ريال مدريد ومبابي.. قـصــــــــــــةُ لــــــــــــــــــن تنتهـــــــــــــي

235

محمود خوام/
بالتأكيد لم ينسَ ريال مدريد مبابي، كما أن مبابي لم ينسَ ريال مدريد، وبكل تأكيد فإن جرح تجديد عقد مبابي مع باريس قبل موسمين مازال في ذاكرة مشجعي الريال، لكن بطريقة ما فإن الطرفين يفكران ببعضهما بعضاً منذ تلك الفترة.
هاجم العديد من جمهور ريال مدريد اللاعب حين قرر تجديد عقده قبل موسمين مع باريس، وشعر بيريز بأنه جرت خيانته. وبعد تجديد عقد مبابي زادت قوته في باريس، وجرى تعيين لويس كامبوس كمدير رياضي للنادي، والجميع كانوا يدركون علاقة كامبوس بمبابي، إذ كان يوصف بـ “والد مبابي الرياضي”، حين كان الاثنان في موناكو، كذلك جلب غالتييه الذي تربطه علاقة قوية بكامبوس. طالب مبابي بجلب ليفاندوفسكي وتشاوميني وشكرينيار إلى النادي، لكن ليفا قرر الرحيل إلى برشلونة، وتشاوميني إلى ريال مدريد، بينما استمر شكرينيار حينها مع الإنتر، وشعر مبابي في تلك اللحظة بأن العمل في باريس ليس صحيحاً.
حتى على أرض الملعب اشتكى مبابي من وجوده كمهاجم -رأس حربة- فقد كان يفضل أن يلعب على اليسار ويدخل للعمق، وفعلاً شعر باريس بأن مبابي يريد الخروج!
المشكلة في باريس اليوم متعلقة بأن مبابي يريد الخروج في الموسم المقبل بشكل مجاني، بينما يريد باريس بيعه الموسم الحالي والاستفادة مالياَ منه، وفي ذات الوقت لا يعارض مبابي الرحيل، لكنه يريد مكافأة الولاء التي وعده بها الخليفي، التي تُقدر بقيمة 60 مليون يورو!
وبكل تأكيد فإن هذه المتاهة التي وقع بها باريس كانت بسبب باريس أنفسهم، إذ جعلت لاعباً متحكماً بالنادي بمثل هذه الطريقة ويتحكم بخطة الفريق، وفي ذات الوقت فإن طلباته المالية غير منطقية، إذ تجعل خيار تجديد عقده لموسم بيده أمراً كارثياً، لم أصادف أبداً نادياً يترك خيار تجديد العقد لموسم بيد اللاعب، لكن يبدو أن الخليفي قد وقع في فخ مبابي.
ريال مدريد حاول فعلاً مع باريس من أجل مبابي وقدم له عرضاً بقيمة 160 ثم 170 مليون يورو، ثم عقداً ثالثاً يتفوق على قيمة انتقال نيمار إلى باريس الذي بلغ حينها 222 مليون يورو، لكن ماذا كان الرد؟ لا شيء، باريس لم يرد.
ليوناردو، المدير الرياضي لنادي باريس قال حينها إن عرض مدريد غير كاف وغير محترم، بينما قال الخليفي: “موقفنا لن يتغير” .
غضب مدريد لأن الشعور السائد حينها برأي إدارة الريال بأن باريس سرّب رسالة إلى الإعلام، وهي رسالة كاذبة من أجل أن يراها مبابي ليشعر بأن الريال لا يحترمه!
لكن في نهاية الموسم الماضي، وحين بدأ باريس فكرة تجديد عقد مبابي، شعر بأن معسكر مبابي يتفاوض بشكل بارد، وبأنه لا توجد رغبة بالاستمرار، وفعلاً وصلت التسريبات بأن مبابي يتجه نحو الريال!
والدة مبابي (فايزة) التي تسيطر على كل شيء يخص مبابي حالياً، استطاعت الحصول على ضمانات حقوق صورة ابنها مئة بالمئة، وهو تنازل لم يقم به الريال في تاريخه (حتى مع كريستيانو رونالدو).
لكن السؤال الأكبر هو: كيف يمكن الاستفادة من مبابي رياضياً؟
بكل تأكيد أن ماحققه اللاعب، البالغ من العمر 24 عاماً، إنجازات تاريخية، فقد فاز بالدوري الفرنسي مع موناكو ومع باريس وحقق كأس العالم مع فرنسا، وكان قريباً من تحقيق كأس عالم ثانية مع فرنسا بعد مباراة تاريخية ضد الأرجنتين.
كان دائماً ثابتاً بشكل مذهل في كل مسيرته، وتطور ليصبح واحداً من أكثر اللاعبين فعالية في العالم، إذ إنه منذ ظهوره في الدوري الفرنسي لم يسجل لاعب أكثر منه، ولم يراوغ لاعب أكثر منه، ولم يصنع لاعب أهدافاً أكثر منه، باستثناء دي ماريا، فنحن نتكلم عن لاعب متكامل، سريع، مزعج، مراوغ وهداف، وبكل تأكيد رجل مباريات كبرى.
في مدريد رقمياً الفريق يعتمد في 43 بالمئة من هجماته على فينيسيوس، وهذا يعني أن الفريق بحاجة إلى رجل يساعد فينيسيوس ويكون حلاً هجومياً جديداً، أيضاً فكرة وجود مبابي على اليمين غير منطقية ، لماذا؟ لأن مبابي ببساطة في آخر ثلاثة مواسم بالدوري الفرنسي لم يلعب دقيقة واحدة على اليمين! واليسار محجوز لفيني، ورأس الحربة اشتكى منه مبابي رغم أنه لعب 70 بالمئة من مبارياته في المواسم الثلاثة الأخيرة بالدوري كرأس حربة، لكن اللحظات المجيدة لمبابي في مسيرته كانت على اليسار، إذن فإن من الممكن أن تكون هناك مشكلة، كيف لتلك المشكلة أن تحل؟
أن يلعب الاثنان لوحدهما في الأمام وأن يحاول الطرفان الانسجام قدر الإمكان، بأن يتبادلا المراكز والأدوار، مثلما كان يفعل كريستيانو وبنزيما، وخلق مساحات لأنفسهما، وفي ذات الوقت يقف بيلينغهام خلفهما ويدخل إلى عمق منطقة الجزاء، وهي نقطة قوة له مثلما كان يقوم في دورتموند، حينها سيمتلك ريال مدريد قوة هجومية مخيفة في كل أوروبا.
وبكل تأكيد فإن العديد من جمهور الريال متخوف من أن يكرر مبابي أفعاله، عليكم الهدوء قليلاً، بيريز ليس بالجديد على كرة القدم، تعامل مع لاعبين مثل بيكهام والظاهرة رونالدو وفيغو وزيدان وكاسياس وراؤول وكريستيانو رونالدو وكاكا وبنزيما وغاريث بيل، ويدرك تماماً كيف يخلق لنفسه ضمانات بألا يقوم مبابي بذات الأمور.. فلا تقلقوا.