امرأة وراء العرش.. الإمبراطورة ماريا فيودورفنا رومانوف

968

كتابة: جورج دبليوغورتنر – ترجمة: ثريا جواد /

كتب الروائي جورج دبليو رواية بعنوان (امبراطورة رومانوف) والتي ألهمته قصة الإمبراطورة ماريا فيودورفنا التي يتحدث فيها عن أسرة قياصرة روسيا المعروفة (آل رومانوف) والنهاية المأساوية لهذه العائلة العريقة وإعدام امبراطور روسيا السابق نيكولاس الثاني وأسرته إلى جانب أفراد حاشيته نتيجة للثورة البلشفية وانتهاء حكمهم في العام 1917.

صور فوتوغرافية

آل رومانوف من البيوت الامبراطورية الكبرى ومن أغنى وأقوى الأُسر التي حكمت روسيا وأجزاء من بولندا وفنلندا وآسيا. وعلى الرغم من مرور مئة عام على زوالها فما زالت كتب التاريخ تستذكرهم وتستحضر تلك القصور الفخمة التي عاش فيها (آل رومانوف) والأسرة الحاكمة وتلك العربات واليخوت الخاصة والجواهر المرصعة خاصتهم. وما تزال الصور الفوتوغرافية تترك لنا انطباعات مؤسفة عن الطريقة المأساوية التي تم فيها قتلهم في قبو (إباتيف)، وهو منزل أحد التجار في (يكاترينبورغ) وإعدام الامبراطور نيكولاس الثاني قيصر روسيا وزوجته وأولاده الذين كانوا آخر أفراد أسرة رومانوف.

ميني

ذكرت كتب التاريخ كثيراً الإمبراطورة ماريا فيودورفنا والدة آخر قياصرة روسيا (نيكولاس الثاني) والمعروفة باسم (ميني)، وعلى الرغم من أنها عاشت خلال العقود الثلاثة الأخيرة لأسرة (آل رومانوف)، فقد امتازت بشخصيتها المهمة والمميزة، ليس فقط داخل عائلتها بل وكانت تحظى باحترام لينين (قائد الثورة البلشفية) نفسه، فقد أصبحت حاشية في التاريخ وبطلة أحد أفلام ديزني للرسوم المتحركة (أناستاسيا) الذي أنتج في عام 1997.

أميرة دنماركية

ولدت الاميرة (ماريا فيودورفنا) في الدنمارك باسم (داغمار)، وكانت الإمبراطورة القرينة لروسيا بوصفها قرينة إمبراطور روسيا (ألكسندر الثالث) والابنة الثانية مولداً من بين ستة أبناء لملك الدنمارك، وكانت تدعى (ميني)، وهي من سلالة ملكية صغرى، وأخذت تحتل مكانة بارزة عندما أصبح والدها ملكاً. تزوجت أختها الكبرى (ألكساندرا) من ألبرت أدوارد (وريث بريطانيا) وكانت الدنمارك تعيش في ظل نظام ملكي دستوري في عصر أُطلق عليه (الامبراطورية العجوز) حيث كانت (الملكة فيكتوريا)، وآل هيبسبورغ في بروسيا، و(ال رومانوف) في روسيا يطالبون بقطاعات من أوروبا والهند والشرق، ومنافستهم الكبيرة على الأراضي في ظل عالم يتجه نحو القرن العشرين ويرغب في التخلص من المَلَكيّة المطلقة.

إمبراطورة روسيا

تزوجت (ميني) وهي في سن التاسعة عشرة من عمرها من قيصر روسيا (ألكسندر رومانوف الثالث) وذهبت للعيش معه في روسيا، وكان حالها حال أية عروس يتوجب عليها أن تفي بواجباتها الملكية والزوجية وضرورة التكيف مع الثقافة الروسية الجديدة وكسب الموافقة الشعبية. وبالفعل نجحت في جزء كبير من سياستها وتعاملها بسبب ثباتها وأصرارها على النجاح إذ كانت بالكاد تتحدث اللغة الروسية ولكن هذا لم يمنعها من أن تبرز فطنتها وذكاءها على الرغم من تقاليدها السلافية القديمة التي عاشت فيها فقد استقطبت الاضواء بإجادتها للغة الفرنسية وكانت أوروبية في أدبها.

مراكز تعليمية

قامت الإمبراطورة ماريا فيودورفنا بتمويل المراكز التعليمية للنساء، ومستشفيات الصليب الأحمر، والفرع الأول من الجمعية الإنسانية الروسية إلى جانب واجباتها كأم ترعى خمسة أطفال ومواجهتها للعنف الموجه ضد (آل رومانوف) الذي بلغت ذروته في قيام ثورة أكتوبر عام 1917.
لم يكن زوجها القيصر ألكسندر رومانوف الثالث قيصر وإمبراطور روسيا مثل والده ألكسندر الثاني الذي قام بتحرير العبيد، على العكس من ابنه الذي كان يحتقره المثقفون بسبب حكمه الاستبدادي، فشهدت (ميني) الاغتيالات والمحاولات الثورية الفاشلة التي تهدد سلالة (رومانوف) الحاكمة، وعلى خلافه أدركت أن العالم يتغير وأن على (آل رومانوف) أن يتغيروا معه.

امرأة ملهمة

يقول الكاتب إن هذه الرواية هي قصة تحذيرية للأنظمة من مخاطر عدم المساواة، من الثروة المفرطة التي اكتنفتها فئة قليلة على حساب الكثيرين، والإيمان الأعمى بالحق الإلهي في الحكم. ولكنها أيضاً قصة أسرة غير راغبة في مواجهة التغيير مقسمة حسب توقعات قديمة العهد في ظهور الحداثة. (ميني) اخترقت أعتاب حقلين متعارضين إلى حد كبير. ولدت في الامتيازات التي لا جدال فيها، ولكن تحطمت حياتها بسبب الحماس الاجتماعي للآخرين ومع ذلك…تحمّلت.

سيجد بعض القراء صورة مختلفة للرومانوف في روايتي. كنت أرغب في الوصول إلى ما وراء الأساطير لكشف الصراعات الخفية التي لا تشكل عادة جزءا من سردها. لم تكن نيتي أن أدين أو أبجّل، بل أن أستكشف كيف أن هؤلاء البشر والدماء التي أريقت وتعقيدات الأحداث المحيطة بهم أدت إلى تفكك الامبراطورية الروسية.

لكن في النهاية، هذه هي القصة الشخصية العميقة للمرأة التي لا يتم الاحتفاء بها في كثير من الأحيان: إمبراطورة هائلة، وأم محبة وزوجة، وقبل كل شيء، ناجية.

Signature