مسرحية (مجدّرة حمرا).. حكايات ميلودرامية في بيروت

943

جبار عودة الخطاط/

ثلاث صديقات: مريم وسعاد وفطم يأتين من النبطية بجنوب لبنان الى بيروت بكل ما يحملنه من ترسبات الضيعة اللبنانية المترعة بالنقاء والتشبث العميق بالوشائج الاجتماعية.

يسردن في طابع كوميدي آسر حكاياتهن ويبدأن بـ(الحكي) عن كل شيء في حيواتهن، وما تضمه من يوميات وتفاصيل وأشياء تنفتح على النوازع الإنسانية المتأثرة ببيئة لها معاييرها وقواعدها الاجتماعية حيث يروين قصصاً عن الزواج ومكابداته والطلاق وأثره الاجتماعي في مجتمع يتعاطى بشكل دوني مع المرأة المطلقة والأولاد وتعبهم وما يتطلب ذلك من التزامات تأكل من جرف الأم، ويحكين عن أشياء كثيرة.

أنجو بثلاثة أوجه

هذه الشخصيات النسائية الثلاث تؤديها النجمة اللبنانية المعروفة أنجو ريحان التي أبدعت في أداء ميلودراميا سوسيولوجية اقتربت من الجمهور في ثيمة جمعت بين العمق والبساطة لتقدم مسرحية كوميدية فيها الكثير من الطعام الشهي، كما علّق المخرج والكاتب المسرحي يحيى جابر إشارة الى العنوان الذي اتخذه لمسرحيته «مجدّرة حمرا» اسماً للمسرحية وهو مستمد من الطبق الشعبي الشهير في البيئة الجنوبية اللبنانية.

نساء وهواجس حياتية

فطم، الأرملة الشابة تقدمها المسرحية في إطار تساؤل مفاده هل بمقدورها الزواج مرة ثانية؟ وكيف سيتعامل المجتمع مع موضوعة زواجها مجدداً ومريم الكاتبة الواقعة في مطب الحيرة في المعيشة بين باريس او النبطية، وسعاد وحكايتها مع الرجل الذي لا يعرف الرضا حتى لو أوقدت له عشرة أصابعها شموعاً وربما يكون مفتاح قلبه المجدّرة الحمرا.

المسرحية التي بدأت عروضها على خشبة مسرح «تياترو فردان» في بيروت والتي استغرقت قرابة عام من التحضير، يقول المخرج جابر عنها “هي مقاربة مسرحية تجسد للمرة الأولى البيئة الجنوبية بشفافية وموضوعية وبهذه الطريقة العميقة من دون أية كوابح”. العرض كان ممتعاً حقاً، ومما زاد في متعته الأداء الكبير الذي قدمته الفنانة انجو ريحان وهي ليست التجربة الأولى لها في ارتقاء خشبة المسرح لتقدم عرض الممثلة الوحيدة اذ سبق لها أن خاضت التجربة من خلال مسرحية «اسمي جوليا» التي سجلت نجاحاً كبيراً وقدمت أكثر من 50 عرضاً وستعاود العرض قريباً.

انجو منجم كبير

الفنان والكاتب يحيى جابر مؤلف ومخرج المسرحية قال عن أداء انجو ريحان: “لقد اكتشفت منجماً كبيراً ورائعاً اسمه أنجو. يمكن استخراج الفحم الحجري منه أو استخراج الذهب أو الماس أو الخشب أو التراب، الامر متوقف على مدى قدرتك على ذلك إذ سبق أن عملنا معاً، وقد كانت التجربة مهمة جدا في «اسمي جوليا»، وشكلت منعطفاً لدي انتقلت بعدها من المسرح البيروتي إلى مكان آخر، إلى موضوع الشخص والأنا، فـ «اسمي جوليا» تحكي قصة امرأة مصابة بسرطان الثدي، وقد جسدت أنجو الدور بشكل هائل فعلاً.”

أوجه شبه واختلاف

الفنانة أنجو ريحان تقول في معرض إجابتها عن أوجه الشبه بينها وبين الشخصيات الثلاث في العرض الجديد (مجدّرة حمرا): “أحببت الشخصيات الثلاث لكنني أجد مريم هي الأكثر شبهاً بي من فطم وسعاد. أتماهى مع مريم لأن هناك الكثير من القواسم المشتركة بيننا، ومع هذا لا يعني أن الشخصيتين لا تشبهانني أو أنني لا أعاني مثل ما تعانيانه. طبعا هن يختلفن عن بعضهن رغم أوجه الشبه، رغم أن الثلاث عشن سوياً مع ملاحظة الاختلاف في اللهجة كون إحداهن لا تنتمي للجنوب كثيراً، إذ سافرت ثم عادت إلى مدينتها بعد فترة ليست بالقصيرة. يبدو الاختلاف على الأقل بين مريم والشخصيتين الأخريين.”

فكرة البطل الواحد

يحيى جابر قال “إن تكثيف اهتمامي بفكرة البطل الواحد لها لدي عدة اعتبارات. فأولاً أجد متعة كبيرة في أن أبذل جهدي على شخصية واحدة، ومن خلال هذه الشخصية أقارب حكاية فرد أو مجتمع أو مجموعة أو ناس من ناحية فنية. والأمر الثاني يتصل بالأسباب الإنتاجية وما تتطلبه من مال لا يستهان به، فقدرتي الإنتاجية تبقى في النهاية محدودة؛ وليست لدي جهات داعمة أو ممولة، فقط عوائد التذاكر هو المصدر الوحيد.”

………….

•مسرحية “مجدّرة حمرا” تأليف وأخراج يحيى جابر بطولة النجمة انجو ريحان /مسرح«تياترو فردان» قدمت ابتداءً من يوم 24/ كانون الثاني والأيام التالية.