القاص والروائي البحريني أحمد المؤذن: ثمة هاجس يحرضني على الكتابة

191

حاوره / عبد الحسين بريسم/
أحمد المؤذن، قاص وروائي من البحرين، يرى أن الكتابة عـملية خـلق معقدة أكثر مما يتصورها الإنسان العادي، كما أنه يؤمن بوجود إشكالات عديدة تصوغ ما يكتبــه الإنسان وتؤثر في صورته النهائية، على اعتبار أن الكتابة تمثل خبرة العمـر ومكابدة تجارب الحياة وشيئاً من المنطق والفلسفـة والحب وقراءة الحياة بصيغ متعددة.
كتب المؤذن (لـبّ) حياته ورصيد خبرته وفـنه وعبقريتـه، لذا فإنه تألق في دنيا الكتابة. وأبرز ما أنجزه في حياته ككاتب كان فرصة لتعرفه أجيال عديدة من مملكة البحرين ككاتب بحريني، وهي قصة (الدكان) التي اعتمدت في منهاج اللغـة العربية للمرحلة الثانوية. سنحت لنا الفرصة للحديث مع هذه الشخصية حول تجربته في عالم الكتابة..
*ماذا عن العلاقة بين القصة والرواية.. وأيهما أقرب لك؟
– يحاول فن القصة القصيرة الآن في المجمل أن يتصدر المشهد الأدبي عربياً وسط طغيان الرواية، التي أصبح الاهتمام الإعلامي بها كبيراً، ولاسيما من بعد انتشار الجوائز المخصصة لها (البوكر / كتارا) وغيرها من الأسماء في الساحة.
*تحولات السرد ماذا تعني لك؟
– السرد له تحولاته الجديدة التي أصبحت تعطي النص أبعاداً دلالية في امتزاجها بالسينما والمسرح، أو الشعر أحياناً، ولم تعد تأخذ طولها التقليدي المعتاد، بل أضحت تختزل طاقتها التكثيفية بشكل إبداعي جميل من خلال الكثير من الأقلام العربية.
*كيف تتعامل مع فن كتابة القصة القصيرة؟
– تبقى القصة القصيرة فناً صعباً عصياً، كما فرس جامحة لا تسلم قيادها لأي كان، لذا لا ينجح في امتطاء صهوتها إلا الكاتب الموهوب المثابر، ممن يمتلك مشروع كاتب حقيقي.
*أين تجد نفسك.. في القصة أم الرواية؟
– أجد أن القصة القصيرة هي بيتي الأول، لكن تبقى الرواية هي ذلك الشاطئ الذي أستجم فيه لكوني مغرماً بالتفاصيل. أكتب الرواية، لكني في ذات الوقت لا أنفصل عن عوالم القصة، فهي تبقى راسخة في ذهني تطاردني في الحلم، ولا أجدني أنفك عن التفكير فيها، إذ أراها كهاجس شبه يومي.
*ماذا عن واقع السرد في القصة والرواية في البحرين؟
– السرد البحريني في مشهديته منذ أربعينيات القرن العشرين وحتى الآن في نمو وتصاعد، فهو أحد محركات الساحة الثقافية على المستوى المحلي، يتطور وينتشر على الصعيد العربي من خلال حركة النشر، وإن كان ليس بالمستوى الذي نطمح إليه ككتاب. ثمة الكثير من الكتّاب من أجيال متباينة يتصدرهم الراحل عبد الله خليفة البوفلاسة، وفريد رمضان، وعبد القادر عقيل وعلي سيار، وجمال الخياط، وأمين صالح، وهناك أجيال أخرى.. فتحية ناصر، وشيماء الوطني، وحسن بو حسن، وعبد العزيز الموسوي، ونعيمة السماك، ومهدي عبد الله، ومحمد بو حسن، وأيمن جعفر … إلخ من أسماء لا يتسع المجال الآن لذكرها، لكنها حاضرة في المشهد الأدبي البحريني، كلها تسهم في عطائها الثقافي، لكن لا أدري لماذا تبقى سطوة الجغرافيا (محدودية المساحة الجغرافية لهذه الجزيرة)، لعلها تعمل ضدنا في النظر إلينا على أننا لا نتصدر قوائم الجوائز الأدبية العربية برغم تطور مشهدنا الثقافي!
*من هو مثلك الأعلى في السرد؟
– مثلي الأعلى هي أمي السيدة نجيبة السيد عبد الله، فهي أول من علمني غواية السرد والحكاية حينما كانت تحكي قصص و(خراريف) الأسلاف من مأثورات شعبية نابعة من التراث البحراني، وهذا كان له الفضل في تكويني كقاص فيما بعد، بالإضافة الى المدرسة التي عززت هذا الاتجاه في داخلي.
*هل اطلعت على السرد العراقي؟
– نعم، اطلعت على السرد العراقي لكن ليس بالشكل الملائم، أعرف أسماء حاضرة بنشاطها الإبداعي مثل علي حسين عبيد، وميثم الخزرجي، وعلي السباعي، وهناك أسماء أخرى لا تحضرني الآن، لكن بالمجمل وعن طريق انفتاح عوالم الشبكة العنكبوتية أتصفح صحف العراق وأكتشف أسماء سردية بين وقت وآخر وأبحث عنها وأتبادل معها وجهات النظر والاصدارات، وهذا ما يخلق بيننا مجالاً للمثاقفة، ولاسيما أن مساحات لقاءات الكتّاب العرب تكاد تكون شحيحة ضمن الإطار الرسمي في المهرجانات والأعراس الثقافية العربية.
*هلا تحدثنا عن واقع الجوائز العربية في السرد العربي؟
-الجوائز العربية، بالذات جوائز الرواية، أضحت تمارس سلطتها على الكاتب العربي، تحولت معاييرها الذوقية والجمالية التي تسجن ذوق المتلقي وتبرز ثلة من الفائزين وتسوقهم إعلامياً على أنهم (النخبة) التي ينبغي قراءة نتاجها، وهو ما ينعكس سلباً من الناحية الموضوعية على تجارب هؤلاء الكتّاب القابعين في الظل، بهذا نحن أمام سلطة ثقافية مدفوعة بقوة المال والإشهار الإعلامي، هي وحدها القادرة اليوم على تسويق الكاتب العربي، وكأن معيار الفوز يستبطن بأن هؤلاء الذين لا يحرزون الجوائز كتّاب لا يُعتد بتجاربهم أو أنهم.. مجرد أرقام!
*هل تعتقد إنه جرى إنصاف الكاتب العربي؟
-بكل أسف.. الناشر لم ينصف الكاتب العربي، ما عدا دور نشر قليلة وحسب، فالكاتب ليس له محل من التقدير، وكثيراً ما يأكل هذا الناشر أو ذاك حقه، ثمة مشكلات كثيرة توتر جو العلاقة بين الطرفين، وأنت أ. عبد الحسين ككاتب على معرفة بها من دون أدنى شك، الكاتب العربي يحتاج الى من ينصفه ويقف معه ويعطيه حقه من التقدير والاحترام.
يذكر أن القاص والروائي البحريني أحمد المؤذن يكتب في الصحافتين المحلية والعربية، وصدرت له عدة مجاميع قصصية منها (أنثى لا تحب المطر، رجل للبيع، وجوه متورطة، من غابات الأسمنت، الركض في شهوة النار، وترقصين). كذلك له أعمال روائية: (وقت للخراب القادم، سر البانوش المهجور، اعترافات البيدق الأخير، فزاعة بوجه الريح). فاز بالعديد من الجوائز الأدبية داخل وخارج البحرين. صدرت له مجموعة شعرية بعنوان: (أنتِ الحزن الأول). تحولت بعض قصصه الى أعمال مسرحية وأفلام قصيرة. له قصة بعنوان (الدكان) مدرجة ضمن كتاب اللغة العربية للمرحلة الثانوية العامة في مدارس مملكة البحرين.