى الشعراء في رمضان، فهذا أبو الحسين الجزار، أحد الشعراء الصعاليك، يتغنى بمحبوبته (الكنافة)، إذ يقول:
“سقى الله أكتاف الكنافة بالقطر،
وجاد عليها سكراً دائم الدر..
وتباً لأوقات المخلل إنها،
تمرّ بلا نفع وتحسب من عمري..! “