دروسٌ وعبر من تجارب الآخرين..الاستثمـــــار حلاً وحيداً لدوران عجلة الرياضة
علاء عبد الله/
تكثر هذه الأيام الأحاديث، وتفتح النقاشات بشأن موضوع الاستثمار الرياضي الذي بات ضرورياً لاستمرار دوران عجلة الرياضة وصولا إلى تحقيق بعض الإنجازات المأمولة.
إن المتابع للرياضة العالمية بصورة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص، منذ ثمانينيات القرن الماضي، لا يمكنه المقارنة بين الإنفاق والاستثمار في مجال الرياضة، التي اصبحت قطاعاً اقتصادياً يدر مئات المليارات من الدولارات، ويوفر عشرات الآلاف من الوظائف المصاحبة للرياضة، في أوروبا وآسيا وأميركا من جهة، وبين طريقة ومصادر الإنفاق في بلدنا العراق من جهة أخرى.
ولننطلق من صفقة انتقال البرتغالي لويس فيكو من برشلونة إلى غريمه ريال مدريد عام 2000 كإحدى أهم عمليات الاستثمار، إذ اطلقت الصحافة “الكتلونية” لقب الخائن على فيكو، فتلقف نادي برشلونة هذه الفكرة واستثمرها أفضل استثمار، إذ قام بفتح أكشاك صغيرة داخل النادي تقوم بمسح اسم فيكو من القمصان التي تحمل الرقم 7، وهي قمصان سبق للنادي أن باعها للمشجعين، وكتابة لقب الخائن بدلاً من ذلك مقابل 6 دولارات عن كل قميص، ليجني النادي ثروة كبيرة من هذه الفكرة العبقرية.
قصة استثمار
والصورة الثانية بطلها رئيس النادي الملكي، فلورنتينو بيريز، الذي عُرض عليه كل من البرازيلي الساحر رونالدينيو والإنجليزي دافيد بيكام، عام 2003 بنفس السعر، ففضل التعاقد مع الأخير، لأنه يمتاز بالجمال، ولأنه وجه إعلاني مهم جداً، وهو موديل لشركات عالمية تنتج الملابس والأزياء والعطور والمكياج الرجالي. وحين تم التعاقد مع اللاعب فإن النادي باع قمصان تحمل اسم بيكام بمبلغ 23مليون دولار، وهو قيمة انتقال اللاعب من نادي مانشستر يونايتد، ودعونا نأخذكم الى عملية استثمارية مبتكرة اخرى في عالم الاستثمار الرياضي، فقد انتقل المدافع سول كامبل عام 2001 من نادي توتنهام الى غريمه اللدود آرسنال، وكلاهما قريب من الآخر ويقعان في نفس الحي بمدينة لندن، فثارت ثائرة جماهير “السبيرز” على اللاعب وناديه الجديد. ومعروف أن شعار الآرسنال هو المدفع، الموجود على قمصان الفريق، ففكرت الإدارة في استغلال هذه العداوة التاريخية بين جماهير الناديين، وقامت بتغيير اتجاه فوهة المدفع من الجانب الأيسر الى الجانب الأيمن، حيث يقع مقر نادي توتنهام، وهذا دفع جماهير النادي في إنكلترا وخارجها الى شراء القميص الجديد الذي يعبر عن العداوة للسببرز، وهو ما جلب لخزائن “الجنارز” ملايين الجنيهات.
فكرة من آرسنال
ودعونا نستعرض فكرة أخرى من أفكار نادي آرسنال الاستثمارية، التي تؤكد أن هناك عقولاً تفكر وتعمل من أجل جني الأرباح بشتى الطرق واستمرار النجاح المادي، الذي هو أساس النجاح والتطور لأي مجال من مجالات الحياة، فعندما فكر نادي آرسنال في تغيير ملعبه القديم المعروف باسم “الهايبري”، فإنه اتفق مع شركة طيران الإمارات أن يطلق اسمها على الملعب الجديد لمدة عشرة أعوام مقابل تكاليف بناء الملعب التي وصلت إلى360 مليون باوند.
وهكذا فعلت إدارة أتلتيكو مدريد، التي باعت حقوق اسم ملعبها القديم “فيسنتي كالديرون” الى شركة مترو بولتانو جروب، مقابل عوائد سنوية للنادي، فاصبح اسم الملعب “واندا متروبولتانو.”
أفكار لا تنضب
طالعتنا الصحف العالمية -قبل أيام- بأخبار عن عقد ستبرمه إدارة ريال مدريد مع شركة “ليدجيندز” الأميركية المتخصصة في استثمار المنشآت الرياضية، لاستئجار ملعب سانتياغو برنابيو لمدة 25عاماً، إذ ستحول قسماً كبيراً منه إلى معارض ومولات تجارية وقاعات للحفلات الموسيقية والحانات وملاعب تنس وكرة السلة مقابل 400 مليون يورو سنوياً.
مثل هذه الأفكار الاستثمارية تثبت أن الرياضة، وتحديداً كرة القدم، ما عادت هواية، بل إنها عمل تجاري وصناعة مهمة تمول نفسها بنفسها، وتحقق أرباحا تبلغ مئات الملايين من الدولارات، وهذا ما يسمح لها بالاستمرار والنمو.
أما الرياضة في بلدنا، فإنها لا تعدو كونها قطاعاً استهلاكياً يستنزف مليارات الدنانير سنوياً دون أية جدوى اقتصادية.
وهناك أندية تخطت الـ 80 و90 عاماً من عمرها، لكنها لم تتمكن من أن تجني ألف دينار! طوال هذه السنين، بل إنها تتعكز على التمويل الحكومي، الذي لا يشترط تحقيق أرباح في نهاية كل موسم، وهذا ما جعل أنديتنا لا تفكر في البحث عن الاستثمارات، ولا تربط نفسها بأي نشاط اقتصادي، ولا تعرف كيفية تسويق منتجات، واسم النادي وصورته، في الأسواق، حاله حال أي منتج آخر موجود في الأسواق. هذه الأندية غير مهددة بانخفاض او انقطاع التمويل الذي تحصل عليه من الوزارات والمؤسسات الحكومية، لذا فهي تنفق (بدون وجع قلب).
ولكم أن تتصوروا أن أحد الأندية في الدوري العراقي تعاقد مع لاعب واحد بمبلغ يقترب من مليار دينار، في الوقت الذي يحصل فيه الفريق الفائز بلقب الدوري على 100مليون دينار!
*معلق وكاتب ر ياضي