سمو في مرابع الجمال بدافع فطري في الواقعية التعبيرية.. صورة المرأة بفرشاة التشكيليات

222

دمشق ــ رندة حلوم/

بالنظر إلى موضوع الجمال، نحن نتجه نحو التسامي عن القبح، وهذا بالنسبة إلى مفهوم الجمال لدى العامة، يتجه إلى ما يتفق عليه المجتمع على أنه ليس قبيحاً، ويشار إليه بأنه جميل، أو رائع، أو جيد، أو مقبول، أو أعجبني،
هناك ما هو جميل بذاته، وهناك ما يثير فينا مشاعر الجمال والسمو والتعالي عن القباحة.
الرسم النسائي المزدوج – أي عندما ترسم المرأة المرأة – في الغالب تتجه الأولى إلى السمو بالتشكيل والصورة إلى مرابع الجمال، وهذا يعود إلى الفطرة الجمالية للمرأة ومفهومها لذاتها وللعالم.
نماذج نسائية لفنانات عربيات أظهرن ذات المرأة من خلال جماليات ظهرت في الصورة الأنثوية، ناضجة الهيئة، مليحة الوجه، غنية الوجود، دافقة في إنسانيتها، ضمن إطار المفهوم الجمالي العام والخاص برمزيته الشفيفة، إذ عبّرن بصيغة فنية تختلف بين المباشرة والإيحاء، وبين التعبيرية الواقعية والرمزية والتجريد، بنفحات إنسانية عاتية في غربة المجتمعات المستقبلية وماضي التراث الشعبي الفاتن، كل هذا ضمن مفهوم الجمال الذي تُعتبر المرأة رمزه الأكبر في المخزون الجمعي لدى شعوب العالم.
تجارب فنية
تجربة الفنانة التشكيلية السّورية (د. فاطمة إسبر) والفنانة التشكيلية العراقية (ميسون الربيعي) والفنانة التشكيلية العراقية (ميساء محمد السرّاي)، والسورية (راميا حامد).
الفنانة التشكيلية السورية د. فاطمة إسبر من مواليد دمشق، عبّرت من خلال التجريد مرات، والواقعية التعبيرية مرات أخر، عن الأنثى، أنثى الروح وأنثى الجسد، برعت في إظهار جمال المرأة الخارجي من خلال الواقعية، والداخلي من خلال التجريد وحضور اللون الصارخ ليحدث نقلات جمالية مترفة ويقيم علاقة وثيقة بين الدال والمدلول، وكانت المرأة في تشكيلها محوراً تتمركز حوله غالبية القضايا الوجودية التي ترجمتها الفنانة من خلال تشكيلها لحالات إنسانية، وإيحاءات اللون الخاطفة للذائقة الجمالية العالية في لوحاتها التي اتسعت لكل منحنى إنساني، من خلال وجوه نسائية غائبة الملامح حاضرة الروح والرؤيا، تتسم بالبساطة المرهفة والعفويّة الساحرة تتسع لمفاهيم فلسفية عميقة تستطيع أن تظهر بين إشارات اللون والخطوط التجريدية من دوائر أنثوية ملهمة في تفاصيلها الغائبة.
نساء بلاد الرافدين
الفنانة التشكيلية العراقية ميسون الربيعي، عبر أبواب الواقعية الرمزية، دخلت وهي تحمل الجمال الأنثوي الفاخر، العربي البغدادي الموشح بنفحات من الطيب والحلي والأثواب المطرزة وغطاء الرأس مع الحلق المتدلي من الأذن المشغول بحرفية، والمرسوم بحرفية أعلى تفوق الواقع، الذي أضافت عليه الربيعي من ذاتها رهافةً وغنجاً أنثوياً لا يوجد إلا في لوحاتها ذات الخطوط المنحنية والأقواس في جسد ووجه المرأة المكتنزة الأنوثة، الناضجة في تفاصيلها، وقد عبرت عن جمال نساء بلاد الرافدين بلغة مبسطة واعية سلسة الإدراك جذابة للعين والعقل، وتقترب من هذا الأسلوب الجمالي العراقية ميساء محمد السرّاي التي شابه خطها الجمالي خط الربيعي من حيث إظهار الجمال الأنثوي في الملامح وفي الحلي والأثواب لتكون المرأة في جمالها الخارجي هي عنوان بغداديات ميساء السرّاي، التي اهتمت بإظهار زينة وتبرج أنثى بلاد ما بين النهرين، فقد أظهرت السراي النساء في لوحاتها كأنهن ربات جمال بعيونهن الكبيرة والحواجب المرسومة بعناية وإتقان مع الشفاه ذات الجمال السومري الأصيل، وللوشم المنقوش على الجسد حكاية أخرى من حكايات الجمال.
نفحة جمالية
بنفس الخط الجمالي، وعلى نسق الواقعية التعبيرية، عبرت الفنانة السورية (راميا حامد) بمفهوم الجمال الخام إلى الضفة الأخرى عبر (تكاوين) امرأة ناضجة في الجسد، مليحة الوجه، صاخبة في الحالات الإنسانية العميقة، مثيرة في بعض الأماكن، راشحة في الأنوثة، كما يرشح الماء من الجرار، عبّرت عن الحالات النفسية التي تمر بها المرأة من ألم وحزن ووحدة وضياع وضعف وحنين.. كل هذا ضمن خط جمالي واضح ومباشر.
نفحة جمالية مترفة لأربع فنانات عربيات من الفن النسائي المزدوج لخصت كينونة المرأة وركونها إلى فطرة الجمال الحي الواعي.