العراق يعـيد بناء مصانعه الحربية

634

طه حسين /

على أنقاض مصانع حربية كبيرة جرى تدميرها ونهبها وتشتيت خبرائها ومهندسيها عام 2003، أعاد العراق، قبل خمس سنوات، بناء مصانعه الحربية بهدف تطوير أسلحته الحربية، لأهداف سياسية واقتصادية وعسكرية، وخلال هذه السنوات تحقق الكثير.. لكن التطلعات أكبر.
ترتبط قوة واستقلالية قرارات وعلاقات أية دولة من دول العالم بقدرتها على امتلاك أسلحة حديثة ومتطورة ورادعة، تمكنها من الدفاع عن أراضيها ضد أي عدوان أو محاولات داخلية أو خارجية للمساس بوحدتها وسلامة شعبها.
كان هذا لوحده دافعاً للعراق للعمل على إنشاء هيئة الصناعات الحربية وتسمية المهندس محمد صاحب الدراجي رئيساً لها.
الدراجي أكد أن إعادة عمل هيئة الصناعات الحربية جاء بعد أن صوّت مجلس النواب في الشهر التاسع من العام 2019 على مشروع قانون يهدف الى إنشاء قاعدة للصناعات الحربية، إذ ربطت شركة الصناعات الحربية بها، علماً بأن الشركة مستحدثة بعد أن دمجت أربع عشرة شركة تصنيع حربي سابقة بها، وكانت تلك الشركة قد باشرت فعلياً في العام 2016 من خلال إنتاج نماذج أولية من قنابر الهاون وصاروخ من عيار 107.
خطوة متقدمة.. ولكن
أوضح الدراجي أن الهيئة تمتلك عدداً من المصانع العاملة، لكنها بحاجة الى دعم حقيقي من البرلمان والحكومة والشعب، وكذلك الإعلام لتتمكن من تطوير صناعاتها، مؤكداً أن امتلاك الشعب لصناعته الحربية ضمان لحفظ كرامة وسيادة البلد، لأنها تؤمن له الاكتفاء من الأسلحة والأعتدة للدفاع عن نفسه مقابل قوى الشر والقوى الأخرى التي تحاول أن تنتهك سيادته. وبدون تطوير تلك الصناعة لا يمكنه العيش في هذا العالم، ولفت الى أن الهيئة تمتلك 28 مصنعاً موزعة بين شركتين، هما الشركة العامة للصناعات الحربية، والشركة العامة للصناعات الميكانيكية والنحاسية.
صناعة متقدمة
وقال رئيس الهيئة إن الشركة تمكنت من تشغيل أربعة خطوط حالياً: خطان منها يعملان لإنتاج العربات المصفحة والألغام المضادة للدروع، إضافة الى خط لإنتاج الطائرات المسيّرة الاستطلاعية، وخط لإنتاج قنابر الهاون والمدافع الثقيلة بمختلف أنواعها وأحجامها، مشيراً الى أن صناعتنا المحلية تضاهي الصناعة العالمية من حيث الجودة والنوعية، لافتاً الى أن لدى الهيئة كفاءات قادرة على تطوير قدرات التصنيع الحربي في البلاد، بما يؤمن حاجة البلاد منها، ولاسيما الأسلحة الخفيفة والمتوسطة التي ستعود بالفائدة الاقتصادية على البلاد، ولاسيما أن البلاد تستورد ماقيمته أكثر من أربعة مليارات دينار من الأسلحة والأعتدة لصالح القوات الأمنية.
خطة ستراتيجية
وبيّن الدراجي أن الهيئة أعدت خطة واعدة لإعادة إحياء الصناعة الحربية في البلاد، وجرى التداول والتباحث مع شركات عالمية في إمكانية بناء صناعة عسكرية محلية للأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأعتدتها، مبيناً أن الهيئة تقوم بأداء دورها في نقل التكنلوجيا من العالم الى العراق، لافتاً الى حاجتها للدعم المادي لتنفيذ تلك الخطط، ومن المؤمل إضافة تلك التخصيصات خلال موازنة العام المقبل، مشيراً الى أن منتجات الهيئة هي لدعم ورفد الجيش العراقي بجميع المستلزمات الضرورية من الأسلحة والأعتدة لتمكينه من القيام بواجباته في الدفاع عن أرض الوطن وحماية شعبه من مخططات العصابات الإرهابية التي تحاول النيل من وحدة البلاد وأمن شعبها.
خبرة مكتسبة في هذا المجال
ويعتقد الخبير الأمني الدكتور فاضل أبو رغيف أن العراق لديه خبرات مكتسبة من التجارب السابقة له في صناعة الأسلحة، التي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي، والخبرة التي اكتسبتها أيضاً من خلال الحروب التي خاضتها البلاد، لذا بالإمكان إعادة بناء تلك الصناعات من خلال توأمة هذه الخبرات مع الخبرات الغربية والأوربية، وبالأخص دول أوروبا الشرقية، التي اعتاد العراق على التعامل معها في هذا المجال باستيراد خطوط إنتاجية جديدة لصناعة الأسلحة والأعتدة، ولاسيما الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأجهزة الاتصالات والأجهزة الدقيقة والنواظير الليلية وسلاح القناص، التي نحتاجها في حربنا المقبلة ضد العصابات الإجرامية والإرهابية.
أولوية حكومية
وأوضح أن إعادة بناء وتطوير الصناعة الحربية المحلية ستكون من ضمن أولويات الحكومة المقبلة، التي يتعين عليها تقديم الدعم والاهتمام لهذه الصناعة، ولاسيما أن البلاد تمر بمرحلة جديدة في مكافحة الإرهاب، لذلك يتوقف عليها وقف نزيف الخزينة والدين الخارجي الذي ارتفع بسب استيراد الأسلحة والأعتدة لإدامة زخم المعركة ودعم قواتنا المسلحة في حربها ضد الإرهاب، ولاسيما أن اقتصادنا المحلي اقتصاد ريعي يعتمد على موارده في تصدير النفط فقط، لذا فنحن بحاجة الى تطوير الصناعة المحلية لجميع هذه الاعتبارات، بمعنى أن تكون عملية التصنيع (حاجوية)، أي حسب حاجة الأجهزة الأمنية لذلك.
وزارة الدفاع
من جانبه، أكد وزير الدفاع، جمعة عناد الجبوري، أن الوزارة وقعت مذكرة تفاهم مع هيئة الصناعات الحربية لشراء الأسلحة والأعتدة المصنّعة من قبل الهيئة، مشيراً الى أن الوزارة رحبت بإعادة إحياء الصناعات الحربية في البلاد، وتعهدت بدعم هذا المشروع من خلال شراء منتجات شركات الهيئة من أسلحة وأعتدة كدعم وتشجيع من الوزارة للصناعة الوطنية.
ودعا في أحاديث صحفية الى تطوير عمل الهيئة لتتمكن من إعادة وتطوير صناعاتها الحربية لتكون الرافد الرئيس والأساسي لرفد القوات الأمنية العراقية بجميع اصنافها بالأسلحة والأعتدة، مشيراً الى أنه لمس إصراراً واضحاً من قبل العاملين في الهيئة لتطوير عملهم وفق الإمكانيات والخبرات التي يمتلكونها، التي ستؤهلهم لوضع أقدام الصناعة الحربية في البلاد على الطريق الصحيح.