رضا المحمداوي: الشعرُ غناء الروح

866

حوار أجراه: علي السومري /

رضا المحمداوي، مخرج تلفزيوني وناقد وشاعر، حاصل على شهادة البكالوريوس في الإخراج السينمائي عام 1986، أخرج عدداً من المسلسلات التلفزيونية بينها (حكايات) و(من شذى عطر النبوة) و(عبود في رمضان) و(الصيف والدخان) و(حرائق الرماد).

حصل على جوائز عدة منها أفضل مخرج في عام 2010 وذلك عن إخراجه لمسلسل (الصيف والدخان) وأفضل مخرج في عام 2015 وذلك عن إخراجه لمسلسل (حرائق الرماد).
أما في الشعر فأصدر ثلاث مجموعات شعرية هي (عشرة أصابع في عسل الوقت) و(ما مضى … في وقتٍ لاحق ) و(حفنة دولارات ملطخة بالدم)، وله تحت الطبع مجموعة شعرية جديدة بعنوان (من أغاني العاشق)…وللحديث عن منجزه الإبداعي أجرت “مجلة الشبكة” حواراً معه ابتدأناه بسؤال:
* الشعر والنقد جنسان أدبيان يتصارعان داخل روح الشاعر والناقد (رضا المحمداوي)، أيُّهما الأقرب إليك؟
– في الوقت الذي أعترفُ بأن الشعر والنقد يكونان معاً في عقلي وذاكرتي ونفسي وقلبي ويأخذان الكثير من اهتمامي ووقتي وجهدي الثقافي العام، إلاّ أنني أنفي هنا صفة (الصراع) القائم بينهما في مساحة روحي بالمعنى الدرامي لمصطلح (الصراع)، ذلك لأن كلاً منهما يحتفظ بخصوصيته وأرضهِ الخاصة ومقوماتهِ ومؤثراتهِ، ولا تداخل في حدودهما ضمن اشتغالاتي الأدبية وآلياتها وسياقاتها الخاصة.
أما صُلب السؤال في التعرِّف على أيِّهما أقرب إلى نفسي فبالتأكيد أن الشعر هو الأقرب إلى القلب والروح معاً، ذلك لأن الشعر بالنسبة لي هو وعي وجود، ومحاولة الإمساك بالمعنى قبل أن تغيب اللحظة الزمنية المُكَثّفَة في مجاهيل الزمن، الشعر هو غناء الروح ولذا تجدني أواصلُ الغناء.
* كيف تقيِّم مستوى الشعرية العراقية اليوم في ظل الكم الهائل مما ينشر من مجموعات شعرية؟ وهل أثّرت( السوشيال ميديا) على نوعية ما يكتب منه؟
– تبقى الشعرية العراقية حاضرةً دائماً وبمناسيب إبداعية عالية جداً وبحضور ثقافي مُمَيَّز على المستوى العربي رغم ما يُقالُ عن منافسة ومزاحمة الفن الروائي لذلك المستوى العالي للشعر، مع ملاحظة أن الكثرة العددية، بَلْ قُلْ الغزارة الشعرية التي ينتجها الشعراء العراقيون من الأجيال والحقب والأسماء والتجارب كافة لا بُدَّ أن تتضمن أو تحتوي على مستويات إبداعية شعرية متفاوتة تفاوتاً كبيراً من حيث الجودة، والنوعية والحضور الإبداعي، والبصمة الشخصية، والتميز الشعري.
أما الشطر الثاني من السؤال عن تأثير (السوشيال ميديا) فقد باتَ مؤكداً أن مواقع التواصل الاجتماعي من طبيعة عنوانها وتأثيرها الواسع قد زادتْ من زيادة مساحة حضور الشعر وانتشاره ورواجه لدى محبي ومتابعي ومنتجي الشعر وقُرّاءهِ وعمّقتْ من وجودهِ بينهم.
* دائماً ما يتردد حديث عن شبه انعدام لحركة النقد في العراق، هل لاحظت هذا الغياب؟
– من التعسف والمبالغة القول بعدم وجود حركة نقدية عراقية، ولكن يمكن ملاحظة غياب أثر تلك الحركة النقدية في متابعة الحضور الأدبي الفاعل والكبير والغزارة النوعية الأدبية للأنواع الأدبية كافة، مع انحسار وقلّة تأثير للحركة النقدية الرصينة والدؤوبة لذلك الحضور الأدبي الإبداعي، وإذا شئنا الدقة في التوصيف فأنتَ تجد أنَّ الصحافة الثقافية اليومية والدوريات الثقافية في متابعة مستمرة ودائبة للنتاجات الأدبية وملاحقة الكتابة عنها أو الترويج لها، لكن الكتب النقدية الخالصة بمنهجيتها ورصانتها الأكاديمية والبحثية بأساليبها ومدارسها المعروفة، التي تُعنى بتلك النتاجات تبقى في شبه غياب، وتبدو وكأنها في حالة قصور أو عدم القدرة على اللحاق بالحركة الإبداعية الدائبة.
* لنتحدث عن الدراما، قدمتَ أعمالاً درامية بصفتك مخرجاً، ما أبرز العقبات التي تقف أمام انتشار الدراما العراقية في العالم العربي؟
– تقفُ أزمة أو مأزق الإنتاج الدرامي وإشكالاتهِ المتعددة بوصفها أولى العقبات التي تعترضُ عملية (تسويق) الدراما العراقية، ولا أقولُ (الانتشار) لأن الانتشار أوسع وأكثر حضوراً وطموحاً من عملية (التسويق) المحدود، وأقصد بـ (الإنتاج الدرامي) هنا أولاً: خضوع الإنتاج الدرامي إلى خطةٍ إنتاجيةٍ سنويةٍ مُستمرةٍ ذات خط إنتاجي بياني بوتيرة متنامية لا توقفَ فيه. ثانياً: الاهتمام والعناية والتركيز على النوع الدرامي المطلوب تسويقياً.
ثالثاً: يَتَوَجّبُ أنْ تكون هناك نظرة واقعية جادةً وحقيقيةً لمحيط العراق الإقليمي والذي عادة ما يُنظَرُ إليهِ على أنهُ (أسواق واعدة) للبضاعة الدرامية العراقية، ذلك لأننا لا يمكنُ أنْ نُفكّرَ بتسويق الدراما العراقية إلى مصر أو سوريا مثلاً ، كما لا يمكننا التفكير بتسويق الدراما العراقية إلى دول المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب وليبيا و… ) لأسباب عدة منها اللهجة وطبيعة الموضوعات وعدم وجود موطئ قدم سابق للدراما العراقية هناك، مثلما لا يتسّعُ الخيال لنتصور أنَّ الدراما العراقية ستجدُ لها طريقاً إلى شاشة التلفزيون في إيران وتركيا مثلاً !!
ولذا ينبغي التركيز على منافذ وأسواق دول الخليج العربي المعروفة بتقاربها من حيث اللهجة والعادات والتقاليد السائدة، وحضورها الفني في سنوات ومراحل زمنية سابقة، ونحنُ في هذا الجانب بالذات نعاني من الجهل التام، والكسل، وعدم الجدية والرغبة الحقيقية في التحرك والوصول إلى تلك الأسواق.
*بعض المشتغلين في الإنتاج التلفزيوني يقولون بضرورة تقديم أعمال مشتركة مع ممثلين عرب من أجل إنضاج الدراما في العراق، هل أن الدراما لدينا غير ناضجة حقاً؟
– ليس من الإنصاف أنْ نَصِفَ الدراما العراقية بأنها غير ناضجة، بل أن هذا الوصف يُعّدُ تجنياً عليها، وإلغاءً لإنجازاتها الدرامية، ذلك لأن الدراما العراقية ذات أصول وجذور عريقة بدأتْ مع بداية ظهور التلفزيون في حياتنا الاجتماعية والفنية في عام 1956، ولكن قياساً أو مقارنة بالمستوى الفني والنضج والتطور المستمر الذي حققتهُ الدراما المصرية والسورية على وجه التحديد، يمكنُ أنْ نَصِفَ الدراما العراقية بأنها غير متطورة على المستوى الفني بكافة العناوين والفقرات والمُكوِّنات الداخلة فيها.
كما أن هناك أعمالاً درامية عراقية تمَّتْ بمشاركة ممثلين ومخرجين مصريين وسوريين لكنها لم تلقَ النجاح الفني المطلوب، ولم تستطعْ اختراق جدار التسويق أو تساهم باستمراية التجربة.
* ما جديدك على الأصعدة كافة؟
-أصدرتُ هذا العام مجموعتي الشعرية الثالثة (حفنة دولاراتٍ مُلَطخَّة بالدم) وقد حققتْ أصداءً طيبة من حيث المتابعة النقدية لها، فضلاً عن جلسات الاحتفاء بها من الجمهور الثقافي العام، وعندي تحت الطبع كتابي النقدي (جمرةُ النقد المُتوَهِجة) الذي سيصدر عن شبكة الإعلام العراقي، وهو مجموعة كتابات نقدية عن الدراما العراقية منذ عام 1983 حتى عام 2003، إذ يغطي الكتاب نقدياً حقبة درامية تمتد عشرين عاماً.
أمّا على صعيد الإخراج الدرامي فلديَّ مسلسل (كلام في الحب) لمؤلفهِ الكاتب الكبير صباح عطوان، وهو مسلسل ضخم إنتاجياً يتصدى لثنائية الصراع بين الحب والفساد في المجتمع العراقي في هذه الحقبة الزمنية، ومن المؤمل أن تنتج المسلسل شبكة الإعلام العراقي في العام المقبل في حال توفر التخصصيات المالية؟!