مريم سمير: أسستُ مشروعي دون علم عائلتي

2٬188

آية منصور /

لم تكن الكتابة بالنسبة لها سوى ارتداء للبهجة، لم تدرس آليات الكتابة وكيفية صناعتها في الكتب فقط، وانما روحها، التي تسللت بخفة الى عالم الحروف، صنعت ضوء الإبداع لطريقها.
(مريم سمير)، مؤسسة مشروع (كاتبات المستقبل) تروي لنا حكايتها:
التصفح السرّي!
أسست سمير مشروعها الخاص بالكتابة وتعليم أصولها للنساء قبل سنوات عدة ، لتبدأه في مواقع التواصل الاجتماعي، درست الصحافة والإعلام وتحضّر الآن للماجستير، اختارت لمشروعها أن يكون خاصاً لـ(نون النسوة)، خلسة عن أهلها، تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي محاولة البحث عما يملأ فراغ الفتيات اللاتي لم ولن يتمكن أحد من التقرب حتى عند عتبة أبواب منازلهن.
-الكتابة هي الوسيلة الأقرب للنفس البشرية، وهاجسها الكبير حينما يصمت كل شيء حولها، وخاصة الفتيات اللواتي يقبعن في منازلهن، واقتصاري على الفتيات، بحكم أن الفتاة محكومة بالبيت وليست لديها أبسط الحريات التي يتمتع بها الرجل نفسه من حيث الخروج وتحقيق مايطمح إليه، ففكرت بكيفية تقديم الفائدة لهن وهن يتصفحن مواقع التواصل الاجتماعي. بإمكانهن تعلم الكتابة دون الحاجة الى الخروج مثل بقية الفنون، ولأن الكتابة أصبحت سلاحاً نحارب به جهل العقول، اضافة لكونها صوت المرأة الذي يصل صداه الى كل شخص قد يعتقد بأنها عاجزة عن تحقيق أحلامها.
كاتبات المستقبل
هو حلم العمر الذي كانت مريم تخطط له كل ليلة، حينما كانت تتصفح الإنترنت في بيتها، لكنه صعب للغاية لعدم موافقة عائلتها لكنها، ومثل طفل يبحث عن قطعة حلوى مخبوءة، تبحث في هذا العالم الافتراضي الكبير. أنشأت مجموعة صغيرة لتعليم كتابة القصة والخاطرة وكيفية التعبير عن الروح من خلال الكتابة، وبعد ذلك، بدأ العدد يتزايد والإبداع يكثر وفي مدة وجيزة أصبح العدد يتجاوز الـ مئة طالبة.
-كان هذا بالنسبة لي حافزاً كبيراً لأستمر أكثر، وأثناء ذلك جاءني اتصال بأنني قد دُعيت الى إحدى القنوات التلفزيونية، كيف ذلك وليست لدى والدي أدنى فكرة عما أقوم به؟ مازلت أتذكر ذلك اليوم بأدق تفاصيله، استجمعت قواي وأخبرت والدي بأن لدي مشروعاً تعليمياً تربوياً هادفاً يساعد الفتيات. كانت لديّ صعوبة في بادئ الأمر، وافق والدي على خروجي من المنزل وإكمال مابدأت به، كانت صدمة لي ومعجزة في ذات الوقت!
المشروع المتنقل بين المدن
بدأت مريم بوضع الحجر الأساس للمشروع في أول ندوة أقيمت له في بغداد وتحديداً من شارع الثقافة والإلهام (شارع المتنبي)، وبعد نجاحه توجهت لمحافظات أخرى من أجل إقامة ندوات تعليم الكتابة بحضور العشرات من الفتيات.
– كنت أشعر بفخر كبير وأنا أرى ثمرة تعبي أمام ناظريّ تكبر لأن هدفي الأول كان تربوياً، ثم تعليمي، للمساهمة بإنقاذ الفتيات من آفات السوشيل ميديا التي تأكل شبابهن، وكذلك كسر القيود التي تفرض على المرأة أن تكون مبدعة، وكيف تم نسيان أنها شرقية بحته تواكب الإبداع حيثما حل وارتحل.
ملكة المسؤولية الاجتماعية
لم تقتصر حكاية مريم وتتوقف عند العراق فحسب، بل تطور مشروعها لتتمكن من نقله الى دول أخرى، مثل عمان ولبنان لتصبح واجهة المرأة، واليوم تشاركنا مريم وتمثل العراق في برنامج المسؤولية الاجتماعية وتم تأهيلها للمرحلة النهائية.
-شاركت في برنامج ملكة المسؤولية الاجتماعية ووصلت الى النهائيات بعد مشاركة اكثر من عشرين دولة، وسيقام الحفل الختامي في الـ27 من نيسان المقبل في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة حيث سيتم اختيار الفائزة بلقب الملكة واختيار وصيفتين وذلك من بين 21 مشتركة من كافة الدول العربية واللواتي وصلن إلى المرحلة النهائية في المنافسة وهي مرحلة الكرسي الملكي.
والدمع يحرق إن سُجن
استطاعت مريم أيضاً تحويل حلم مشروعها الى أرض الواقع من خلال إصدار أول كتاب ورقي للمشروع بعنوان “والدمع يحرق إن سُجن” عن دار ذاكرة للنشر، الذي يضم مجموعة قصص لكاتبات من مختلف الأعمار كتبن إبداعهن بشغف وحب فكانت حكاياتهن لسان حال مجتمع بأكمله والبعض الآخر كانت ذاتية، قصص عديدة من الفتيات اللواتي يبلغ عددهن إحدى وثمانين تلميذة من جميع محافظات العراق وليس في محافظة واحدة او العراق فقط بل شمل كل الوطن العربي.