القاص برهان المفتي لـ “الشبكة”: مجموعتي “كذلك” إنجاز لمغامرتي في تكسير القوالب التقليدية

920

 إياد الخالدي  /

لم يشغله عمله في مجال هندسة الكيمياء عن اهتماماته الإبداعية المتنوعة، فهو قاص متميز وضع بصمة في هذا المجال، وهو رسام الكاريكاتير الجريء ذو الأسلوب العميق، والباحث المهتم في مجالات عدة وضع لها مؤلفات قيد الطبع إنه برهان المفتي، الذي لفتت أولى مجموعاته القصصية المطبوعة “كذلك” الأوساط الأدبية العربية ورشحت لجائزة “الملتقى”، لتكون واحدة من أفضل النتاجات العربية في هذا المجال.
مَثَّل اختيار مجموعته القصصية “كذلك”، ضمن القائمة الطويلة في مسابقة “الملتقى” لهذا العام، بمشاركة نحو 200 مجموعة قصصية من مختلف البلدان العربية، إنجازاً مهماً لـ (المفتي) وللقصة العراقية، ولاسيما أنها مثلت مغامرة مهمة للكاتب الذي كسر القوالب الكلاسيكية للقصة واستخدم أسلوب القص والتشويق والإمتاع، وجعل اللغة حمّالة للفكرة، في المفردة والجملة والصياغة.
تقول لجنة جائزة “الملتقى” العربية إنها اختارتها، لقدرتها على تمثّل اللحظة العربية والإنسانية الراهنة، وانتمائها للعيش مع هموم وآمال الإنسان. وتأكيدها على وجود رؤية فكرية وراء رسم ملامح الشخصيات القصصية، وتجسيد البعد الإنساني والرسالة المتوخاة في العمل القصصي.
“الشبكة” أجرت حواراً مع الكاتب والقاص برهان المفتي وتوقفت معه في محطاته المهمة وكشفت جوانبَ من مشاريعه الجديدة، حوار ابتدأناه بسؤال:
* كيف تقيِّم وجودك ضمن أفضل القصاصين العرب لهذا العام؟
– أعتبر تأهلي للمنافسة على الجائزة بمثابة إنجاز شخصي مهم، ولاسيما أنها المجموعة القصصية الأولى لي، على الرغم من أني بدأت النشر منذ العام 2001 في بغداد، وفي العام 2003 في دبي، ومازلت مستمراً بالنشر في المجلات والدوريات الأدبية والمواقع العربية المعروفة.وبالطبع فإن للجائزة ثقلها المهني في الأوساط الأدبية العربية، وتشرف عليها لجنة تحكيم دولية وتأهلي يعني نجاح لمغامرتي في كسر القالب التقليدي للقصة.
* هل سيدفعك هذا النجاح إلى الانتقال للرواية لكونها تحظى باهتمام أدبي أكبر؟
– بالطبع لا، سوف أظل في ميدان القصة ولن تغريني الرواية للانتقال إليها على الرغم من أن جوائز الرواية أعلى مادياً من جوائز القصة، كما أن فرصة تحويل الرواية إلى عمل درامي تعدُ كبيرة أيضاً قياساً بالقصة.
وأتفق على أن الرواية كانت سبباً في شهرة الأسماء العربية الناجحة، ولاسيما في السنوات الأخيرة، لكن بالنسبة لي أفضل التكثيف وليس السرد الطويل، وأعشق القصة، ولي قصص لاتتجاوز كلمات معدودة، ولأني أتقمص الشخصيات التي أكتبها فإن مشاغلي وعملي والتزاماتي تجاه شركتي، لاتتيح لي الاستمرار بتقمص هذه الشخصيات لمدة طويلة.
والواقع أن ثمة عاملاً مهماً يجعلني أتمسك بكتابة القصة ألا وهو التجديد فيها، كما أن التغيير في قواعد اللعب والأسلوب في القصة تكون مساحته أكبر، وأنا أحب كسر القوالب، ولا أحب القيود أينما وجدت، حتى لو كانت قيوداً وقوالبَ ثمينة، وتمثل موروثاً أدبياً مهماً.
أساليبٌ حديثة
*كيف تقيّم مستوى القصة في العراق؟
– القصة القصيرة في العراق متميزة في أسلوبها وثيماتها، وفي الفترة الأخيرة برز تيار متجدد في القصة العراقية له شخصية مستقلة عن الأساليب الأخرى، ولا أريد أن أذكر أسماء بقدر الإشارة إلى الأساليب الحديثة التي تحررت من التقليدية، وخطوات هيكلة القصة، وقد عملت كل هذا في مجموعتي “كذلك” وكنت من الداعين لكتابة قصة بنهايات، لنترك للقارئ مساحة من الخيال ليكتب هو البداية والمتن، وهي تجربة ممتعة ونالت تقديراً واهتماماً لافتين.
ومع انحيازي الشديد للتجديد فإن ذلك لايمنع من الاعتزاز بأسماء كبيرة في ميدان القصة، ولي معهم نقاشات طويلة، ولاسيما معلم القصة محمد خضير، الذي كان له دور كبير في ذلك، فضلاً عن كاتب القصص محمود سعيد، وهذان الاسمان لهما مكانة كبيرة، ولايمكن أن نتحدث عن القصة دون ذكرهما، وبالنسبة لي لايمكنني إغفال تشجيع الروائي الكبير الدكتور طه حامد الشبيب الذي حثني على التوجه والتركيز على كتابة القصص.
وأود أن ألفت هنا إلى وجود حركة ثقافية في دول شمال إفريقيا نحو تجديد القصة، وأنا اتابع تلك الحركة، وشغوف بقراءة نتاجاتها الحديثة والمتميزة، كما لفتتني قصص مهمة لكتّاب سوريين مجدِّدين.
* يرى العديد من النقاد أنك تأخرت كثيراً في نشر مجموعتك القصصية، ماذا تقول؟
– تأخري في نشر نتاجاتي، ولاسيما مجموعة “كذلك”، له أسبابه، من بينها أني لم أرغب أن اطرح قصتي للقراء دون الحصول على إجازة أساتذتي وهم كبار معلمي القصة القصيرة مثلما يفعل الخطاطون تماماً وأعتقد أن تأخري كان مفيداً، إذ أن وجود مجموعتي ضمن أفضل المجاميع القصصية العربية، دليل على نجاح خطوة التأني وعدم الاستعجال في النشر.
رسامٌ محترف
*وماذا عن مشاريعك الجديدة؟
وضعت اللمسات الاخيرة على مجموعتين قصصيتين جديدتين جاهزتين للطبع، وكتاب عن ذاكرة المدينة، وآخر عن الحرب والحصار، فضلاً عن كتابة المنجز في التنمية المستدامة، وبالرغم من مشاغلي وحياتي العملية كمهندس والتي تجعل التفرغ للعمل الأدبي امراً صعباً، لكني كنت استغل الوقت لإنجاز تلك الكتب، وأحافظ على استمرار أعمالي كرسام محترف في الكاريكاتير، وفي الواقع ما أحتاجه الآن هو الوقت لدفع كتبي لدور النشر.