في ليلة رمضانية.. سفير الإنسانية الحارس الدولي مصطفى سعدون يُبكي مُحبيه

680

أحمد رحيم نعمة /

قبل أيام خطف الموت الحارس الشاب مصطفى سعدون حارس مرمى المنتخب الأولمبي العراقي ونادي النفط، إثر إصابته بجلطة دماغية لم تمهله سوى يومين ليلتحق بسرب النجوم الذين غادرونا إلى رحمة الله.
مصطفى سعدون كان عنواناً للشجاعة والمواقف الإنسانية، أكثر من ستة أشهر وهو يساعد المرضى المصابين (بكورونا)، ورغم خطورة المرض، إلا أنه أبى أن يغادر مستشفى ابن الخطيب وأصر على مساعدة المصابين، حتى إن أغلب الناس وقتها ابتعدوا عن محبيهم بسبب هذا المرض المعدي، أما هو فاستمر في مساعدتهم من أجل الشفاء، وقد قدمت منظمة (بلا حدود) الألمانية رسالة شكر له لمساهمته الإنسانية. لقد أبكى هذا الحارس المغوار العراقيين برحيله المفاجئ في ليلة رمضانية حزينة على محبيه.
شجاعة وكرم
يقول الأب الروحي للاعبي نادي النفط (كاظم محمد سلطان) أمين سر النادي: أعدّ مصطفى سعدون أحد أبنائي منذ أن قدم للنادي وهو بعمر 17 سنة، تعلم كل شيء في الفريق الذي احتضن موهبته، ونتيجة لمهارته في حراسة المرمى استدعاه المنتخب الأولمبي قبل سنتين، كان المرحوم مصطفى شجاعاً وكريماً، وكان يوزع مبالغ كثيرة على الفقراء، بل إن وقفته مع المصابين بوباء كورونا دليل على شجاعته وحبه لأبناء بلده، لقد أبكاني فراقه غير المتوقع، إنّا لله وإنّا اليه راجعون.
مواقف مشرفة مع المصابين بكورونا
مدرب فريق نادي النفط (باسم قاسم) قال: إنها أصعب اللحظات حين تودع إنساناً خلوقاً وشجاعاً، لقد كان مصطفى حارساً مميزاً له مستقبل كبير في حراسة المرمى العراقي، أسداً بين الخشبات الثلاث والدليل المستوى الرائع الذي قدمه هذا الموسم مع الفريق، لقد أحزنني فراقه وهذه مشيئة الله سبحانه وتعالى، الكادر التدريبي جميعاً يكنّ له كل الحب بسبب تفانيه وحبه للفريق، بل إن جميع اللاعبين يحبونه حباً جماً، لقد وقف مصطفى كالأسد مع أبناء العراق في محنة الوباء، ولم يخَف انتقال العدوى اليه، وقلت له أكثر من مرة إنه مرض خطير فاحذر أن تصاب فكان يجيبني: كابتن إن أغلب أهالي المرضى تركوهم وأنا في المستشفى لأساعدهم نذرت عمري لمساعدة أبناء بلدي، نسأل الله له الرحمة والمغفرة.
صاحب الخلق الرفيع
وتحدث مدرب المنتخب الوطني العراقي السابق (حكيم شاكر) قائلاً: نعزي أنفسنا أولاً وجميع رياضيي العراق برحيل أحد حراس كرة القدم المهمين لنادي النفط والمنتخب الأولمبي مصطفى سعدون، لقد كان المرحوم شجاعاً وصاحب خلق رفيع، فعندما كنت أشرف على منتخب شباب العراق كان مصطفى في الفريق، وفي بطولة العرب للشباب في المغرب جاءني مصطفى وقال لي: كابتن لا أريد أن أبقى في الفريق وسأنسحب فقلت له: لماذا هل هناك سبب؟ قال لي لا أريد البقاء، حاولت معرفة السبب لكنه امتنع، بعد ذلك بمدة وفي تحرياتي عن السبب علمت أن أحد اللاعبين الكبار في المنتخب أسمعه كلاماً غير لائق لذلك قرر الابتعاد ولم أعرف منه اسم اللاعب لغاية رحيله رحمه الله، فهذه هي أخلاق الشجعان، لقد كان بطلاً ومشروع نجم في حراسة المرمى، لكنّها إرادة الله سبحانه وتعالى ولا راد لها، الرحمة والغفران لنجمنا الراحل.
الصديق الوفي
أما الحكم الدولي مهند قاسم فقال: أعزي الوسط الرياضي والإخوة في نادي النفط الرياضي برحيل الشجاع مصطفى سعدون وأقول: لن أنساك ايها البطل طوال عمري، لقد كان مصطفى صديق الإنسانية معي في الشدة عندما داهمني المرض ودخلت مستشفى ابن الخطيب لم يتركني أبداً، كان أخاً عزيزاً رحمه الله، حتى بعد خروجي من المستشفى زارني واطمأن على صحتي، بل كان عوناً لجميع الرياضيين في ذلك المستشفى، رحمة الله عليه، والصبر لأهله ومحبيه.
شهيد الإنسانية
وقال مدرب حراس فريق نادي النفط جليل زيدان: مصطفى الخلوق الشجاع صاحب المواقف الإنسانية المشرِّفة مع كل الناس، ولاسيما الرياضيين، لقد أبكيتنا دماً، لقد تحقق حلمك الذي كان يراودك بدعوتك للمنتخب، لكن ليس للوطني هذه المرة بل لمنتخب شهداء الإنسانية، كنت نعم التلميذ الشجاع الصبور، تشييعك لم يكن تشييعاً عابراً لشخص توفاه الله، بل زفَّة عريس حقيقية إلى غرفته (خشبات الهدف) التي دائماً ما تغزل بها، لا ندري أنغبطك أم نبارك لك هذا التجمع العشوائي الذي امتلأت به عيون محبيك بالدموع الحقيقية وهي تلقي عليك التحية الأخيرة في ملعب قضيت فيه أجمل لحظات عمرك، رحمك الله بقدر ما ساعدت الناس في مصائبهم، لا اعتراض على أمر الله عز وجل، رحم الله الحارس الشاب مصطفى الذي ترك فراغاً كبيراً في المشهد الرياضي.