معرض بغداد الدولي للكتاب مئات العناوين تُسقط الممنوع

379

سرمد رزوقي/ تصوير / صباح الإمارة – حسين طالب

بمشاركة 23 دولة عربية وأجنبية وقرابة الـ 500 دار نشر، اختتم -قبل أيام- معرض بغداد الدولي للكتاب دورته الثالثة والعشرين، حيث عرضت فيه مختلف العناوين في شتى المجالات، من دون محظور او ممنوع. وقد شهد المعرض حضوراً رسمياً وشعبياً لافتاً، لكن أصحاب دور النشر أشاروا الى أن الإقبال على اقتناء الكتب لم يكن بالمستوى المعروف، ولاسيما أن العراقيين من أكثر الشعوب العربية اهتماماً بالكتاب، وانتقدوا تعدد المعارض في بلد واحد، لأن ذلك يقلل أهميتها، ويرهق أصحاب دور النشر، كما يكلف المنظمين أيضاً أموالا اضافية.
حضور رسمي وشعبي
يقول الدكتور عبد الوهاب الراضي، رئيس اتحاد الناشرين، ورئيس اللجنة المنظمة لمعرض بغداد الدولي للكتاب، إن “هذه الدورة تميزت بمستوى الحضور الجماهيري والرسمي، فقد حضر ممثل دولة رئيس الوزراء الدكتور حسن ناظم، وشخصيات سياسية من بينها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومسؤول الأمن الوطني قاسم الأعرجي، والعشرات من النواب والشخصيات الوطنية والسياسية والمجتمعية.”
أضاف الراضي أن “الدورة شهدت أيضاً حضوراً لشخصيات إعلامية وثقافية عربية، مثل الوزير السابق والإعلامي جورج قرداحي الذي زار المعرض، حيث حظي باستقبال جماهيري منقطع النظير قد لا تحظى به أية شخصية لبنانية رسمية وثقافية.”
وتابع أن “من بين الشخصيات المهمة التي زارت المعرض الشاعر المصري الكبير أحمد بخيت، وغيره من الضيوف العراقيين والعرب.”
وأوضح أن “عناوين المعرض غطّت مختلف احتياجات الشرائح الاجتماعية في العراق، ابتداء من الأطفال مررواً بطلبة الجامعات وعشاق الآداب والعلوم والفكر، فضلاً عن كتب التخصص في مجالات الفيزياء والهندسة والطب والرياضة والكيمياء.”
وأشار الى أن “هناك عدداً من الوزارات استغلت المعرض لتقديم خدماتها للمواطنين، من بينها وزارة الصحة، التي قدمت جرعة من لقاح فيروس كورونا، كما نظمت وزارة النفط حفلات توقيع لكتب تخص المجال النفطي.”
الكتب الدينية
من جانبه، قال مسؤول دار الصفوة من جمهورية مصر العربية، فرحات نادي، إن “هذه أول مشاركة للدار في معرض بغداد الدولي للكتاب.” مشيراً الى أن “الدار متخصصة بعلوم القرآن، ولها نتاج مميز بالنسبة للمصحف الشريف، وأهم المنتجات المعروضة هو مصحف التهجد بجميع أحجامه، كذلك مصحف التجويد بأحجام مختلفة، مع جميع المصاحف والروايات المختلفة.”
وأوضح أن “الإقبال على المبيعات من الكتب الدينية لم يكن بمستوى التوقع، إذ اخبرنا المشاركون في دورات سابقة أن الإقبال كبير في العراق على مثل هذا النوع من الكتب.”
وبين نادي أن “الهدف من المشاركة هو الترويج والمشاركة في الفعالية الثقافية، كذلك الجانب الربحي، لكوننا نشارك في المعارض الدولية الرئيسة للبلدان، أما كثرة المعارض فإنها تؤدي الى الخسارة في بلد واحد.”
وتابع “بالنسبة لهذا المعرض، ورغم أنه في الدورة 23، لكن نحن نقول إن لكل معرض ظروفه، كما أننا اليوم نرى وجود أزمة عالمية وارتفاعاً في الأسعار في شتى المجالات، وأنها ليست مشكلة هذا المعرض فقط، لكن -بصورة عامة- جميع المجالات الثقافية أو المعارض أصبحت اليوم حاجات ثانوية بالنسبة الى الناس، لكونهم مشغولين بحاجات أخرى غير الكتاب.”
المتنبي أكبر معرض للكتاب
فيما يقول نزار علاق، من شركة (انسايكلو ميديا)، وهي شركة لبنانية: “نحن، كموزعين وناشرين في اختصاص كتب التصميم: عمارة تصميم داخلي كرافكس، وكتب فنون، هذا مجال عملنا، وهذه المشاركة هي رقم 11 بالنسبة لنا، إذ أننا هنا منذ عام 2012، وبطبيعة الحال يتأثر المعرض بالأجواء العامة، سواء الموجودة في قلب البلد أو خارجه. وفي ما يخص هذه السنة بالنسبة لنا، فإن الإقبال الجماهيري لم يكن بمستوى المعرض السابق، أما كحجم مبيعات فلم نتأثر كثيراً.”
وأوضح أن “المشاركة بالنسبة إليهم تعني، إضافة الى الربح المادي، التواصل مع زبائننا وعملائنا في العراق لإطلاعهم على كل شيء جديد يصدر عن مؤسستنا، او عن دار الناشرين التي نعمل كموزعين لها، أما ما يخص كثرة المعارض في الوطن العربي، فباستثناء العراق والمملكة العربية السعودية، لا توجد دول تنظم أكثر من معرض دولي.”
وأكد أنهم في العراق يشعرون أن هناك تنافساً بين أكثر من جهة لتنظيم معارض دولية عدة، وهذا لا يحتمل، إذ أن العراق ممكن أن يتحمل معرضاً دولياً واحداً، بينما نرى معارض في النجف والبصرة وأربيل، إذ من المكن إقامة معرضين دوليين، لكن أكثر من ذلك صعب (نحن مع معرض دولي واحد)، فتعدد يعود بصورة سلبية على الناشر ويستنزفه، كما أن العراق فيه شارع المتنبي والكتب متوفرة فيه بشكل كبير ودائم، وليست لديه أزمة كتاب مقارنة بباقي الدول، لأن هناك كتباً لا تدخل، أو لا تباع، الا من خلال معرض الكتاب، وهذا الأمر غير موجود في العراق، إذ أن سوق شارع المتنبي لا يوجد له مثيل في كل بلدان العالم العربي.
ويقول محمود مدبولي، صاحب ومدير عام مكتبة مدبولي مصر، إن “دارهم شاركت في أول معرض للكتاب أقيم في العراق، ومازالت تواظب على المشاركة لحد الآن.”
وعن الإقبال على شراء الكتب، أوضح مدبولي “كان هناك اقبال في أول يومين، لكن بعد ذلك لاحظنا ضعفاً في الإقبال.” لكنه يعرف أن “الشعب العراقي شعب مثقف وواع، والمفروض أنه يعرف أين الصواب والخطأ في كل المجالات، لأن الغاية من المشاركة هي التوعية الثقافية، ونحن أصحاب رسالة، إذ أننا نعد ثاني مكتبة على مستوى مصر، كما يمتد عمر مكتبتنا الى أكثر من 120 سنة، وتاريخنا معروف على مستوى العالم العربي وعلى مستوى العالم، ومكانتنا معروفة في مصر، حيث نواصل عملنا بفتح فروع جديدة في داخل مصر وخارجها.”
ويعتقد مدبولي أن “كثرة المعارض في العالم العربي قللت من إقبال الجمهور، كذلك بسبب جائحة كورونا ومنع السفر، إذ كان ذلك من أهم الأسباب التي قللت الإقبال على المعارض في العالم، لكننا اليوم في طور التعافي او الاستشفاء -إن صح التعبير- مع أني أعتقد أن كثرة المعارض حالة إيجابية، ولكن ليس في بلد واحد، إذ أراها تضعف القوة الشرائية، فنحن نرى أن العدد وصل قرابة العشرة معارض في العراق، والرأي الصائب -في نظري- هو توحيد المعارض في معرض دولي واحد في تاريخ معلوم، كما هو معروف في غالبية بلدان الوطن العربي.”
ثقافة العراقيين
إلى ذلك، قال عبد الرحمن حاج علي، دار القلم سوريا، “نحن من المشاركين المتواصلين في معرض الكتاب في بغداد، علماً أن عمر دارنا تجاوز الـ 55 عاماً، نحن نشارك منذ التأسيس، ونعتبر من المؤسسين للمعارض في الوطن العربي. وأضاف ان الإقبال الجماهيري في العراق لا بأس به، فالجماهير العراقية مثقفه جداً، لكني لا أخفيك سراً أن القوة الشرائية لدى القراء ضعيفة جداً، بسبب الوضع الاقتصادي على ما يبدو، لكننا نتعامل مع القارئ بشكل دائم حتى يتجاوز هذه الأزمة، نحن نحاول أن نعمل له خصماً، كما نعمل ذلك للمكتبات بقيمة50% . ويعتقد حاج علي أن الكتاب الإلكتروني لم يؤثر على الكتاب الورقي إطلاقاً، إذ أن للأخير طابعاً خاصاً، كما أن له قراءه، فإنك إذا ذهبت الى أوروبا، ونظرت واطلعت على المجتمع الأوروبي، وهم سبقونا في مسألة السوشيال ميديا والكتب الإلكترونية، لكنك حين تركب الميترو تصادف المواطن الأوروبي يحمل الكتاب الورقي وليس الجوال.”
ضوابط مشددة
كانت للعراق حصة كبيرة بالمشاركة في المعرض من خلال دور النشر الأهلية، فضلاً عن الحكومية. يقول عماد عبد الأمير، ممثل وزارة الثقافة / دار الثقافة والنشر الكردية، إن “لديهم العديد من المشاركات في معرض بغداد الدولي للكتاب.” مؤكداً وجود إقبال جماهيري جيد.
وأوضح أن “الدار تقدم مجموعة من الإصدارات والكتب (كردية أو عربية)، لكن في هذه الدورة كان الإقبال أقل، حتى على مستوى الدول المشاركة، ربما بسبب جائحة كورونا والضوابط المشددة بسببها، نحن نعرف أن للمعارض أهمية كبيرة في نشر الثقافات، وأنها حالة إيجابية لكن تنتظر الدعم الحكومي، ولاسيما لدور النشر الأهلية.”