القاص والروائي حسن أكرم: لدينا نقاد وكتّاب لا يقرأون.. وهذه محنة كبيرة!
حوار / علي السومري/
كاتبٌ من مواليد مدينة البصرة عام 1993 ويقيم في بغداد، حاصل على شهادة البكلوريوس في علوم الحياة من جامعة القادسية، قبل أن يتجه إلى العمل في مجال النشر وصناعة وتسويق الكتاب. صدرت له رواية (خطة لإنقاذ العالم)، ومجموعة قصصية بعنوان (كتاب الكوابيس)، كما نشرت له فصول من روايته بالإنكليزية في مجلة consequence في لاس فيغاس، إضافة إلى العديد من القصص والمقالات والحوارات الأدبية في صحف عربية مرموقة.
حصل على منحة (صندوق آفاق العربية للكتابة الإبداعية)، ومنحة (مفردات) في بلجيكا، وشهادة مشاركة في ورشة (جائزة البوكر العربية) عام 2018 في الشارقة. يكتب في صحيفة (العربي الجديد) ومنصة (جمار).
شارك في تحرير وتقديم كتاب (هدف في مرمى بوش)، الذي تناول سيرة المدرب البرازيلي جورفان فييرا وقيادته منتخب العراق في كأس آسيا 2007، كما عمل على تحرير أكثر من ثلاثين كتاباً إبداعياً وصحفياً.
إنه القاص والروائي حسن أكرم، الذي كان لنا معه هذا الحوار، وابتدأناه بسؤال:
* في روايتك (خطة لإنقاذ العالم)، نجد هيمنة واضحة للموت الذي جابهه بطلها، كيف تفسر ذلك؟
– لقد كتبت عن الحرب بوصفها حفلة في الحديقة الخلفية للرواية، وهي في الحقيقة هامش دائم في الحياة العراقية، وهذا ما يسوّغ ذكر الموت المتكرر في أعمالي، العراق في تاريخه لم يخرج من حرب إلا وشارك في أخرى أوسع منها، أجد التفكير في الموت ومحاول تفاديه، أو عقد صداقة معه، هو كل ما نفعله يومياً بوصفنا عراقيين.
* كيف ترى السردية العراقية اليوم، وهل يمكننا عد الرواية العراقية رواية عالمية، بالأخص بعد نيل بعض الكتّاب جوائز عالمية؟
– للأسف الرواية العربية لم تبلغ في أي من أوقاتها صفة عالمية، بمعنى مؤثرة في تاريخ الرواية العالمية وتحولاتها، الرواية العالمية عمرها 400 سنة، ولدى العرب مئة سنة من المحاولة والتجريب، لكن هل أثرت الرواية العربية في قواعد كتابة الرواية العالمية، ما يفسر ذلك أن العرب بإرث تجربتهم الأدبية هم شعراء، ثم فيما بعد هم كتاب سرد قصصي أكثر من كونهم روائيين، لكني في هذا المثال يمكنني الإشادة بمسيرة القاص محمد خضير الذي التزم بكتابة القصة بوصفها امتداداً للسرد العربي.
وأود أن أؤكد أن هذا الإخفاق لا يقع على الكتّاب العرب وحدهم، بل على العكس، فأنا أتهم -على نحو أدق- البوصلة العالمية التي تحرك كل شيء في هذا العالم، هيمنة أميركا بوصفها الراعي الثقافي والسياسي والعسكري للعالم، وهذا ما يحدد عالمية الشيء من غيره، لو أن حدثاً سياسياً أو عسكرياً غير قواعد اللعبة وخلق توازناً في عالم متعدد الأقطاب، ممكن أن يجعل هناك فرصاً لأدب الهامش والعالم الثالث للظهور على السطح، وهذا ما يفسر اختفاء الأدب الروسي الحديث من لائحة الجوائز الأدبية المرموقة ومن البروباكندا الإعلامية، لأنها باختصار ضد التفكير الأميركي نحو العالم، لذا تتعمد المؤسسات الأدبية والإعلامية أن تتجاهل الأدب العربي والروسي وغيره.
* عرف عن العراق أنه بلد الشعر، ولكن ثمة من يقول إن الرواية تغلبت اليوم على الشعر فيه؟
– كتب العراق ألف رواية من عام 2008 حتى عام 2018، هذا العدد ظهر للمفارقة مع اهتمام العالم العربي بالجوائز الأدبية، وقد أسهم الكثير من الشعراء في كتابة هذه الروايات، طمعاً بالجوائز مع عائدات محبطة من النشر، وأيضاً استجابةً لتوجه القارئ العراقي، لكن لنحزر ماذا حدث؟ لقد خسرت الرواية والشعر معاً، خسرنا سوق الكتاب العراقي من دون أن نعي حجم الخراب وانعدام الثقة الذي تسببنا به للقارئ، لقد غادر القارئ العراقي نحو الكتب المترجمة وترك الشعراء والروائيين يندبون حظهم.
* ما تقييمك للحركة النقدية في البلاد، وهل تأثر السرد بهذه الحركة؟
– يمكن عد النقاد العراقيين الفاعلين والمشتغلين في السرد على أصابع اليد، جُل تراثنا النقدي هو في حقل الشعر وقصيدة النثر، حتى الأكاديميات لم تفرز لنا دراسات يمكننا الاتكاء عليها، لم أجد منجزاً يشار إليه غير كتاب (تاريخ زقاق) الذي يعد سيرة ذاتية للسرد العراقي، مراقبة نقدية لمئة عام من السرد العراقي، وغير ذلك لدينا نقاد لا يقرأون وكتّاب لا يقرأون وقراء لا يقرأون! لدينا محنة كبيرة ستظهر آثارها قريباً على التجربة الأدبية العراقية، أعتقد أنها ستصنع قطعاً تاماً مثلما حدث للسرد العراقي في فترة التسعينيات.
* يقال إن تدني نسب القراءة أثر كثيراً على ما يطبع من كتب، ما رأيك؟
– أنا أعمل في سوق الكتب منذ عشر سنوات وأراقب بشكل يومي ما يحدث في سوق النشر العراقي بالأرقام، هناك انهيار شبه تام للسوق بعد جائحة كرونا، بعض الدور صمدت لوقت، وأخرى سقطت مغشية عليها مع ديون كبيرة، يمكنني أن أخبرك أن الدور العراقية التي تستثمر في النشر للكتّاب العراقيين توقفت تماماً عن هذا الاستثمار، الكثير من الكتّاب يحاولون نشر أعمالهم مع تحمل تكلفة الطباعة، لكن دور النشر ترفض تلك الأعمال. هذا يفسر لك أن القارئ ترك كاتبهُ وحيداً في الوادي، لقد غادر القراء، ذهبوا إلى منازلهم ليشاهدوا الأفلام المسلسلات ويغرقون في دوامة (الريلزات) المضحكة، إنها حقا محنة!
* ما جديدك؟
– كنت منشغلاً منذ أربع سنوات في كتابة رواية قصيرة (نوفيلا)، أكملتها للتو، لكني لا أجد أن من المناسب نشرها في الوقت الذي أشاهد فيه أهلي في فلسطين ولبنان يقتلون بهذه البشاعة، أشعر أن من واجبي أن أُكرس نفسي صحفياً لنصرتهم، هذا فعل أجده أكثر وضوحاً وتماساً مع المحنة من محاولة نشر (نوفيلا) والتفكير بالاحتفاء بها.