علم النفس وسايكولوجية الإبداع
#خليك_بالبيت
صباح محسن كاظم /
يبدو أن هناك شبه إجماع يؤكده علماء الإنثروبولوجيا، وفلاسفة الاجتماع، بالارتباط الوثيق بين علم النفس وصلته بالإبداع؛ فالاشتغالات الجماليّة بالميادين الإبداعية: الكتابة بكافة الأجناس الأدبية.. من شعرٍ، وقصة، وروايةٍ، أو الأعمال الفنيّة بتنوعها بالمسرح، والتشكيل.. وهلم جرا، تنطلق من النفس المُنتجة للجمال، وتُخاطب النفس، والعقل، والروح، والذائقة للمتلقي.
بالطبع فإن التؤدة، والتريث، وعدم الإندفاع، والمراجعة، والإصغاء، والتأمل، والمثابرة، والمران، والتجدد، والقراءة، واكتساب المهارات دون كلل وملل.. وعوامل نفسية أخرى لعلها تؤثر بقوة بالإنتاج الإبداعيّ، وتؤثر سايكولوجياً على المتلقي لسحبه إلى مناطق تقصي الجمال، والبحث عن المعرفة في جميع الحقول وميادين علم النفس باشتغالاته الواسعة بعد الثورة التكنولوجية الهائلة والسريعة قد تنوعت معطياته في دراساته، وتحليلاته، واستطلاعاته، وبياناته، لذلك تهتم به الشعوب المتحضرة، وتجعله من أولويات الاعتماد على نتائجه، ومعالجاته للعناية بالتعليم، والثقافة، وصناعة الإنسان، وكل مايحيط المراحل العمريّة من الطفولة.. والمراهقة .. والشباب .. وسن الإبداع حتى الكهولة ..
ثلاثة مؤلفات هادفة، وقيّمة، وحديثة: صدرت عن دار الحامد/ عمان/ للدكتور عبد الكريم عطا كريم تناقش النفس الإنسانية بعصر الثورة المعلوماتية، وعوالم التواصل، والإنترنيت .. الضغوط النفسية لدى المراهقين ومفهوم ذاته (إدمان الإنترنيت خطر جديد يداهمنا)، وكتاب آخر مشترك بين د.عبد الكريم عطا ود.إنعام قاسم محمد وعبد الباري مايح الحمداني (علم النفس الإلكتروني وضريبة التكنلوجيا) ففي الكتاب الأول:.(الضغوط النفسية لدى المراهقين ومفهوم ذاته) الذي اعتنى “المؤلف” بفصوله الشيّقة، ومباحاثه الدقيقة، وبياناته الفاحصة، ونقاط شروحاته المتنوعة، والاستطلاعات الكثيرة، لِيقدم معلومات غزيرة من فصله الأول لكتابه.. وأهداف، ومفاهيم الكتاب، ثم يدرس بالفصل الثاني خصائص المراهقة، ومراحلها الزمنية، وسيرورات النمو، وسايكولوجية المواجهة، وأبعاد ونظريات تصنيف الضغوط من ص25 -81 ويوضح بفصله الثالث الدراسات العربية والأجنبية ويُعرِج بفصله الرابع: إجراءات البحث، الاعتبارات المنهجية العامة، والخاصة، الاعتبارات التجريبية الأساسية، لِيختم كتابه بفصله الخامس عن عرض النتائج ومناقشتها بأربع فرضيات..أكد في مقدمة كتابه (الضغوط النفسية لدى المراهقين ومفهوم ذاته) ص 15 : أهمية الإشكالية التي يدرسها هذا البحث والمتمثلة في “المواجهة وسيرورات نمو مفهوم الذات لدى المراهق”، وهي الإشكالية التي كانت وماتزال تحظى بمقعد الشرف في مجال الدراسات السيكولوجيه نظراً لما تتميز به من خصائص عضوية ونفسية واجتماعية متنوعة…). وفي كتاب د.كريم عطا الثاني (إدمان الإنترنيت خطر جديد يداهمنا) يناقش بفصوله ومباحثه قضية حيويّة تشغل بال ملايين البشر بعد أن أصبح الشغل الشاغل لكافة الفئات العمرية بلا تحديد بذات المنهجية التي تعامل معها بكتابه بشروحات عميقة مع استبيانات دقيقة أكد على: التعريف بالكتاب في اثنتين وعشرين صفحة من المقدمة ومشكلة البحث وأهميته وأهدافه وحدوده وتحديد المصطلحات في ص 21 بين أهداف البحث : 1- معرفة نسبة المدمنين على الإنترنيت من كلا الجنسين لمرتادي المقاهي من المراهقين في كل من مدينة الناصرية بالعراق ومدينة تارودانت بالمملكة المغربية، 2- معرفة الفروق في مدى الإدمان على الإنترنت وفق متغير النوع (الذكور، إناث)، 3- معرفة الفروق في مدى المواقع المفضلة لدى مدمني الانترنت، 4- الكشف عن المواقع المفضلة لدى مدمني الإنترنت لمرتادي المقاهي من الجنسين، -5 الكشف عن أنماط الشخصية الأكثر شيوعاً لدى مدمني الانترنت، -6 الكشف عن أنماط الشخصية الأكثر شيوعاً لدى المدمنات على الإنترنت. لقد اعتمد “المؤلف” على دراسات عدة، ومصادر متنوعة، ناقشت الإفراط الكبير بالاستخدام ومضاره المتنوعة، والتأثيرات على السلوك، وعلى الإبداع، ومختلف الشرائح الإنسانية، إذ توصل إلى ص 137: أصبحت الضغوط النفسية من أخطر الظواهر التي تهدد حياة الإنسان المعاصر وماتخلفه من آثار نفسية على صحة الفرد، فكلما زادت تعقيدات الحياة كلما زاد تعرض الإنسان للضغوط النفسية، فالحياة المعاصرة تتميز بتعرض الفرد فيها للكثير من مواقف الفشل والإحباط في تحقيق رغباته وإشباع الحياة. ….) لقد اعتمد “المؤلف” على عينات وإحصائيات كثيرة من الخليج إلى المحيط شملت جغرافيا عربية واسعة تكاد تجد نفس الظاهرة بكل عالمنا المعاصر .. ولخص جهده العلميّ والبحثي ّ والمعرفيّ بـ(12) فقرة كتوصيات فعالة منها تحكم الدولة في شبكة الإنترنت وماتبثه من مواقع للمراهقين، إلزام المقاهي باستخدام برامج الترشيح، التركيز على الرقابة الذاتية وتنمية الإحساس بها وغرس المفاهيم والقيم الداعمة لها، توجيه المراهقين إلى وجوه التعقل والتمييز قبل قبول الثقافات المستوردة و8 نقاط مهمة كمصدات واقية للحفاظ على الشباب، والطلبة، والمجتمع برمته.. وفي الكتاب المشترك بين د. عبد الكريم عطا ود.إنعام قاسم محمد وعبد الباري مايح الحمداني (علم النفس الإلكتروني وضريبة التكنلوجيا) خرج هذا الجهد لنخبة الأكاديميين بجامعة ذي قار بأفكار رائعة في ثقافة بناء الإنسان سايكولوجياً وثقافياً وفق منطلقات صحيحة وفق الدراسات التي حصلوا عليها من جامعات عالمية، وعربية، ومحلية، لِيقدموا ثمار الأفكار الناضجة للأجيال.. في مقدمة الكتاب ص 13 : (أصبحت عملية التحول المجتمعي بفعل التكنلوجيا الحديثة عموماً وتكنلوجيا المعلومات بصفة خاصة سلسلة من القفزات النوعية الحادة، ذات الطابع المتقطع ،التي يصعب التنبؤ بها).
إن غول التكنلوجيا أخذ من جرف التأمل، والقراءة البصرية بالكتب، والموسوعات، والمصنفات.. التي خلقت الأجيال التي أثرت بالحياة الثقافية والإبداع، بينما تعبر الثقافة التكنلوجية عن الصورة، أو بضع كلمات لم تؤدِ المطالب البحثية، والعلميّة، والنقديّة الوافية بمعنى (القراءة السطحية) غير المُعمقة والتي لاتصنع الجمال فقط (تسلية عابرة) بانتهاء الارتباط بالشبكة العنكبوتية، بينما القراءة المركزة تخلق ملاحاً ماهراً وسط الأمواج المتلاطمة (وبرزت شبكة الإنترنت لتصبح في مقدمة إنجازات الثورة المعلوماتية دون منافس يذكر، حيث ربطت تلك الشبكة الأفراد ببعضهم البعض في جميع أنحاء الدنيا، لتجعل من العالم قرية صغيرة، إذ تحوي تلك التقنية كماً هائلاً من المعلومات..). ص19 : ( كان أول ظهور لمصطلح إدمان الإنترنت واضطراب إدمان الإنترنت عام 1995 م عندما نشرأونيل مقالة بعنوان الحياة على شبكة الإنترنت والتي نشرت في صحيفة نيويورك تايمز: سحر وإدمان) ثم تلتها عشرات الدراسات المعاصرة التي تحلل التكنلوجيا والثقافة المعاصرة والتأثير على الإبداع) ..