النفط و”البدون”والمرأة فاطمة يوسف تحلل البعد الواقعي في القصة الكويتية

262

عرض: خضير الزيدي/

محاور عدة تبنتها المؤلفة فاطمة يوسف العلي في كتابها الصادر في دبي، انصبت غالبيتها في وعاء القيم الفنية وأبعاد المحيط السوسيولوجي في بيئة دولة الكويت.
الكتاب الذي ضم خمسة فصول متنوعة في البحث والتقييم والدراسة، قدم تصوراً فعالاً باتجاه نقدي ينصب حول الأسس الاجتماعية لدراسة فنية مصحوبة بتحليل لأسماء قصصية من دولة الكويت، ابتداء من تاريخ القرن المنصرم حتى لحظة كتابة هذه المادة، ولم تكتف بتحليل ظواهر التأثير الاجتماعي عند الكتابة القصصية الذكورية، بل أعطت للأصوات النسوية حقها في التحليل والمتابعة وفن النص القصصي، الذي يبدو في دول الشرق كأنه يتابع مسيرة الحياة اليومية بأدق تفاصيلها، مثلما تخبرنا الناقدة فاطمة العلي.
الأدب الواقعي
في مقدمة كتابها، تتوقف في رؤاها التحليلية عند توصل أسبقية كتابة النص القصصي في الثقافة العربية، من فن الرواية، وتشير هنا إلى تتابع ثلاثة أجيال: كل جيل منها أخذ موقعاً مميزاً في كتابة هذا الفن، معرجة على الأدب الواقعي المهتم بكل جزيئات الواقع والزمن.
الكتاب -الصادر حديثاً- جاء فصله الأول، محور (الحاضرة البادية)، تشير المؤلفة فيه إلى أن الكويت تنقسم إلى بحر وصحراء، وعلى حافتيهما تنهض المدينة، وهذه الثلاثية اشتغل عليها كتّاب النص القصصي كمحور اجتماعي، فكانت غالبية المواضيع ذات حساسية واقعية، بمعنى أنها شكلت رافداً مهماً من روافد المضمون الذي ترى فيه الباحثة استجابة طبيعة لنشوء هذا الفن من حيث النشأة والملامح.
البدون
الفصل الثاني من الكتاب اشتغل على محور الكويتي / البدون / الوافد، وهو تعميق في صلب العلاقات الاجتماعية والعقائدية المتوارثة في بيئة ظلت وفية لتقاليدها منذ زمن بعيد، وربما اكتسبت أهميتها الوجودية والطبيعة من جراء تفاصيل كهذه، من شأنها أن تضفي واقعاً متماسكاً شكل في نهاية المطاف أسلوباً في الكتابة والمدلول.
في الفصل الثالث كان النفط هو الشاغل الحي لمدار تسلسل الحياة، سلباً وإيجاباً، في ظل ظروف حياتية مدت الكويت بتعزيز النمو الاقتصادي، ما فتح الآفاق الواسعة لتطوير المجتمع وفقاً لمتغيرات العصر. ومن هنا تبدو الدراسة المقدمة في هذا الكتاب وكأنها تقف طويلاً عند المد الاجتماعي المتغير، وليس الساكن. وإذا كانت القصة -كجنس أدبي امتد عبر قرون طويلة في تاريخ البشرية- فإنها كفنٍّ له ممكنات النمو والاكتساب الفني، قد ظهرت بوادره الأدبية في القرن التاسع عشر. أما القرن العشرين فقد وصلت فيه القصة إلى ذروة المشهد الأدبي في أوروبا وبلدان أخرى، الذي يجمع متن مضمون الكتاب تلك العلاقة بين (الحراك الاجتماعي من منظور قرائي والقصة كفن من منظور نقدي ومناخ إبداعي). وبالنتيجة تكون الروابط بين ما تقدمه المضامين من تعبير وصلب الواقع المعاش هي التجليات التي يراد لها أن تتمحور في تصوير قرائي ذي قيمة جمالية.
التكوينات الشخصية
من بين الفصول المهمة التي عالجتها المؤلفة، ما جرى التوقف عنده في الفصل الرابع، الذي خصصت مادته في حراك الكتابة النسوية في إطار الفن القصصي شكلاً ومضموناً، فهناك اعتقاد تتبناه فاطمة يوسف العلي فحواه “فالكتابة النسوية هي الأخرى تأثرت بالواقع من حيث التكوينات الشخصية التي أسهمت في متن النص الإبداعي والمطروحة بمضامين إنسانية استمدت فحوى مادتها من نواحٍ تتسلسل بالشعور والوجدان الإنساني.” مسلطة الضوء في هذا الفصل على أسماء مختلفة مثلما سلطت الأضواء على كتّاب قصص وصلتنا نصوصهم واجتهاداتهم الفكرية داخل متن النصوص محملة بمقاربات التغيير في الكتابة أسلوباً ومضموناً ومحركة لتلخيص الاجتهادات الأخرى في تطور هذا الفن ونشأته.
احتلت الفصل الخامس من هذا الكتاب واحدة من أهم الدراسات المقدمة من قبل صاحبة الكتاب، من خلال دخولها إلى محور الظواهر الفنية، مركزة جل اهتمامها حيال الأسس الفنية، متابعة ذلك بالنقد والتحليل والموازنة في تغذية هذا المحور بالتمثيل والاستشهاد بنصوص متنوعة، ثم تأتي بعد كل ذلك الخاتمة وما وصلت إليها استنتاجاتها من آراء وأفكار قدمت لنا في كتاب امتدت أوراقه إلى أكثر من مئتي صفحة لكاتبة عرفت بنشاطاتها الإبداعية نقداً وكتابة، إضافة إلى عملها في حقل الصحافة.