أصدقاء الأسطورة: أحمد راضي.. تاريخ لا يموت

739

#خليك_بالبيت

أحمد رحيم نعمة – أميرة محسن/

لم يكن في مخيلته أن الفايروس (اللعين) سيدخل شباكه ويمزّق آخر ما تبقى من مشوار الكرة العراقية، لقد كان المرحوم الكابتن أحمد راضي يريد إصلاح منظومة الاتحاد الكروي، لكن القدر أراد غير ذلك، أحمد راضي الانسان المحبوب، صانع أمجاد الكرة العراقية بكت على رحيله الملايين، إذ لم يكن متوقعا أن يكون الأحد اليوم الاخير في حياته بعد الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل تهيئة متطلبات نقله بطائرة طبية إلى العاصمة الاردنية عمان، حيث تعيش عائلته التي كانت تنتظره وهو الذي زرع بذور الانجاز لتحصد الرياضة العراقية الألقاب والجوائز والكؤوس.
وطالما أن الحياة الرياضية هي الفضاء الذي تلتقي فيه الشعوب على المحبة والألفة وتنبت في رحابها القيم والمبادئ والمفاهيم السمحة، فإن أقسى ما يعانيه الاصدقاء والمحبون لدى فقدانهم الأحبة لوعة الفراق، ولأنَّ أحلام العراقيين مؤجلة، فالموت حاضر، وقد خلفوا أمنيات يصعب تحقيقها، لقد كان شهر حزيران من عام 2020 قاسيا على الرياضيين، فبعد رحيل الكابتن علي هادي ومعاون مدير عام دائرة التنسيق والمتابعة في وزارة الشباب والرياضة فالح عودة، واصل الفايروس القاتل حصد أرواح العراقيين، ليأتي الدور على النجم الكروي أحمد راضي.
أحمد راضي.. الراحل الحي
وهو يرثى صديقه وزميله في المنتخب الوطني العراقي وزير الشباب والرياضة عدنان درجال.. لقد تألمت كثيرا لفقدان جوهرة الكرة العراقية، إنه سيبقى حيا في قلوب وضمائر محبيه بقدر العطاء الثر الذي بذله في الملاعب وخارجها ودفاعه عن ألوان العراق بالجهد والمثابرة التي أوصلته إلى ما هو فيه وعليه من مكانة على مستوى محلي وقاري ودولي، نحن نعده حياً بيننا، وما ستقدم عليه وزارة الشباب والرياضة وبقية المؤسسات الحكومية هو إقامة نصب تذكارية تخليدا لإنجازاته وتسمية عدد من المنشآت الرياضية باسمه تخليدا له، الرحمة والغفران له وإنا لله وإنا اليه راجعون.
يوم أسود
بينما قال حارس شباك المنتخب العراقي السابق رعد حمودي رئيس اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية: لقد كان يوما أسود في التاريخ الرياضي العراقي، خسرنا نجماً من نجومنا اللامعين، لقد شق طريقه نحو النجومية بكل براعة برغم تواجد الكثير من النجوم حينها في الكتيبة الزورائية، بل استطاع أن يثبت حضورا كبيرا عندما انضم إلى المنتخب الوطني، رحيله أبكى الملايين من الجماهير العراقية والعربية، فالفايروس القاتل لم يمهله طويلاً، لقد استعجل الرحيل وهذه إرادة الله عز وجل، سيبقى راضي في ذاكرتنا ما دمنا أحياء، رحمه الله برحمته الواسعة.
اشتاق لرائحتك العطرة يا أبي
وداعا أبي، يا ليت الدنيا تعود بي إلى أيامك، إلى حنانك، وإلى عطفك، يا ليتني استيقظ في الصباح وأسمع صوتك الحنون الذي تناديني به، يا ليتني احتضنك وأشم رائحتك العطرة التي افتقدها بشدة، يا ليتني ويا ليتني ما فقدتك، وما رأيت يوماً كيوم هجرتك، يوم حُملت فيه على أكتاف الرجال ذاهباً إلى مأواك الأخير، تاركاً وراءك فتاة تبكي ليلاً نهاراً شوقاً اليك، كم أتمنى أن أراك حتى في المنام وأُشبع ناظري بك، وألمس يديك الحنونتين، وأنظر إلى عينيك المليئتين بالحب والعاطفة على ابنتك التي تركتها بين أيادي الزمان، تعاني هماً لا يعرف به أحد، رحمك الله يا نور قلبي وحياتي أبي.
ترجّل الفارس عن صهوة جواده
ورثى النجم الدولي موفق عبد الوهاب زميله أحمد راضي عندما قال: هو رثاء وتأبين حتى ولو بعد حين، نعم هو كذلك على وفق ما أراه بتواضع كبير، إذ لم أصدق وأنا اتلقى مكالمة هاتفية الساعة الثامنة صباحاً من زميل لي وبعدها رسالتين من زميلتين، إحداهما من جريدة الرأي الأردنية يستفهمون عن مدى صحة خبر وفاة نجم الكرة العراقية اللاعب الدولي السابق أحمد راضي، وما زلت حتى لحظة كتابة هذه الكلمات التي أحاول فيها أن أستجمع قواي لأكتب شيئاً يستحق بحق إنسان له من المكانة والمنزلة في قلبي ما لا أستطيع أن أصفه عبر كل السطور التي سأكتبها وتجود بها قريحتي كونه أكبر من الكلمات.
فُجعتُ وحَزِنتُ بخبر وفاته ورحيله، وتقطر قلبي دماً وأنا أشاهد صورة النجم الراحل وهي تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتتصدر صفحات كل الأصدقاء والأقرباء والأساتذة والزملاء، الكل في العراق، عربيا، آسيوياً، دولياً حزينون ومفجوعون، ماذا أقول بعد أن سمعت الخبر المحزن والفاجع، عادت بي الأيام ورجعت بي السنين مع الفقيد الراحل أعلى الله منزلته إلى أكثر من 25 عاماً، شريط الذكريات والصور مر سريعاً كما هو القدر الذي لم يمهله طويلاً في معاناته مع المرض، ماذا أكتب عنه وماذا أقول إذ كرمه الله وزينّهُ بحسن الخلق وجمال الأدب، فهو أينما ذهب أو حل وارتحل زينة المجالس بأدبه وحسن إنصاته إذا سكت، وحديثه إذا تكلّم، كان غفر الله له متعدد المواهب، محبوباً من جميع الأوساط، لا يبخل بالمعلومة على أي إِنسان، كريم النفس، متواضعاً، كبيراً لا متكبراً، فصيح العبارة واضح الكلمة، لطيف المعشر لا يحب المشاحنات ولا المناكفات لقد برأه الله من عيوب الكثير من البشر، أيها السادة، أيتها السيدات لقد هوى النجم الساطع، وإندك الجبل الأشم، وطوى نورس الكرة الساحر آخر صفحة من صفحات حياته، ولن تشرق شمس المتعة مرة أخرى وهو يداعب الكرة ويلدغها في مرمى الخصم والمنافس، نعم لقد غابت الشمس المشرقة، وترجل الفارس عن صهوة جواده، ورحلت روح أحمد راضي إلى عليين ووارى جسده الثرى، وستبقى ذكراه خالدة وسيبقى حاضراً بيننا بأعماله الخيرية وإنسانيته التي لن أستطيع وصفها، لقد رحل ساحر الكرة وهو في قلب المعركة مع جائحة كورونا، لم يطو الشراع، بل ظل يصارع الأمواج حتى الأنفاس الأخيرة ليسلم روحه إلى سيد الخلق والمخلوقات جميعاً، ومن يعرفه عن كثب يعلم يقينا أنه إنسان رقيق القلب، قريب الدمعة، نقي السريرة، صافي الروح، حلو المعشر، كريم الخلق، باسم الثغر، عذب الحديث، سريع النكتة، بسيطا متواضعا، هيناً ليناً، بعيدا عن التكلف والتعقيد والتظاهر والادعاء، تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقفا إنسانياً، ويهتز خشوعاً وتأثراً، إذا ذكر الله والدار الآخرة، لا يحسد ولا يحقد، يكره الظلم والتسلط.
أبا هيا الأخ والصديق الحبيب لقد فقدناك ونحن أحوج ما نكون إليك، فقدك العراق، ورياضة العراق، كنا نعول عليك لتأخذ مكانك الحقيقي في زمن الإصلاح لكي تصول وتجول مدافعا عن الحق في مواجهة الباطل، وها نحن اليوم لا نجد كلمات في روعة بيانك نودعك بها، وكل ما نقوله لك إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولن نقول إلا ما يرضى الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
اللهم اغفر لأبي هيا وإرحمه وأسكنه الفردوس الأعلى، وتقبله مع عبادك المخلصين، واحشره مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأجرنا في مصيبتنا فيه، واخلفنا فيه خيراً، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله.
ورثاه الصحفي الرياضي علي رياح قائلاً:
قــد كـنتُ أُوثـرُ أَن تقـولَ رِثـائي… يـا مُنْصِـفَ المـوتى مـن الأَحيـاء
لكـنْ سـبَقْتَ، وكـلُّ طـولِ سـلامةٍ.. قـــدرٌ، وكــلٌ مَـنِيَّــةٍ بقــضــاءِ
ما أكبر خسارتنا برحيلك ..مأ افدح فاجعتنا بفقدك أيها القلب الأطيب الذي منحه الله صورة إنسان.
(عيونك الحلوة غفن)
وقال نجم الكرة العراقية السابق يونس عبد علي: لقد أبكيت الحجر قبل البشر في رحيلك يا من تركت خلفك ذكريات لا يمكن أن تمحى.. كل شيء في العراق ودولنا العربية لك فيها بصمة مفرحة حيث فنونك وأنت داخل المستطيل وتعاملك وأنت الانسان وأحاديثك وأنت الطيب وطلتك وأنت الجميل كل ما فيك مفرح وجميل الا رحيلك هذا الذي أفجعنا.. لا اعتراض على حكم الله، نعم الموت حق ولكن فراقك وفراق أمثالك لا يحتمل، رحمك الله يا نجم نجوم كرة القدم العراقية والعربية أحمد راضي، أبا فيصل حبيب الجميع، مسكنك الجنة بحق محمد وآل محمد .. أنتم السابقون ونحن اللاحقون سنلتقي معاً عند رب عادل،(ها خوية ليش ساكت…عيونك الحلوة غفن..خوية إجيتك من بعيد..بلوعة الملفوف أخيّة بنص جفن).
أبكيتنا دماً لا دمعاً
بينما قال نجم المنتخب العراقي أركان نجيب وبمرارة: لقد فقدنا أهم قطعة من آثار العراق، فقدنا أيقونة كرة القدم والانسانية، فقدناك مثلما فقدنا (علي هادي) قبلك وغيرهم من نجوم العراق، فقدناك مثلما فقدنا الوطن وفقد الشعب الحياة، نحن متغربون وشعبنا بالعراق على أرضه ويشعرون كأنهم غرباء، العراق كل العراق حزين برحيلك، صديقي رحلت جسداً وستبقى تاريخاً تتحدث به جميع الاجيال، فقد خسرنا (عزّ الكرة العراقية)، نجمها الساطع، تاريخها، وإنجازاتها وعنفوانها، ليعلن الوطن الحداد على من رفع اسم البلد عالياً، وكان يحمله في حدقات العيون، أبكيتنا دماً لا دمعاً، أدميتنا يا أبا هيا، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، ستبقى نبراساً لا ينسى، وسيبقى اسمك وتاريخك منارة لكل الاجيال.
لم أصدق رحيلك
النجم الدولي حبيب جعفر قال: اعزي نفسي وأعزي جميع الرياضيين بهذا المصاب برحيل أخي وصديقي وزميلي أحمد راضي، صراحة لغاية الآن لا أصدق رحيلك عنا أبا هيا، فالتراث لا يموت وإن غطاه التراب، وهل سمعتم يوما أن تاريخا دفن وذهب في طيات النسيان، فالجواهر النفيسة لا تصدأ وإن مرّ عليها الزمان وأنت يا أبا هيا تاريخ شامخ لا يمكن أن ينسى، فأي هدف يمكن أن ننساه وهل تنسى تلك اللحظات التي وقف الجميع يصفق لك دون أن يدري وأنت تسجل الهدف الوحيد في كأس العالم، ستبقى في ذاكرة الجميع أيها التاريخ الجميل.
رحيلك أوجعنا
بينما كان للصحفي الكبير غازي شايع وقفة قال فيها:وداعا… رحيلك أوجعنا… كنت على أبواب كتابة تاريخك بعد أن أرسلت لي كل سيرة حياتك الرياضية، وكنّا على اتصال مستمر، وفي اليوم الذي قرّرت نشر الموضوع تفاجأت صباحا برحيلك .هنيئا لك من دعوات أبناء شعبك ومحبيك من كل دول العالم بالرحمة والمغفرة من رب العرش العظيم .
ألا أيّها الموت الذي ليس تاركي
نجم الكرة العراقية السابق خليل ياسين قال مودعا حبيبنا:” ألا أيها الموت الذي ليس تاركي .. أرحني فقد أفنيت كل خليلِ، أراك خبيراً بالذين أحبهم .. كأنك تنحو نحوهم بدليلِ ” (علي بن أبي طالب عليه السلام ). وداعاً أبا فيصل، وداعاً أخي وصديقي الكابتن الخلوق أحمد راضي، اتقدم بأحر التعازي والمواساة للأخ الدكتور صالح راضي ولأسرته والأوساط الرياضية كافة وكل محبيه بوفاة أسطورة الكرة العراقية المغفور له أحمد راضي، تغمده الله بواسع رحمته التي وسعت كل شيء وأنت ذاهب إلى رب كريم .
ورثاه عبد الكريم ناعم مدرب حراس منتخب العراق الوطني: وداعا…. أبا فيصل..أسطورتنا الرياضية
قد يغيب القمر.. ويجلد موج البحر.. يصمت حينا.. يعلمنا من الصبر ..تدابير شؤون القدر .. نستعر بذكراه طرا.. نطوي القراطيس..يسيل حبر القلم.. سبحان من سواك فجرا.. إنّ الفؤاد بفراقك عدم .. ألم يداوي ألمْ ..ننعاك دمعاً.. يجري نزف لك دم ..إيه….. أبا فيصل. إنّ الوداع موجع.. بعدك مر الشراب .. والآه فيك سم .. كنا نراك فجرا .. كل حين باسما.. آه الرحيل.. قد خيّم غم .

النسخة الألكترونية من العدد 362

“أون لآين -5-”