بشار رسن: فوزنا على إيران في التصفيات لا يمحى من الذاكرة

695

#خليك_بالبيت

يوسف المحمداوي /

ولد في بغداد عام 1996 وهو ابن نجم منتخبنا الوطني السابق رسن بنيان، دخل مدرسة الراحل عمو بابا ليمثّل بعد تخرجه منها منتخبات العراق للناشئين والشباب والاولمبي ومن ثم المنتخب الوطني الذي مثّله في أول مباراة دولية مع منتخب بيرو في العام 2014.
صقلت موهبته من قبل العديد من المدربين الأكفاء ولم تأتِه فرصة تمثيل المنتخب الوطني على طبق من ذهب بل من خلال المثابرة والتدرج، لاعب نادي القوة الجوية الذي يصفه بصاحب الفضل في سطوع نجمه من العام 2013 إلى العام 2017، انتقل بعدها إلى دوري المحترفين الايراني من خلال نادي بيرسبوليس الذي مثّله لمدة ثلاثة مواسم من العام 2017 إلى يومنا هذا، توجّهت مجلة الشبكة العراقية بمجموعة من الاسئلة إلى هذا اللاعب المثابر ليولد هذا الحوار معه.
* نود في البداية أن نتعرّف على الانطلاقة الأولى للاعب بشار رسن… وأهم المحطات التي ساهمت في صقل موهبته؟
– انطلاقتي كانطلاقة أي لاعب عراقي بدأت من الفرق الشعبية، وبعد أن شعر والدي بأنّي أمتلك الموهبة والجميع يعلم بأنّ والدي هو لاعب للمنتخب الوطني في السابق ولديه الفطنة والدراية باكتشاف المواهب، وهذا ما جعله يلحقني بمدرسة عمو بابا لتكون الانطلاقة الأولى في صقل موهبتي، وكان لهذه المدرسة الدور الكبير في بناء المرتكزات الأساسية لبروزي وبروز الكثير من اللاعبين الذين لهم بصماتهم الواضحة في الاندية والمنتخبات، بعدها انتقلت من المدرسة إلى الفئات العمرية في نادي القوة الجوية، إذ مثّلت هذا النادي العريق في فرق الناشئين والشباب وأعدّ التحاقي بمدرسة عمو بابا وكذلك مرحلة تمثيلي للفئات العمرية في نادي القوة الجوية أبرز المحطات في صقل موهبتي وتكوين شخصيتي كلاعب.
* من هم المدربون الذين لهم الفضل الكبير في حياة بشار الرياضية سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية؟
– جميع المدربين الذين أشرفوا على تدريبي لهم الفضل الكبير في وجودي اليوم كلاعب، وكما تعلمنا من أهلنا “من علّمني حرفا ملكني عبدا”، ولا بدّ هنا أن أخصّ بالذكر المدربين حسن فاضل وشاكر علي؛ اللذين أشرفا على تدريبي في مدرسة عمو بابا، أما في الفئات العمرية فأدين بالفضل للمدربين محمد فاضل وموفق حسين؛ اللذين لهم الدور الكبير في نضجي بمنتخب الناشئين، أمّا على مستوى الدوري الممتاز فكان للمدرب الكبير أيوب أوديشو التأثير الكبير عليّ كلاعب، لكونه أعطاني الفرصة الأكبر رغم انتقالي الجديد من الفئات العمرية ليمنحني الثقة والسعادة بارتداء فانيلة الفريق الأول لنادي القوة الجوية، ولا أنسى بالطبع جهود وتوجيهات الكابتن صالح راضي، لكن للأمانة أقولها إنّ وجود بشار رسن في عالم النجومية يعود بالدرجة الاولى للكابتن القدير أيوب أوديشو، أمّا على مستوى المنتخبات فلا بدّ أن أشير في البداية للكابتن عبد الغني شهد الذي منحني الثقة الكبيرة في تمثيل المنتخب العراقي الأولمبي.
* ما تأثير الوالد واللاعب رسن بنيان في مسيرتك الرياضية؟
– بالتأكيد صاحب الفضل الأول والأخير بعد الله سبحانه وتعالى على بشار رسن هو والدي اللاعب الدولي رسن بنيان، الذي لا أجد الكلمات التي تترجم مقدار الجهد النفسي والمالي والبدني الذي بذله من أجل نجاحي في الرياضة وكذلك في الدراسة، الذي رافقني من بداية التحاقي بمدرسة عمو بابا وكذلك في الفئات العمرية مرورا كلاعب في نادي القوة الجوية أو في المنتخبات الوطنية، فكان وحتى هذه اللحظة هو من يرصد أخطائي ويصحّحها، وأتمنّى من الله العلي القدير أن أحقّق له ما أراد ويرضيه وأعوّضه عن التعب الذي بذله من أجلي وأن أكون عند حسن ظنّه دائماً وأبداً، متمنيا له العمر المديد والصحة والأمان وراحة البال ليبقى خيمتنا التي نتفيّأ بظلالها.
* المعروف عن الرقم ١٣ أنّه رقم نحس لكنّك قلبت المعادلة وبرزت كأساسي في كتيبة الاسود…كيف تم اختيارك للرقم وهل من حكاية بين سطور ذلك الاختيار؟
– نعم يقال عن الرقم (13) بأنّه منحوس، ففي بداية تمثيلي لنادي القوة الجوية تم إعطائي هذا الرقم ولم أبدِ أي اعتراض أو امتعاض، لكوني مقتنعاً تماماً بأن اللاعب هو من يصنع الرقم، وأعتقد فعلت ذلك وبرز هذا الرقم في تمثيلي للمنتخب الوطني وفي نادي القوة الجوية، ولا ننسى أو نتجاهل أن الكثير من اللاعبين العراقيين برزوا في المنتخب الوطني وهم يرتدون هذا الرقم وعلى سبيل المثال لا الحصر اللاعب الكبير كرار جاسم وكذلك اللاعب عباس رحيم وهما لاعبان مهمان في تمثيلهم للمنتخب الوطني .
* ماهي أهم الفوارق بين الدوري العراقي والدوري الإيراني من غير مجاملات؟
– نعم هناك فوارق لكنّنا في البداية لا بدّ أن نشير إلى مسألة مهمة أنّ هناك لاعبين عراقيين في الدوري الحالي على مستويات عالية في عالم الكرة، لكن ما أثر في مسيرة الكرة العراقية بعد العام 2003 الكثير من الامور، منها غياب البنى التحتية لأغلب الفرق، كثرة الاندية، غياب دوريات الفئات العمرية، التخبط في أنظمة وجدولة مباريات الدوري،على العكس من إيران الذي يمتلك بنى تحتية جيدة ودورياً منتظماً يبدأ بموعد ثابت وينتهي بوقت معلوم، وعلى المستوى البدني هم أفضل من دورينا بمراحل متفوقة، فضلا عن الأوضاع الأمنية التي تلت عملية التغيير كان لها التأثير على مسيرة الدوري.
* كيف ترى حظوظ المنتخب الوطني في التصفيات المزدوجة؟
– منتخبنا الآن بوضع مريح جدّاً لكوننا متصدري المجموعة وطموحنا هو إنهاء هذه التصفيات ونحن في المركز الأول، من أجل الدخول في التصفيات الثانية بمعنويات البطل لا سيما أنّ المنتخبات المتأهلة جميعها قوية، ولكن منتخبنا لديه لاعبون على مستوى عال وجهاز فني مميّز، وهذا ما يمكننا من مجاراة أقوى الفرق على مستوى القارة الآسيوية، وإن شاء الله ندخل الفرحة بقلوب جميع العراقيين من خلال التأهل للمرة الثانية لنهائيات كأس العالم، وجميع التوقعات تشير إلى أنّ هذا الجيل سيعيد الحلم الذي لم يتحقق منذ العام 1986 .
* لبشار شعبية كبيرة في إيران، هل شعرت بتراجع لتلك الشعبية بعد أن ساهمت بشكل مباشر في فوز منتخبنا على إيران في التصفيات؟
– نعم هناك بعض الجماهير الايرانية كانت مستاءة من خسارة منتخبها وهذا أمر طبيعي، وبنفس الوقت قاموا بتهنئتي على الفوز، لكونهم يدركون أنّ اللاعب الحقيقي الذي يحترم فانيلة بلده يكون ولاؤه الأول والأخير لبلده، بل وجدت احترامهم وتشجيعهم لي قد اتسع أكثر وأكبر، لا سيما أنّي أقدّم مستويات كبيرة ترادفها السمعة الطيبة التي كسبتها من خلال اللعب والسلوك الرياضي المحترم مع النادي الايراني.
* كيف تنظر لتجربة اللاعب العراقي الاحترافية في إيران وما مدى مقبولية لاعبينا عند الجمهور الايراني وعند الأجهزة الفنية والإدارية الايرانية؟
– المسيرة الاحترافية للاعبين العراقيين في إيران لها بصمات رائعة في الدوري الايراني ويشار لها بالبنان في الوسط الرياضي هنا، وتبقى أسماء كبيرة سواء اعتزلوا اللعب أم لا يزالون في المستطيل الاخضر ومثال ذلك، الكابتن عبد الوهاب أبو الهيل والكابتن عماد محمد الذي نتمنّى له ولعائلته الشفاء العاجل بعد إصابته بهذا الفيروس اللعين، وكذلك الكابتن كرار جاسم والكابتن أحمد كاظم والكثير من اللاعبين المهمين الذين فاتني ذكر أسمائهم، فالدوري الايراني منظم وقوي لذلك تجد أكثر من لاعب عراقي استمر احترافه في إيران لمدة 6 إلى 7 سنوات، والصورة المرسومة عن اللاعب العراقي داخل إيران هي صورة الملتزم والخلوق والمثابر والجدي داخل الملعب، وقد يكون للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها إيران السبب الرئيس في عزوف البعض عن الاحتراف داخل إيران.
* لو عدت للدوري العراقي وقدّم لك نادياً جماهيرياً ضعف المبلغ الذي تعرضه عليك إدارة نادي القوة الجوية…لمن ستميل كفة الاختيار؟
– بالنسبة لي في الوقت الحاضر المادة ليست مهمة ولا تشغل الحيز الاكبر في تفكيري، وإنما الشاغل الأول لي كلاعب هو الفريق القوي ومدى إضافته لي كلاعب، والفريق الذي يملك الاستقرار وهو الشيء الأهم بالنسبة لي وهذا ما جعلني مستمراً لثلاثة مواسم بالاحتراف في إيران، وساستمر بالاحتراف خارج العراق لمواسم لاحقة اذا ما أعطانا الله الصحّة، واذا وجدت نفسي غير قادر على الاحتراف في الخارج سأعود لبلدي وبالتأكيد لتمثيل فريقي نادي القوة الجوية.
* هناك أخبار متباينة وغير دقيقة تتناولها صفحات التواصل الاجتماعي عن وجود عروض أجنبية وعربية..نتمنى أن تضعنا وسط الحقيقة ؟
– في البداية أقول إنّ هناك عروضا عربية وأوروبية، ولكن لا بدّ أن أكون صريحا معكم أنّه ليس هناك أي عرض رسمي، لكون فايروس كورونا فرض على جميع اللاعبين صيغة التفاوض الشفهي كبديل عن التفاوض الرسمي، لكون العالم كله مشغولاً في كيفية القضاء على هذا الوباء القاتل، ومن الممكن في الاسابيع المقبلة تكون الأمور أكثر وضوحا وتحديد الجهة التي تبين وجهة بشار رسن المستقبلية، لأنّ هناك عروضا خليجية وكذلك من أندية إيرانية على مستوى عال ولكنها غير رسمية إلى الآن.
* قدوتك الرياضية كلاعب وسط عراقيا وعربيا ودوليا؟
– قدوتي كلاعب وسط عراقيا الكابتن نشأت أكرم، وعربيا محمد نور لاعب المنتخب السعودي، وعالميا اللاعب الارجنتيني انخيل دي ماريا.
* مباراة لا تفارق ذاكرة بشار؟
– هناك مباراتان لا تفارقان الذاكرة، الأولى هي فوزنا على المنتخب الايراني في التصفيات المزدوجة التي كان لها الطعم الخاص في ظل ما يعيشه البلد وتزامنها مع تظاهرات الشعب العراقي، فكان الفوز في تلك المباراة مصيريا لنا كلاعبين أردنا من خلالها إهداء الفرحة لهذا الشعب الصابر وتحقّق المراد والحمد لله، أما المباراة الثانية فهي مباراة فريقي الحالي نادي بيرسبوليس الايراني التي فزنا فيها على نادي السد القطري في مباراة نصف النهائي وتأهلنا من خلالها للنهائي، هاتان المباراتان ساكنتان في الذاكرة.
* نصيحتك للوسط الرياضي بعد رحيل الكابتنين علي هادي وأحمد راضي؟
– أعزي نفسي والوسط الرياضي وجميع العراقيين برحيل النجمين أحمد راضي وعلي هادي وإن شاء الله مثواهم الجنة، ورحيلهما يضعنا جميعا أمام مسؤولية كبيرة وهي أن الإنسان مهما بلغ من العمر مصيره الرحيل عن الدنيا فالموت حق، وما يتبقى منا هو الذكرى الطيبة والسمعة الجيدة والكلمة الحسنة والتأريخ الناصع الذي يخلد صاحبه، وما قدّمه الكابتنان في حياتهما من مسيرة حافلة بالإنجازات التي قدّموها لبلدهما وتواضعهما وخلقهما الرفيع جعل جميع العراقيين يأسفون على رحيلهما ويتضرعون إلى الباري عز وجل بأن ينزلهما في فسيح جناته، وهذا ما يتطلب منا – نحن هذا الجيل – أن نسير على خطاهما في حب الناس وفعل الخير والتواضع وعدم الانجرار إلى الغرور الذي يقتل الموهبة، والشهرة والنجومية لا تأتي بالغرور والتكبر بل تأتي بالتواضع والالتزام بحديث نبينا العظيم محمد (ص) (حب لأخيك ما تحب لنفسك) .
* رؤيتك لمستقبل الكرة العراقية بعد تسلم الوزارة من قبل درجال ورؤيتك لمستقبل المنتخب بوجود كاتانيتش؟
– بالطبع الجميع وأنا أحدهم نتمنى للكابتن عدنان درجال الموفقية في عمله، وهو كما نعلم أحد أعمدة المنتخب الوطني في السابق وأسطورة من أساطير الكرة، وبالتأكيد له مشروع رياضي سينهض من خلاله بواقع الرياضة العراقية، لكنّه يحتاج إلى الوقت لتنفيذ رؤيته وتحقيق مشروعه، وكلّنا يجب أن نكون الداعمين والمساندين له كرياضيين وإعلاميين متمنين له التوفيق والنجاح في عمله، أمّا بالنسبة للمدرب كاتانيتش فالنتائج التي حقّقها مع المنتخب هي الحاكم على هذا الرجل، فهو مدرب كفوء فنيا، ولا يأخذ بأقوال البعض وإنما تقوده قناعته بهذا اللاعب أو ذاك، فهو يمتلك شخصية قوية ويمتاز بخطط تكتيكية خاصة به، فنجاحه هو نجاح لنا ولمنتخبنا وجميعنا داعمون له ولأي مدرب يكون على هرم قيادة منتخبنا الوطني وتحقيق النتائج التي تثلج صدور العراقيين جميعا، وفي الختام أتوجّه بالشكر لشبكة الإعلام العراقي متمثلة بمجلتكم الرائعة التي أتاحت لي التواصل مع الجمهور العراقي عبر هذا الحوار الممتع.