طالبوا من خلالها بالحفاظ على ما تبقّى من بساتين “طبيعة عراقية..” لوحات حملت رسائل عديدة

411

زياد جسام/

حرصت جمعية التشكيليين العراقيين على إقامة أنشطتها بشكل دوري منتظم، ومن هذه الانشطة “معرض الطبيعة العراقية”، وهذا المعرض كالمعارض الاخرى تقيمه الجمعية بشكل سنوي وبمشاركة عدد كبير من الفنانين العراقيين من مختلف المحافظات،
ولا شك في أن الغرض الرئيس من هذا النشاط هو محاكاة الطبيعة العراقية أينما وجدت وتوثيقها، بالإضافة الى إظهار مهارات الفنانين المشاركين وتقنياتهم وأساليبهم الى آخره..
لكن في السنوات الاخيرة اختلف الامر، وتعدت أهمية هذا المعرض جماليات المكان والتقنيات والاساليب، وتحول الى أشبه بالمنبر يناشد الفنانون من خلاله جميع السلطات المعنية، بأن تقف الى جانب الطبيعة العراقية التي باتت مهددة بالانقراض، وأقامت جمعية التشكيليين العراقيين هذا المعرض ليكون كسابقه نشاطاً فنياً حاملاً بين طياته رسالة واضحة للمعنيين، بان هذه الطبيعة والمساحات الخضراء مهددة فعلاً بالزوال، والسبب واضح للجميع هو أن الزحف العمراني بدأ يجرف كل ما هو أخضر ويحيله الى كتل كونكريت او ربما الى مناطق صحراوية.
صورة العراق
وقد تحدّث رئيس جمعية التشكيليين الفنان قاسم سبتي عن هذا الموضوع وتناوله من عدة جوانب، وقال: “أهم ما يميز طبيعة بلدنا، التنوع والاختلاف، فهناك أعمال من الجنوب حيث البساتين والاهوار، ومن الوسط بنخيله الوافر، وغرب العراق بخضرته ومياهه العذبة، الى الشمال وجباله الشامخة، لوحات طبيعية جسّدها فنانون بطرق مختلفة، لتكتمل صورة العراق الخضراء الزاهرة والندية في كل شبر منها. وهنا لن أكون متشائما اذا ما قلت وأكرر ما قلته في معرض الطبيعة السابق، أن هنالك حملات منظمة لإبادة النخلة العراقية، التي تمثل هوية العراق.. معرضنا هذا بمثابة – لافتة احتجاج – على هذا الفعل السيئ والظالم الذي أودى بمساحاتنا الخضراء الجميلة، وبصراحة هناك إهمال من الجانب الحكومي لهذه القضية المهمة”. وأضاف سبتي بحسرة “أين ذهبت بساتيننا وواحاتنا الخضراء، نحن محاطون بأرض جرداء وبنايات حجبت الهواء النقي عن أنفاسنا، أين ذهبت كل تلك الاجواء الخضراء الجميلة المنعشة التي كانت تزودنا بالأوكسجين، ناهيك عن جماليات المكان الذي كنا نقضي فيه أوقاتاً غاية بالسعادة، ولا شك أن هناك أيادي مستفيدة مادياً هي من تساعد وتسهم بهذا الخراب .. ولهذه الاسباب دعونا شخصيات مهمة لحضور هذا المعرض، لمناقشة هذه القضية وربما إيجاد حلول لإنقاذ ما تبقى على الاقل “.
ديمومة الطبيعة
شارك في المعرض هذا العام أكثر من سبعين فناناً وفنانة إذ قدم الجميع أعمالاً مميزة تعبّر عن واقع الطبيعة ولجميع المحافظات العراقية من الشمال الى الجنوب، وتحدّثت الفنانة سماح الألوسي بوصفها إحدى المشاركات عن تجربتها في معرض طبيعة عراقية تقول: “نحن كفنانين تشكيليين نوجه دائما في أعمالنا رسائل معينة وهذا شأن الفن المتعارف عليه، واليوم في معرض الطبيعة رسالتنا واضحة وأردنا إيصالها الى كل مسؤول في الدولة بشكل عام ولكل فرد عراقي بشكل خاص أن يزرع شجرة من أجل ديمومة الطبيعة العراقية الجميلة التي تشتهر بتنوعها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وهذا الأمر ينعكس إيجاباً على المناخ ومحاربة التّصحّر الذي تنتج عنه العواصف الترابية المستمرة”.
كما تحدث أحد الفنانين المشاركين قائلاً: “تعودنا على رسم الطبيعة بشكل حي، أي إننا نذهب ونأخذ مستلزمات الرسم معنا ونختار أحد البساتين او المناطق الخضراء مثل منطقة البُوعيثة او الطارمية او العطيفية او الجادرية او غيرها من المناطق الخضراء الكثيرة في بغداد ومحيطها، وكانت الرحلة الى هذه المناطق خليطاً بين التنزه والرسم، إذ نأخذ عائلاتنا ونتناول وجبة من الطعام هناك بينما نكمل رسم لوحات الطبيعة الحية بكل تجلياتها .. واليوم للأسف وقفنا متأملين تلك المزارع والبساتين التي أصبحت من الماضي ولا يمكن عودتها إطلاقا، لأنّها تحوّلت إما الى مجمعات سكنية او كراجات للسيارات او تحوّلت الى مناطق متصحرة بفعل قلة المياه وعدم الاهتمام بها”.
أما الكاتب علي حداد فقد كان أحد زوّار المعرض، وتحدّث عن رأيه بالمعرض باختصار شديد، وقال: ” لم يرق لي المعرض أبداً، لأنَّ جزءاً كبيراً من الفنانين رسموا طبيعة من الخيال، والجزء المتبقي استعان بصور فوتوغرافية.. إذ لم أجد واحدا من الرسامين رسم الطبيعة الجديدة في العراق .. نخيل بلا رؤوس … وأشجار بلا أوراق .. ومزارع للحنطة أكلتها النار.. وأراضي عطشى.. وأنهاراً جافة!!!”.