الذكاء الاصطناعي يقتحم صناعة الســـــــيــنـــمــــــا

75

إعداد وترجمة: أحمد الهاشم /

في حين لا يزال دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأفلام والمسلسلات الدرامية في مراحله الأولى، فإن شيئاً واحداً يبدو مؤكداً: الذكاء الاصطناعي جاء ليبقى، وأصبح يدخل في مراحل ما قبل إنتاج الفلم وأثناء إنتاجه وما بعده، بدءاً من كتابة السيناريو وحتى التوزيع.

سجال وردود أفعال
وقد أثار دخول الذكاء الاصطناعي عالم الشاشة ردود أفعال مختلفة. فقد عدّه البعض (موضة) عابرة أو (ترنداً) لابد له أن ينحسر لاحقاً. يردّ على ذلك مناصروه بالقول إن صنّاع السينما الصامتة كانوا يعتقدون أن دخول الصوت في الأفلام مرحلة عابرة، وسيرجع عشاق السينما إلى الحبيب الأول – السينما الصامتة. لكن حركة التطور لها رأي آخر، بحيث لا يتخيل أحدنا اليوم – وقد لا يحتمل – أن يشاهد فلماً من دون صوت بشري ولا مؤثرات صوتية. وعلى ذكر الأفلام القديمة، فإن في مقدور الذكاء الاصطناعي أن يحسن جودة الأفلام القديمة وترميمها عن طريق إزالة الخدوش والشوائب.
يرى (جورج لوكاش)، مخرج أفلام (حرب النجوم وإنديانا جونز)، ومن الرواد في استثمار التقنيات في صناعة السينما، أن على الإنتاج أن يتكيف مع الذكاء الاصطناعي. أما المخرج جيمس كاميرون، الذي سبق -كما يقول- أن حذر في فلمه (ذا ترمنايتور The Terminator) من آثار الذكاء الاصطناعي وتحكم الآلات الذكية بالبشر، فيقول “سننتظر عشرين عاماً حتى ينال الذكاء الاصطناعي جائزة الأوسكار!”
الممثل الافتراضي
في بعض الأفلام، جرى استخدم الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء ممثلين قدامى، أو حتى متوفين. مثلاً، في فيلم (ستار وورز ستوري Rogue One: A Star Wars Story)، للمخرج (جاريث إدواردز)، جرى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستعادة صورة الممثل (بيتر كوشينج) الذي توفي قبل سنوات.
في مقدور الذكاء الاصطناعي استحداث ممثلين لا وجود لهم في الواقع، فهم أشبه بفرنكشتاين رقمي، أي مزيج مختلق من نسخ رقمية لعدة ممثلين حقيقيين، ابتسامة ممثل معين وقوام ممثل آخر وعيناه في خلطة هجينة تخرج بنسخة ممثل افتراضي جديد. كما أن في مقدور الذكاء الاصطناعي أن يساعد في توليد شخصيات واقعية عبر تقنية (السي جي آي (CGI.
في فلم (رجل برج الجوزاء جيمناي مان Gemini Man) جرى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخة شابة من الممثل (ويل سميث)، ما سمح له بالتصوير مع نفسه في مشهد واحد. وفي فلم (المنتقمون، نهاية اللعبة Avengers: Endgame) استخدم صناع الفيلم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخة شابة من الممثل (روبرت داوني جونيور) في بعض المشاهد. وفي فلم (الرجل الأيرلندي The Irishman) جرى استخدام تقنية إزالة علامات التقدم في العمر على الممثلين (روبرت دي نيرو، وآل باتشينو، وجو بيشي)، ما سمح بعرضهم في مراحل عمرية مختلفة من حياتهم.
إضرابات واعتراضات
لكن دخول الذكاء الاصطناعي لم يمر مرور الكرام. ففي العام الماضي انضمت نقابة ممثلي الشاشة (الاتحاد الأميركي لفناني الإذاعة والتلفزيون)، وهي تمثل نحو 160 ألف ممثل وعامل في الدراما، إلى اضراب نقابة كتاب السيناريو الأميركيين (تضم أكثر من 11 ألف عضو). ومن بين مطالب المضربين ضرورة وجود ضمانات ترتبط بالذكاء الاصطناعي، وعدم استخدام الوجوه والأصوات التي يصنعها الحاسوب لتحل محل الممثلين. ووضعوا شرطاً في عقود العمل يقضي بعدم استخدام نسخة الممثل الرقمية، كصوته وصورته، أو استثمارها في أعمال أخرى. وسبق أن رفعت الممثلة الأميركية (سكارليت جوهانسون) دعوى ضد إحدى الشركات لاستخدام صوتها في أحد
إعلاناتها من دون الحصول على إذن مسبق منها.
وبسبب الإضراب تأجل توزيع جوائز (إيمي) الخاصة بالمسلسلات التلفازية (تقابلها جوائز الأوسكار للسينما) من شهر أيلول من العام الماضي إلى شهر كانون الثاني من العام الحالي. كما حذر بعض الممثلين والعاملين في السينما من أن تحل الآلات محلهم وتسرق مهنهم، وأطلقوا صرختهم: “سنواجه جميعا خطر استبدالنا بالروبوتات.
في السابق، كانت التكلفة المالية كبيرة جداً عند الاستعانة بالتقنيات، أما اليوم، بفضل الذكاء الاصطناعي، صارت متوفرة أكثر وأرخص ثمناً. وقد يؤثر الذكاء الاصطناعي في مهن مثل المكياج والديكور أيضاً. لكن ما لا يعوضه الذكاء الاصطناعي هو الخيال البشري والإبداع الفردي، وأنه مازال عاجزاً عن التعبير عن العواطف الإنسانية، فهو مساعد للإبداع، لا يخلقه أو يلغيه.