مسرح المنصور.. بين طماطم عدي وغرفة منام الوزير!

765

محسن ابراهيم /

صرحٌ فنيّ كان متنفساً للجمهور، تستمر ستارته مسدلة ومقاعده خالية وخشبته تشكو هجر العروض المسرحية. خلف أبوابه المغلقة الكثير من الحكايا والأسرار, حاله كحال مسارح العراق التي لم تعد تنبض بالحياة رغم المليارات التي صرفتها وزارة الثقافة على مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية.

مسرح المنصور، الذي تأسس في ثمانينات القرن الماضي يتسع لـ(350) كرسياً، مخصص لاستضافة الفعاليات والمهرجانات والمؤتمرات الرسمية, قدمت على خشبة هذا المسرح العديد من الأعمال المسرحية منها: “العودة” ليوسف الصائغ التي عرضت في أيلول عام 1986, و “الباب” للصائغ أيضاً من إخراج الراحل قاسم محمد, والمسرحية الشعبية “بيت وخمس بيبان” تأليف فاروق محمد وإخراج محسن العلي وشارك في تمثيلها بهجت الجبوري، سليمة خضير، سناء عبد الرحمن، بشرى اسماعيل، جاسم شرف، سامي محمود، مكي عواد.

الافتتاح المؤجل

منذ عام 2003 ومجمع المنصور مغلق بحجة خصوصية المنطقة أمنياً, كان هناك سعي دائم والكثير من المحاولات لاستعادة هذا الصرح الثقافي المهم رغم انه يتمتع بجاهزية عالية ولم تطله يد التخريب كما طالت المعالم الثقافية الاخرى. ورغم استعداد وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح واكمالها جميع الجوانب الفنية لاستعادة هيبة هذا الصرح، ورغم اجتماع اللجان الأمنية والفنية والوعود بفتح الشوارع المؤدية الى المسرح, إلا أن الوعود كانت تذهب أدراج الرياح كل مرة.
طماطم عدي!!

يبقى المسرح ضرورة ثقافية وإبداعية قبل أن يكون مجرد خشبة تحتضن العروض المسرحية وإبداع الممثلين والمخرجين والمؤلفين, إهمال هذه الخشبة والاستهزاء بها سيفقد وظيفة المسرح ورسالته في احتضان واستثمار الجوانب الإبداعية والفكرية وتوعية الشعوب. في فترة من الفترات تحول مسرح المنصور الى قاعة للهرج والمرج بحضور عدي صدام الذي كان قد نصب نفسه رئيساً للتجمع الثقافي. الصحفي سعدي السبع يروي تفاصيل هذه الحادثة: “في ظهيرة أحد أيام عام 1992 غادر الصحفيون مقار عملهم للذهاب إلى قاعة مسرح المنصور في ساحة الاحتفالات دون أن تكون لهم دراية مسبقة بأمر صدر اليهم والخوف والقلق يساوران الجميع لاحتمال ما سيحدث، خاصة لعدم وجود أية مناسبة تستدعي ذلك الأمر المباغت.” يضيف السبع أنه “عرف بما سيجري حين دعاه أحد زملائه إلى غرفة صغيــــــرة وجد فيها أحد المقربين من عدي و أمامه على منضدة كيسان من الطماطم التالفة.” وقد فاجأني بالقول “أمر الأستاذ الفاضل برمي من سيقف على خشبة المسرح بعد قليل بها.” يقول السبع، الذي شعر ساعتئذ بالرهبة وهو يتسلم أربع حبات من الطماطم أخفاها في جيب بنطاله،: “وحين عدت إلى القاعة لاحظت علامات الدهشة والوجوم على وجوه الصحفيين وهم ينظرون إلى الزميلين لطفي الخياط واحمد صبري، اللذين كانــــا يحظيان بمودة الصــــحفيين واحترامهم، على المسرح, لم أتجرأ ان أمد يدي المرتعشة إلى جيب بنطالي ولايمكن بأي حال أن أفعل ذلك بحق زميلين عزيزين مهما كانت العواقب، فلم أشارك في تلك المسرحية وبقيت متفرجاً فقط تاركاً الطماطم في جيبي حتى نهاية فصول المسرحية.”

منام الوزير!

كان من المفترض أن يكون “مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية” نقطة الانطلاق والإيذان بنهضة ثقافية شاملة تشمل جميع مفاصل الثقافة العراقية من مسارح ودور عرض سينمائي، فضلاً عن مشروع دار الأوبرا العراقية, الأموال التي أنفقت والتي تجاوزت أكثر من سبعمئة ملايين دولار صرف معظمها على خيمة افتتاح مشروع بغداد عاصمة الثقافة، ودفع تكاليف إقامة الضيوف العرب في فنادق الدرجة الاولى, وتحويل مسرح المنصور الى مكتب لوزير الثقافة الأسبق ومنامه!