14 منهن لم يصلن ب”الكوتا” مساحة أوسع للنساء في البرلمان
آية منصور /
افرزت صناديق الاقتراع في الانتخابات العراقية العديد من المفاجآت من بينها فوز أكثر من أربع عشرة امرأة بمقاعد البرلمان من دون الحاجة إلى الكوتا، ليرتفع التمثيل النسوي إلى 97 امرأة، ما يمثل أوسع مساحة تحتلها المرأة من مقاعد البرلمان البالغة 329 مقعداً في جميع الدورات النيابية.
وفقا للنتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن عدداً من النساء حققن فوزاً ساحقاً في الانتخابات، وتصدرن قوائمهن متغلبات على سياسيين بارزين ونواب معروفين، وعلى برلمانيات سابقات ينتمين إلى قوى متنفذة. من بين الفائزات تبرز أسماء: سروة عبد الواحد عن حزب الجيل الجديد، وميساء الصالحي عن كتلة امتداد في ذي قار، وإيفان فائق عن حركة بابليون، مع عدد من النساء المستقلات.
وحصلت النساء على 20.66 بالمئة من عموم الأصوات في العراق، حصلت الفائزات منهن على 22.7 بالمئة من أصوات الفائزين.
وكانت أعلى فائزة من حيث الأصوات هي سروة عبد الواحد بـ28٫987 صوت، أما أقل فائزة من حيث عدد الأصوات فكانت ابتسام الإبراهيمي بـ1730 صوتاً.
عدد من النساء ينحدرن من محافظات عرفت بطابعها الذكوري، وتشكو نساؤها التمييز الاجتماعي والثقافي والسياسي، يتطلعن إلى تغيير جدي في واقعهن نحو الأفضل، لكن النساء في كل الدورات السابقة -باستثناءات غير مؤثرة وأقرب إلى الفردية- كنّ مجرد إطار لديكور يزين مشاريع قوى سياسية منشغلة بقضايا بعيدة عن اهتمام النساء.
المجتمع النسوي العراقي يريد استثمار فوز النساء، ولاسيما المستقلات منهن، لتحقيق الكثير من المطالب التي ظلت على رفوف نسيان مجالس النواب السابقة، ولم تحظ النساء حتى بدعم قريناتهن اللائي يمثلن في الواقع أجندات القوى السياسية التي يمثلنها.
لهذا عادت أصوات النساء تصدح من جديد بما يعتقدن أنها حقوق أهملتها البرلمانات السابقة ولم تدعمها النساء اللائي وصلن بتأثير أحزابهن.
فثمة أحلام تتشارك فيها غالبية النساء، لعلها المساواة في الحصول على حق العمل وتبوّء المناصب، وتحسين واقع النساء وإتاحة المجال أمامهن لممارسة دورهن في المجتمع.
المسؤولية القاسية
تقول إيفان فائق، التي فازت بمجمل الأصوات في مختلف محافظات العراق، بمعدل ١٣٧٦٢ صوتاً، “إن مسؤولية نساء البرلمان كبيرة، ولاسيما حملهن لقضايا المرأة، والقضايا العامة، وقد ركزت خلال برنامجي الانتخابي على تشريع القوانين التي تصون الأسرة وتمنع العنف الأسري وتنهض بدور المرأة وضمان حقوقها.”
وتعتقد فائق أن أبرز الإشكالات التي تواجه المرأة العراقية هي النظرة النمطية للنساء والتشكيك في قدراتهن على العمل بنفس كفاءة الرجل وحصر دورها في الوظائف العادية.
وتؤكد فائق أنها ستضع يدها مع زميلاتها في البرلمان للنهوض بدور المرأة عبر الدفع بمشاريع قوانين تضمن حقوق المرأة في جميع النواحي، سواء أكانت على المستوى السياسي أو الاجتماعي.
وبحسب بيانات المفوضية المستقلة للانتخابات، فإن من بين 329 مقعداً في البرلمان العراقي المقبل، استحوذت النساء (من مختلف التوجهات الحزبية) على 97 مقعداً، كما لم تحتج 57 من المرشحات الكوتا للفوز، أي أنهن نلن الفوز دون الحاجة للكوتا.
وحظيت بغداد بأعلى مساحة من التمثيل النسوي في البرلمان بـ فائزة على 17 دائرة انتخابية، فيما حظيت نساء المثنى بأقل عدد من النساء بمقعدين للنساء من دائرتين انتخابيتين.
تجاوز الإحباط
ما تحقق للنساء العراقيات من مساحة تمثيل ومن حضور نسائي مستقل، قد يساعد في تجاوز الإحباط الذي خلفه هذا التمثيل الذي لم يحقق للنساء -بحسب الناشطة بشرى العبيدي- إلا المزيد من الإحباط.
وتشير القاضية والناشطة في حقوق المرأة بشرى العبيدي إلى أن عدد النساء ليس هو محور الاحتفاء بالإنجاز النسوي، لكن هنا نتحدث عن خارطة جديدة تضم نساء مستقلات، عدد منهن كان لهن حضور في ميدان الدفاع عن حقوق النساء، ففي الدورة السابقة كانت هناك ٨٤ نائبة في البرلمان السابق، لكنهن لم يتحركن لتقديم أي نوع من الدعم للمرأة العراقية، باستثناء عدد قليل جداً منهن، وبالتالي فلم يستطعن تمثيل شريحة النساء.
ولفتت إلى أن الناشطات النسويات طالبن بكوتا من النساء الناشطات المنشغلات بقضايا المرأة، لكن الأمر قوبل بالرفض، لكننا نعلق الآمال على هذا النوع من الحضور النسوي ونعده بداية جيدة يمكن البناء عليها.
وتقول العبيدي إن النساء المستقلات، وحتى الحزبيات، ينبغي أن ينشطن للتكاتف معاً بهدف تشريع قوانين تخدم النساء العراقيات، وبالتالي فإن ما يتحقق للمرأة هو إنجاز لعائلتها وبلدها، لهذا نريد أن نرى نائبات يتمتعن بالقوة والشجاعة والاستقلالية ويؤمنّ بأن تقدم البلاد مرهون بتقدم المرأة وضمان حقوقها.
كتلة نسوية لدعم المرأة
وتدعو القاضية بشرى العبيدي الفائزات في الانتخابات إلى تشكيل كتلة نسوية مستقلة قادرة على صنع القرار، موضحة أن بعض النائبات السابقات كن على دراية تامة بما تحتاجه المرأة العراقية وما تعانيه من عوز وحرمان، لكنهن لا يعرفن –ربما- كيف يساعدن النساء، فما تحتاجه النسوة من النائبة ليس الدعم المالي، بل إلى قوانين تسندهن في مواجهة تعقيدات الحياة.
تضيف: نحتاج اليوم إلى صوت مدافع، صوت يستطيع أن يكون بجانب أوجاع العراقية، ومن المفارقات أن نجد بعض البرلمانين من الرجال يساندون قضايا المرأة، لكننا صُدمنا بوجود نائبات معارضات لكثير من الأمور التي تحسن حياة النســـاء وترفع عنـــــــــــهن الغبن!
وتشدد العبيدي على أهمية أن تفرض المرشحة موقفها في الدفاع عن قضايا النساء، بل وتحارب من أجلها، معربة عن أملها بوجود عدد لا يستهان به من النساء اللائي عرفن بجرأتهن وشجاعتهن في الدفاع عن قضايا الوطن.
قضايا ملحة
يقول المحامي في مجال حقوق المرأة، محمد جمعة، إن ثمة قضايا ملحة تنتظر البرلمانيات، من بينها معالجة أوضاع النساء الاقتصادية وانتشالهن من العوز، لافتاً إلى أهمية القضايا الاجتماعية، فأحدث إحصائية لمفوضية حقوق الإنسان في عام ٢٠٢٠ أكدت أن فتاة واحدة تنتحر كل يومين في العراق، والغالب الأعم في حالات انتحار الفتيات يعود سببه للعنف الأسري وغياب الحلول، إذ مازال العراق يفتقر إلى قانون العنف الأسري، ما يجعل الضحية تصل مرحلة اليأس والخوف من الحياة، وهذا واحد من التحديات التي ينبغي للنساء النهوض بها تحت قبة برلمان جديد ومتنوع.
ولفتت مديرة منظمة آيسن لحقوق الانسان، انسام سلمان، الى ان اغلب المرشحات، لم يضعن في برامجهن الانتخابية مساحة مخصصة لدور المرأة في المجتمع، لكنها ورغم ذلك، متفائلة ومؤكدة دعهما الكامل كمديرة منظمة للبرلمانيات الجديدات، وتعتقد ان اغلب الفائزات، لسن على دراية كافية بفهم دور النساء السياسي وثقله في البرلمان ، لكن من الممكن ان يتغير التوجه السياسي، متى ما وقفت المرأة بجانب المرأة نفسها.
وترى سلمان، انه يمكن تعزيز فكرة الاهتمام بالمرأة العراقية من خلال الدورات والورش المقدمة، لاسيما ان النساء في الدورة
السابقة لم ينصفن المرأة ما خلق فجوة وخوف من قبل المجتمع النسوي، بالنساء اللائي دخلن العملية السياسية.