العراق بوصلة العرب نحو دمشق

687

سرمد ارزوقي/

تمثل زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، مطلع الشهر الجاري، دافعا قويا للجهود التي قادها العراق خلال السنوات التي اعقبت دحر”داعش” لإعادة سوريا الى الجامعة العربية، بهدف انهاء عزلتها عربيا ومساعدتها في تجاوز وضعها بدعم حوار داخلي بين القوى السياسية السورية.
ومنذ انتصار سوريا في الحرب ضد الإرهاب، عمل العراق، بالتعاون مع دول عربية، على حشد الجهود لإعادة سوريا الى الجامعة العربية، وقد حظيت التوجهات العراقية بمساندة من الجزائر ومصر والأردن وتونس، لكنها قوبلت بتحفظ خليجي، ولاسيما من المملكة العربية السعودية وقطر.
وتأتي الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الى دمشق ولقائه الرئيس الأسد تتويجا لحراك اماراتي بدأ منذ العام 2018 بعد أن كانت أبو ظبي جزءا فاعلا من التحالف الداعي لإسقاط الحكومة السورية، الذي ضم، اضافة الى دول غربية، قطر وتركيا والسعودية.
انفراط عقد التحالف
الصراع مع الإخوان المسلمين واتساع الشرخ في علاقة الامارات بالمحور التركي القطري، أديا الى انفراط عقد التحالف، ولاسيما بعد المقاطعة الخليجية لقطر وتهديدات انقرة باللجوء الى القوة لمعاقبة الإمارات، وسلسة طويلة من التداعيات الإقليمية التي وضعت الإمارات بمواجهة تركيا وحلفائها، لكن نجاح سوريا في الانتصار على القوى الارهابية التي تدعمها تركيا كان دافعا اساسيا للتوجه الإماراتي نحو دمشق.وقد عملت حكومة الكاظمي على حث الدول العربية على التقارب مع سوريا وتجاوز الخلافات، وترتكز الخطط العراقية في هذا الإطار على تعضيد جهود التهدئة بين الدول الإقليمية الفاعلة والتي ترتبط بعلاقات تاريخية تتجاوز الأزمات الراهنة.
خطوات ملموسة
والواقع أن الإمارات أعربت مراراً عن سعيها في تعزيز العلاقات مع سوريا، وشهد العام الفائت لقاءات متعددة بين الجانبين، كما عملت على توسيع نطاق التبادل التجاري مع دمشق، حتى غدت من أبرز الشركاء التجاريين لسوريا على المستوى العالمي، إذ تحتل المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً، وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي خلال العام الماضي 2020 نحو 2.6 مليار درهم.
وحتى مع غياب سوريا عن قمة الشراكة التي دعت اليها بغداد عدداً من الدول الاقليمية، فإن وكيل وزارة الخارجية العراقي نزار الخير الله اكد أن سوريا حاضرة بقوة في السياسية العراقية، وان العراق يعمل بقوة على اعادتها الى الجامعة العربية.

البوصلة تتجه إلى دمشق
وكشف امين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن العراق والجزائر والأردن تعمل على اعادة سوريا الى الجامعة العربية، وفي الواقع فإنه -باستثناء السعودية وقطر- فإن الطريق يبدو معبّدا لعودة سوريا الى الجلوس في مقعدها الشاغر منذ عام 2011.
إن انضمام الامارات الى الجهد الذي يقوم به العراق بدأ في مارس/آذار الماضي، عندما دعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى ضرورة عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.
وقال الشيخ عبد الله آل نهيان، آنذاك، إنه من الأدوار المهمة لعودة سوريا هو أن تعود لجامعة الدول العربية، وهذا يتطلب جهدا أيضا من الجانب السوري كما يتطلب جهدا من الزملاء في الجامعة العربية. وأضاف أن الأمر يتعلق بالمصلحة العامة، أي مصلحة سوريا ومصلحة المنطقة، لافتا إلى أن هناك “منغصات” بين الأطراف المختلفة، لكن لا يمكن لنا سوى العمل على عودة سوريا إلى محيطها.إن التحول الدولي والإقليمي ازاء سوريا بعد نجاحها في الصمود ودحر القوى الارهاب سرّع بطرح عودة سوريا الى الجامعة العربية، وعلى الرغم من التحفظات التي يظهرها عدد من الدول الخليجية فإنها لم تعِق جهود العراق وعدد من الدول في تلطيف الأجواء بين سوريا والدول العربية، تمهيدا لعودة صار من غير المجدي الوقوف بوجهها.
فحتى دول أوروبا التي قطعت علاقتها مع سوريا عادت إلى دمشق وباتت تتحدث عن نيتها إعادة فتح سفاراتها في دمشق، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا ورومانيا والتشيك.كما ان الحضور العربي يشير الى توجه البوصلة نحو ازالة جميع العقبات التي تبعد سوريا عن دورها المؤثر في القضايا العربية. ومؤخرا التقى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، نظيره التونسي عثمان الجرندي، ونظيره المصري سامح شكري، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وذلك خلال الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

قمة الجزائر
وتتيح الجهود العراقية، التي اتسعت دائرة دعمها عربيا، للجزائر تحقيق نجاح دبلوماسي في رفع التجميد عن سوريا، تدعم ذلك قناعات اقليمية أن بقاء سوريا خارج الجامعة لا يخدم التوجهات الجديدة.ويحتاج الأمر بالطبع الى صفقة سرية مع الدول المتحفظة على العودة السورية، بشروط مناسبة تطالب دمشق بالالتزام ببعض الشروط لإقناع الدول الخليجية والقاهرة بأن الوقت حان لعودة سوريا الى مكانها الطبيعي.