هل ساهمت الأكاديميات الكروية في تطوير كرة القدم العراقية ؟
أحمد رحيم نعمة /
الملاعب الشعبية في العراق.. كانت مصنعاً لنجوم الكرة العراقية في عقود ماضية، فقد كان الإقبال عليها من قبل اللاعبين منقطع النظير، بل إنها كانت الملاذ الوحيد لأهالي المناطق للتجمع والتفاخر بأبنائهم الذين يقدمون أروع العروض الكروية على أديم تلك الملاعب التي اختفت في السنوات القليلة الماضية نتيجة كثرة ملاعب الخماسي (المسيّجة)! التي أنشأتها وزارة الشباب والرياضة.
لقد اختفت الملاعب الشعبية نهائياً من المناطق، لاسيما مدن الصدر والشعلة والشيخ عمر والزعفرانية وحي أور وجميع مدن العراق لتكون البديل لها ملاعب الخماسي والمدارس الكروية والأكاديميات.. فهل كان ظهور المدارس والخماسي نقمة على الكرة العراقية، خاصة بعد انتكاسات المنتخبات الوطنية العراقية في البطولات العربية والآسيوية؟
خماسي الكرة قضى على الساحات الشعبية
يقول مخرج النجوم محمد العلواني: حقيقة وبدون مجاملة إن الملاعب الشعبية تلاشت شيئاً فشيئاً منذ فترة طويلة ويعود الأمر الى طبيعة الحياة التي فرضها الواقع العراقي منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا, بحيث أن المتابعين لهذا الأمر يلاحظون أن الساحات الشعبية تنقرض وتتلاشى يوماً بعد آخر بسبب زحف البناء العشوائي من قبل الدولة من خلال بناء المؤسسات مثل الدوائر الرسمية او المدارس والجوامع أو من قبل الأهالي دون حساب أو رقيب من قبل الجهات المختصة , أضف الى ذلك التخطيط الخاطئ من قبل محافظة بغداد من خلال بناء ملاعب الخماسي المغطاة بالتارتان التي غزت جميع المساحات الفارغة في العاصمة ما أدى الى قتل روح الموهبة لدى الكثير من لاعبينا والاتجاه الى هوايات أخرى لكون هذه الملاعب لا تلبي الطموح لدى الشباب والناشئين لعدم منح الفرصة لهم لممارسة هواياتهم أو من خلال حدوث إصابات لكونها ملاعب غير مستوفية لشروط الأمان بالنسبة للاعبين من ناحية الأرضية.
نجوم الفرق الشعبية
خبير الفئات العمرية كريم علي كان له رأي عندما قال وبحزن عميق: في عام 1986 تألقت الكرة العراقية بشكل مثير،عندما لعب منتخبنا الوطني في نهائيات كأس العالم لاول مرة في تاريخه، لم تكن حينها في العراق إلا مراكز قليلة للمدارس الكروية، بل كانت الفرق الشعبية هي التي تمول المنتخبات الوطنية العراقية باللاعبين ولمختلف الأعمار، حيث كان المرحوم المدرب عمو بابا، والمدرب الاجنبي آبا وحتى داني ماكلنن، يبحثون عن المواهب الكروية في الملاعب الشعبية، يومها أصبح للعراق أكثر من منتخب كروي، نتيجة تواجد المواهب التي قدمت أروع العروض، وفي نهاية التسعينات كانت لمدرسة عمو بابا الحصة الأوفر في تخريج اللاعبين والزج بهم الى المنتخبات الوطنية، لكن بعد وفاة عمو بابا أهملت المدرسة، وهجرت من مكانها لاسباب مختلفة، وفي السنتين الماضيتين شاهدنا حملة كبيرة من أجل تأسيس المدارس التخصصية لكرة القدم، حتى وصل عددها الى أكثر من 100 مدرسة وفي أماكن مختلفة من بغداد، القسم الأكبر من المدارس يسجل اللاعب مقابل مبلغ من المال يدفعه الآباء لغرض التعلم، كما أن لساحات الخماسي أيضاً الحصة الأوفر في اختفاء الملاعب الشعبية.. وها هي النتيجة، اختفاء المواهب وتدهور الكرة العراقية بكافة منتخباتها الوطنية
غزو أكاديمي وخماسي!!
فيما قال المدرب سالم حسين: لقد انتهت الكرة العراقية بتواجد ملاعب الخماسي والأكاديميات الكروية، في السابق كانت كرتنا تعيش أحلى انتصاراتها بفضل الملاعب الشعبية التي خرّجت الأجيال، بينما اليوم مع تلاشي الساحات الشعبية اصبحت الكرة العراقية في حال يرثى له والدليل خروج منتخباتنا الوطنية صفر اليدين من أية بطولة يشاركون فيها. واضاف حسين أن التخطيط غير صحيح إطلاقاً خاصة بعد كثرة ملاعب الخماسي والأكاديميات، حيث ساهمتا في تدهور أوضاع الكرة برغم كثرتها في العراق، فساحات الخماسي صغيرة ولا تطور اللاعب من ناحية اللياقة البدنية، وحتى المهارات كون أرضيتها من التارتان الذي يساهم في إصابة اللاعبين، اما الأكاديميات فاللاعب الصغير صاحب الموهبة عندما يريد أن ينضم اليها يكون ذلك مقابل ثمن وبعض اللاعبين من أصحاب المواهب لايمتلكون فلساً واحداً وليس باستطاعتهم الانضمام الى الأكاديمية، وفي هذه الحالة يذهبون الى ساحة الخماسي التي تسهم بإصابتهم وبالتالي ترك الكرة الى الأبد..
تخطيط غير مبرمج
أما اللاعب الدولي السابق أحمد سعيد فقال: لقد انتهت الكرة العراقية، بل شُيّعت الى مثواها الأخير نتيجة التخطيط غير المبرمج من قبل القائمين عليها، فاتحاد الكرة العراقي كانت مساهمته واضحة في تدهور أوضاع الكرة من خلال عدم إقامته لدوري الفئات العمرية، وشاهدنا الانتكاسات المتكررة لكرتنا للمنتخبات الوطنية جميعها وآخر الإخفاقات خروج منتخبنا الوطني من الادوار الاولى لبطولة آسيا التي خطف كأسها منتخب قطر.. عدم امتلاك لاعبينا اللياقة البدنية كان عنوان الانتكاسة…عموما أمور كثيرة ساهمت في تردي أوضاع كرتنا لكن القسم الأكبر منها اختفاء الساحات الشعبية وتواجد الآلاف الساحات الشعبية والمدارس الكروية…أتمنى أن يكون هناك تخطيط مبرمج من قبل اتحاد الكرة في اقامة دوري للفئات العمرية من اجل بروز المواهب الكروية وبالتالي في نهضة كرتنا بعد أن غرقت في بحر الانتكاسات.