أفلام سينمائية رهن الأخطاء التأريخية
#خليك_بالبيت
إعداد “مجلة الشبكة” /
هل يمكن أن تصبح السينما أحد العناصر المؤثرة فى كتابة التاريخ؟.. وهل يمكن الاعتماد عليها كوثيقة تؤرخ لوقائع تاريخية، خاصة المعاصر منها، لصناعة السينما وللإنتاج السينمائى؟ ومابين الواقعة والزمن هناك عامل مشترك بين السينما والتاريخ، ويكمن الخلاف في التحليل والسرد
تسعى السينما إلى سرد الوقائع حسب التسلسل الزمني وإعادة ترتيب الوقائع وفق خيال سينمائي, بينما يكتفي التاريخ بالتفسير وفهم الأحداث، وكانت اخطاء تاريخية عديدة ارتكبتها الافلام السينمائية موضع نقاش، الأخطاء التاريخية التي شهدتها الأفلام السينمائية كانت موضع نقاش لنقاد الفن السابع. وهناك أمثلة مشهورة عدة ارتكبت فيها أخطاء واضحة رغم حصول بعض تلك الأفلام على جوائز أوسكار.
فيلم (300)
هو فيلم ملحمي من إخراج زاك سنايدر وبطولة جيرارد بتلر، يستعيد أحداث معركة ترموبيل عام 48 قبل الميلاد وقتال ملك إسبرطة ليونيداس و300 محاربيه حتى الموت بمواجهة خشایارشا وجيشه الفارسي الأسطوري، لتنشأ إثر هذه المعركة ما يمكن اعتبارها أول ديمقراطية في العالم. أثار الفيلم الجدل بسبب تزامنه مع تصاعد حدة الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران بسبب برنامجها النووي، واتهمت الأخيرة هوليوود بالترويج لفكرة مغلوطة عن الفرس والحضارة الفارسية بشكل عام. ولا يعرف بالضبط إن كان صانعو الفيلم يقصدون تنفيذ فيلم تاريخي أم مجرد دراما مستوحاة من أحداث تاريخية، فالفيلم لا يلتزم بأي من الأحداث التاريخية الواقعية سواء في تفاصيل موقعة ترموبيل أو في ملابس الملك وكذلك في سن أعضاء المجلس الإسبرطي، بينما كانت المغالطة التاريخية الكبرى في فكرة قتال الجيش وهو عار إلا من شورت جلدي وهو ما ينافي الواقع تماماً.
فيلم (المصارع)
هو فيلم تاريخي شهير من إخراج ريدلي سكوت وبطولة راسل كرو وخواكين فينيكس ودجيمون هونسو، حصد خمس جوائز أوسكار من بينها جائزة افضل فيلم، كما فاز الفيلم بجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم دراما وأفضل موسيقى. تدور أحداث الفيلم في إطار مليء بالتشويق والإثارة أيام الإمبراطورية الرومانية عن ماكسيموس قائد الجيش السابق الذي يتحول إلى عبد مملوك ثم مصارع يسعى للانتقام من كومودوس الذي قتل زوجته وابنه. تقول الوقائع التاريخية إن كومودوس لم يكن مجنوناً مختلاً كما صوره الفيلم، بل كان إمبراطوراً جيداً استمرت فترة حكمه لعقود طويلة، ولم يتطرق التاريخ بأي شكل من الأشكال لمسألة قتله لوالده، كما أن وفاته حدثت بشكل طبيعي بسبب المرض، وليس في ساحة المصارعة كما صور الفيلم ذلك.
فيلم (بيرل هاربر)
هو فيلم درامي حربي من إخراج مايكل باي وتمثيل بن أفليك وجوش هارتنت. يتناول الفيلم الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية وغارة دوليتل التي تبعته، وهي الأحداث التي أدت إلى دخول الولايات المتحدة بشكل فعلي في الحرب إلى جانب قوات الحلفاء. حصل الفيلم على جائزة أوسكار لأفضل مونتاج صوتي عام 2002، كما حقق أيضاً نجاحاً جماهيرياً عالمياً على مستوى شباك التذاكر، إذ بلغ إجمالي الإيرادات 449 مليون دولار، رغم أن ميزانية إنتاج الفيلم لم تتجاوز الـ 198 مليون دولار .في بداية الفيلم، يقول والد داني أنه قاتل النازيين في صفوف قوات الحلفاء الفرنسيين في فيردان، لكن الوقائع التاريخية تشير إلى أن المعركة انتهت قبل وصول القوات الأمريكية أصلا إلى أوروبا، كما أن تصوير الفيلم للبطلين راف وداني وهما يتغلبان على عدد كبير من الطائرات المغيرة أمر مبالغ فيه، فالواقع يؤكد أن عدد الطائرات اليابانية المهاجمة التي تم التغلب عليها كانت أقل من ذلك العدد بكثير.
فيلم (مملكة السماء)
فيلم أمريكي تاريخي من إخراج ريدلي سكوت وبطولة أورلاندو بلوم وإيفا غرين وغسان مسعود، تدور أحداثه في القرن الثاني عشر خلال فترة الحروب الصليبية، وهي قصة الحدّاد باليان القادم من قرية فرنسية في اتجاه القدس للمشاركة في المعارك التي دارت بين المسيحيين والمسلمين في محاولات استرداد المسلمين للمدينة بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وهي المواجهات التي انتهت بانتصار المسلمين في معركة حطين وفكهم الحصار عن القدس. رغم الجودة العالية للفيلم إلا إنه حافل بالأخطاء التاريخية، فالعلاقة بين باليان وسيبيل لا وجود لها، بل إن باليان في الواقع كان كهلاً كبيراً في السن، وليس شاباً كما صوره الفيلم، لم يدم احتلال القدس اكثر من قرن كما جاء على لسان الممثلين في الفيلم، بل 88 عاماً بالضبط بين 1099 و 1187 ميلادية، أضف إلى ذلك أن تصوير ميزان القوى بين جيوش صلاح الدين والصليبيين كان مبالغاً فيه، فتعداد قوات صلاح الدين لم يتجاوز 12 ألف مقاتل في معركة حطين، وهو عدد أقل بكثير من تعداد القوات الصليبية عكس ما حاول الفيلم إيصاله.
الطريف هنا أن بعض الجمعيات المسيحية المتشددة في أوروبا والولايات المتحدة رفضت محتوى الفيلم لهجومه، حسب رأيها، على المسيحيين وتقديمه صورة إيجابية عن المسلمين.