رئيس شبكة الاعلام العراقي يحتفي بالماجدي.. يوسف الفارس العنيد ضر بة سومرية تحسم الملحمة

317

حاوره: أحمد رحيم نعمة – تصوير: حسين طالب/

ضربته القاضية لم تكن ضربة ملاكم عنيد لخصم مراوغ، وإنما كانت القاضية الذهبية بتحد عراقي فذ لفارس سومري نقشت على زنديه السمراوين حروف المسمار ونفائس أور وتعويذة گلگامش، بعدما منع كعراقي من دخول مصر لخوض البطولة، فدخل بجوازه الأميركي متحدياً ليخطف الميدالية الذهبية بالضربة القاضية في حلبة صراع وقف في داخلها وحيداً كالأسد إلا من تشجيع والده وحماسة قلوب ملايين العراقيين التي كانت تدعو له.
إنه البطل العراقي المغترب في أميركا الملاكم يوسف نعيم الماجدي، صاحب ذهبية بطولة شباب العرب التي اختتمت مؤخراً في مصر، الذي تغلب على ملاكمي الأردن ومصر والجزائر وحصل على المركز الأول بجدارة. جاءت مشاركته في البطولة بعد دعوة من اتحاد الملاكمة بالحضور الى بغداد من أجل السفر مع الوفد العراقي، لكن المفارقة أن الفرصة لم تسنح بذهابه بعد أن تعذر الجانب المصري عن إرسال التأشيرات المطلوبة (الفيز)، ما جعل الماجدي أمام تحدٍ عراقي أكبر، فقام بإرسال جوازه الأميركي ليسافر بصحبة والده الى مصر ويشارك في البطولة ويخطف الميدالية الذهبية رغم كل المصاعب والمعرقلات.
مجلة “الشبكة العراقية”، حلت في ضيافته، محتفية بالفخر والفرح، التي تخللتها سوالف بغدادية وديعة وأمنيات ولحظات فوز بهيجة، بدأناها هكذا:
*يقولون إن الوطن مثل الحنين يولد في روح الانسان حتى لو جرفته الأقدار بعيداً، يا تُرى وأنت الأميركي المولد، هل مازلت تحمل كلماته و(حسچته) العراقية في جيوب قلبك وتحدث وجوه أحبتك من داخل الصور بلغته؟
-هنا يضحك يوسف بخجل، وبحلاوة بلاده التي يعشقها حدّ الجنون فيقول بثقة: نعم، أنا العراقي القح وسأظل، أتقن لغتي الأم بكل طلاقة، فبرغم ولادتي في أميركا لكني أتكلم عراقي (قح) لأن والدي ووالدتي من بغداد، ومنهما تعلمت كل شيء، بل إن جميع إخوتي يتكلمون لهجتنا العراقية، إضافة الى ذلك نتكلم اللغة الإنكليزية بطلاقة.
*يوسف.. الشاب الطافح بالوداعة البغدادية والملوحة العراقية، ألا تجد أن الملاكمة عالم خشن ولا يتفق مع شفافيتك، كيف اخترتها؟
-اللعبة مسالمة في حدود متعتها وجماليتها، أنا وإخوتي كانت ولادتنا في أميركا حيث سكن والدي منذ عشرين عاماً هناك، في البداية عندما كنت صغيراً وجهني والدي لممارسة رياضتي الكك بوكسنغ والمصارعة، ومارستهما فترة ليست بالقصيرة وتعلمت فنونهما وأتقنتهما بشكل جيد، بعدها شاركت في العديد من البطولات الداخلية في أميركا حيث كانت المراكز الأولى من نصيبي، فنصحني المدربون بعد ذلك بممارسة رياضة الملاكمة لكونها قريبة من الكك بوكسنغ والمصارعة، لذا دخلت عالم الملاكمة أنا وإخوتي، وأشرف على تدريبي الكثير من المدربين في الأندية الأميركية وحققت العديد من الأوسمة الذهبية في البطولات من خلال مشاركاتي في الدوريات هناك، فدخولي عالم الملاكمة كان بتخطيط سليم وإيجابي ومسالم من والدي الذي علمنا كل شيء وأنا افتخر به كثيراً .وهنا قاطعته:
*لاحظنا أن إخوتك ملاكمون أيضاً وبنفس الحماسة، فأجاب مبتسماً:
-نعم نحن أربعة إخوة، جميعنا ملاكمون، علي أكبر مني عمراً، سوف يدخل عامه الــ18، يلعب للمنتخب الأميركي ولايزال، وأنا في المنتخب شاركت بالكثير من البطولات على الصعيدين الأميركي والخارجي، وكنت أحقق المركز الأول دائماً، أما أحمد الصغير فعمره 15 سنة ويلعب ايضاً للمنتخب وله 14 ميدالية ذهبية وهو بطل أميركا، إذ أنهم في أميركا يقيمون ست مشاركات بالسنة في البطولات، لذلك جمع أحمد الأوسمة الــ14 .
*العشق العراقي الموشوم بعلم بلدك الأم كان دائماً ملفوفاً على صدرك بحنان، ولاسيما في البطولات الأميركية، حديث القلب هنا حتماً فيه خواطر وصمت لا يترجمهما كلام..
-نحن نعشق العراق حتى وإن كنا في نهاية الكرة الأرضية، نعشقه بلا حدود، أنا وإخوتي عندما نفوز في بطولة ما في أميركا نقوم برفع العلم العراقي الذي لا يفارق صدورنا، إذ نعتز به كثيراً ونفتخر به على الدوام، قبل فترة أقامت لنا الجالية العراقية الموجودة في أميركا احتفالية كبيرة عندما حققت الميدالية الذهبية هناك، كان كرنفالاً عراقياً رائعاً وكأننا في العراق وفي وسط أهلنا وبيتنا، حقيقة سعدنا باحتفالية أهلنا أبناء جلدتنا.
*الفوز وفرحته الكبيرة.. حدثنا عن دعوة المشاركة في البطولة العربية المقامة في مصر، ولماذا حدثت العرقلة:
-في البداية كان هناك اتصال من اتحاد الملاكمة، إذ جاءتني الدعوة للمشاركة في البطولة، فجئت الى العراق مع والدي من أجل ذلك، قابلت أعضاء الاتحاد فقالوا لي إنه لابد أولاً من اختبارك من أجل المشاركة، لذا خضت نزالاً مع أحد اللاعبين، بوزن 71 كغم ففزت عليه، بعدها قابلت ملاكماً آخر كان وزنه 80 كغم، أيضاً حققت الفوز عليه، فثبت لديهم أنني لاعب محترف، وجرى اختياري لأذهب مع المنتخب العراقي بالملاكمة الى مصر، الوفد العراقي انتظر (الفيز) التي لم تأتِ، قلت لهم إن لدي الجواز الأميركي فأرسلوه الى مصر، (عسى) أن نغادر الى البطولة، فجاءت (الفيز) لي ولوالدي وأخي، حجزنا للسفر وكانت التكاليف من مالنا الخاص! ودخلنا مصر حيث فوجئ الجانب المصري بوصولي، اتحاد الملاكمة أرسل كتاب مشاركتي في البطولة -وهم مشكورون على ذلك- ذهبت للمشاركة بدون مدرب ولا مشجع ولا أي شيء يذكر، والدي فقط كان المشجع الوحيد خلال نزالاتي على الحلبة، بينما بقية لاعبي البلدان الأخرى كان لديهم الكثير من المشجعين، لاسيما اللاعب المصري الذي فزت عليه، فقد كانت القاعة مليئة بالمشجعين، فيما كنت وحيداً فريداً، لكني لعبت بقوة وسط صياح المشجعين وفزت بجدارة ورفعت العلم العراقي بكل فخر، فقد وضعت العراق نصب عيني، كان التحدي كبيراً، والحمد لله حققت النصر على اللاعبين: المصري والأردني، وفي النهاية على الملاكم الجزائري، حقيقة لن أنسى هذا اليوم، إذ كانت الفرحة غامرة وأنا أنال الوسام الذهبي في بطولة مهمة كهذه.
*ماذا بشأن مصاريف السفر من أميركا الى العراق؟ وبماذا وعدتكم اللجنة الأولمبية حين هنأتكم بعد الفوز واستقبلتكم في المطار؟
-بصراحة أننا لغاية الآن ننتظر صرفها ونتأمل خيراً، الاتحاد صرف علينا تكاليف السكن وما شابه في البطولة، لكن مبالغ انتقالنا من أميركا الى العراق وعودتنا الى هناك كانت من مالنا الخاص، أما الأولمبية فمشكورة، إذ استقبلنا في المطار أمين عام اللجنة الذي وعدنا خيراً بالمقبل، إذ قال “إن شاء الله سندعم المواهب العراقية المغتربة وندخلها في دورات تطويرية ومعسكرات من أجل تحقيق حلمنا في الحصول على ميدالية أولمبية.” وما زلنا ننتظر خيراً، أنا لاعب جاهز تعلمت كل شيء بفضل والدي وأتقنت الملاكمة ببراعة، وباستطاعتي الحصول على الميدالية الذهبية في الأولمبياد العالمية، لكن هذه الأمنية تحتاج الى مجموعة خطوات، أولاها المعسكر التدريبي، والدعم بجميع أنواعه، وأمور أخرى أتمنى أن تنفذ على أرض الواقع في بلدي العراق.. لا أن تكون مجرد كلام.
*ماذا قدم لكم اتحاد الملاكمة؟ وهل تلقيتم عروضاً دولية مغرية بعد الفوز الثمين؟
-الاتحاد -مشكوراً- قام بالواجب، وهو يعمل وفق المتيسر له ونتمنى لهم الخير والتوفيق ونأمل منهم خيراً، أما بخصوص الكابتن عدنان درجال المحترم فقد قدم لنا التهنئة لكن للأسف لم نحظ بفرصة لقائه، وفيما يخص العروض فنعم قدم إليّ أكثر من عرض لتمثيل دول معروفة لكني فضلت، ولن اختار غير العراق أولاً وأخيراً مهما كانت المغريات.
*كيف وجدتم التشجيع الذي قدمته شبكة الإعلام العراقي برئاسة الدكتور نبيل جاسم خلال دعوة اللقاء والتكريم؟ الكل هنا فخورون بكم..
-حقيقة وبدون أية مجاملة، أنا ووالدي نتقدم بالشكر الجزيل والعرفان والتقدير العالي للدكتور نبيل جاسم رئيس شبكة الإعلام العراقي على حسن الضيافة والتشجيع والدعم الذي لقيناه منه، إذ استقبلنا وبارك لي الإنجاز الذي تحقق بحصولي على الميدالية الذهبية في بطولة العرب، وثمّن فوزنا بحفاوته وتشجيعه ونبله، حقيقة هذا اللقاء أعطاني دافعاً معنوياً كبيراً في تقديم الأفضل مستقبلاً من أجل رفع العلم العراقي دائماً في المحافل الدولية، مرة أخرى أكرر شكري أنا ووالدي للسيد رئيس الشبكة المحترم د.نبيل جاسم وأتمنى له كل الموفقية والنجاح.
وعن أمنياته ختم البطل الحوار: “أتمنى أن أوفق في مسيرتي الرياضية لأمثل بلدي العراق خير تمثيل في المحافل الدولية المقبلة، ولاسيما مشاركتي في الأولمبياد، وأنا مستعد من الآن لأن أعد نفسي خير إعداد لتحقيق حلم حصول العراق على أول وسام في الأولمبياد، وأنا قادر على ذلك بإذن الله”.