عواد ناصر: الشعر.. طوق نجاة وقيد!
حوار/ علي السومري
شاعر وصحفي، ولد في محافظة ميسان عام 1950، التي غادرها بعد ثلاث سنوات متوجهاً مع عائلته إلى بغداد، المدينة التي عشقها ودفع أثماناً باهظة من أجلها. إنه عواد ناصر، المتخرج في معهد إعداد المعلمين عام 1972.
بدأ نشر قصائده أوائل سبعينيات القرن الماضي، دخل مبكراً معترك العمل السياسي معارضاً لسلطة البعث والطاغية، وبسببه لوحق واضطهد، ما دفعه إلى مغادرة العراق صوب بيروت عام 1979، ليلتحق بالمقاومة الفلسطينية ويكتب في صحيفة (الحرية) التابعة لها.
غادر بيروت بعد أقل من سنتين ملتحقاً بمقاتلي الحزب الشيوعي العراقي ضد الديكتاتورية في كردستان العراق، ليغادرها فيما بعد متوجهاً إلى دمشق التي ظل متنقلاً بينها وبين بيروت حتى سفره إلى بريطانياً عام 1991 بعد حصوله على اللجوء السياسي هناك واستقراره فيها.
أصدر مجاميع شعرية عدة، من بينها (أحاديث المارة)، و(هنا الوردة فلترقص هنا)، و(حدث ذات وطن)، و(من أجل الفرح أعلن كآبتي)، و(بيت الحلزون). عمل في صحف ومجلات عراقية وعربية، مثل الشرق الأوسط، والزمان، والثقافة الجديدة، وألق ياء، وأدب وفن، والبدبل.
هنا حاورته مجلة “الشبكة العراقية” لتسليط الضوء على منجزه الإبداعي، في حوار ابتدأناه بسؤال:
* ما الشعر بالنسبة لك؟ هل هو طوق نجاة أم قيد؟
– الاثنان معاً. الشعر طوق نجاة، لأنه المساحة الوحيدة التي أمارس فيها حريتي خارج حدود الأسوار والصناديق الوضعية والنظم العالية الأسوار. وهو قيد لأنه مسؤولية على كتفي الشاعر إزاء العالم.
رقابة شديدة
* بدأت كتابة الشعر عام 1972، لكنك تصف جيلك (السبعيني) بالجيل المبتور، لماذا؟
– لأن هذا الجيل هو الأكثر تعرضاً للقسوة، سياسياً، وبالتالي نقدياً. هو جيل لم ينمُ طبيعياً كالأجيال التي سبقته. بدأ جيلنا في فترة سياسية متوترة، تعرضت فيها الحياة الثقافية في العراق لرقابة شديدة وإفراط في استخدام العنف من قبل السلطة آنذاك.
* يقال إن الزمن اليوم زمن الرواية لا الشعر، بعد أن أزاح السرد العراقي شعره، ما رأيك؟
– لا أعتقد بهذا. الفنون والآداب تتجاور ويتغذى بعضها من بعض، وتأخذ بأردان بعضها بعضاً. كم من الروايات كُتبت بنفس شعريّ وكم من القصائد انطوت على نفس حكائي.
* لنتحدث عن الغربة، ما الذي أضافته لك كإنسان وشاعر، وهل مازلت تشعر بأن حقائبك جاهزة لرحيل جديد؟
– الغربة تجربة مثيرة، سلباً وإيجاباً، فهي إضافة من حيث التعرف على مكان وزمان جديدين، لكنها تنطوي على شعور ما بالمؤقيتة، وإن امتدّت الحال لعقود طوال كحالتي، وفي الحالين فإن المغترب إنسان يسكن العالم.
مكابدات الاغتراب
* الكثير من الشعراء كتبوا الرواية، هل تفكر بكتابتها، وإن فعلت، ما الذي سيكون موضوعها؟
– الكتابة عالم مفتوح ولا أسوار عالية تفصل بين الأنواع الكتابية. أنا شرعت، فعلاً، بكتابة سردية هي خليط بين السيرة الشخصية والسرد الحكائي، أما موضوعها، أو ثيمتها الرئيسة، فهي مكابدات الوطن والاغتراب، لكنها “اللا سيرة” في نهاية المطاف.
* هل حقاً أن واحدة من أزمات الشعر غياب نقاده، وهل يؤثر هذا الغياب بقيمة ما يُكتب؟
– أزمات الشعر عديدة، وهناك نقاد للشعر، وإن كانوا أقلية، لكن أزمة الشعر هي غياب البنية التحتية للثقافة عامة. أعني بـ “البنية التحتية” هنا مجموعة المؤسسات الثقافية والفنية، من المدرسة الابتدائية حتى أبعد نخبة، التي تعمل بجدّ لخلق بيئة ثقافية حقيقية تشجع المبدع ومساعدة إبداعه على التنفس وسط مناخ تفاعلي جاد وحر.
* عملت في الصحافة لعقود طوال، هل استثمرت الشاعر فيها، أم العكس؟
– الصحافة عمل جمعي وباب مختلف عن الشعر، لكنها تغني تجربة الشاعر، لأنها في تماس مباشر مع الناس.
* أي المُدن أقرب إلى روحك؟
– بغداد، حيث نشأت، ولندن حيث أقمت، ودمشق حيث أحببت.
* ما جديدك؟
– لدي جديد كثير لكنه مؤجل لأسباب نفسية.